( العالم كله مسرح ونحن عليه ممثلون، كلٌ له لحظة دخوله إلى المسرح ولحظة مغادرته له وكلٌ يؤدي عدة أدوار في الزمن الذي يعيشه ).
هذه الكلمات من مسرحية ” كما تحب ” لشكسبير
تثير هذه الكلمات تساؤول :
إلى أي مدى يكون الإنسان حراً فيما يفعله ويقرر مجرى سلوكه؟!
وإلى أي مدى يكون سلوكه وتصرفاته مجرد رد فعل لقوى بيئية وعقلية وأخرى خفيه ؟
…….
سيجموند فرويد من علماء النفس الذين اتفق معهم قليلاً واختلف معهم كثيرا بغض النظر عن يهوديته ونظرياته الغريبة نوعا ما، فقد رسم الإنسان بألوان جنسيةصاخبةوجعل الغريزة الأشبه بالحيوانية محور كل تصرفاته ودوافعه وحتى أحلامه ..!
وقد اتخذ من التداعي الحر و تحليل الأحلام أساليب لدراسة الشخصية وفك رموزها وجعل مرحلة الرشد والنضج ترجمان لما تكوم في اللاشعور من خبرات الطفولة السابقه .. فإن أردت تذكرة دخول لفهم ذاتك لابد وأن تقص تلك التذكرة من محطات الطفولة الماضيه .
يعجبني تحليله للحلم الذي يتفق مع الحقيقة في مواضع وقد يتعرى منها في أخرى، لكنه تحليل يحمل الكثير من جمال الفلسفة والتأملات العميقة إلى حد بعيد.
يقول أخينا فرويد ( إن مايتضح جليا أنه المحتوى الجوهري في أفكار الحلم لايتمثل بالضرورة في الحلم!فللحلم محور مختلف . أي أن محتواه ينتظم حول عناصر غير التي تشغل في أفكاره نقطة المركز.والحلم يدخل في حسابه جملة يجمعها في صورة موقف أو حدث).
وهو بذلك يحذو (الحلم ) حذو الرسام الذي رسم صورة مدرسة اثينا ، فحشد في الصورة جميع الفلاسفة والشعراء الذين مااجتمعوا قط في رواق واحد ، ولكنهم مع ذلك يؤلفون يقينا صحبة واحدة بالمعنى التصوري المجرد.
وأخيرا فإن الحلم حسب رأي فرويد ماهو إلا تحقيق ( مقنع ) لرغبات مكبوتة وماهو إلا محاولات توفيق بين مطالب دافع مكبوت وبين مقاومة تبذلها الرقابة في الأنا.
وفرويد يوافق نيتشه ويعتبره مصيبا عندما قال:
( إن في الحلم بقية من الإنسانية لم تمت وماعدنا اليوم نملك بلوغها عن طريق مباشر)
………
(( منعطف آخر ))عندما يرهقني السيد فرويد بنظرياته المتصارعة أُفضل الهروب لساحات ماسلو الذي كرَّم الإنسان وفسر سلوكياته ونزعاته بأنها تنبع من حاجات أساسية فطرية متدرجة سامية وأبرز ماقدمه هو هرمه للحاجات الإنسانية فلا ننتقل من مستوى إلى آخر اتجاها من قاعدة الهرم لقمته إلا بعد أن نشبع حاجات المستوى نفسه وكأن كل مستوى يترتب على اشباع ماقبله من مستويات.
وصدقا لم أجد أفضل من القرآن والدين كأسلوب يشرح النفس الإنسانية مراعيا نزعاته مهذبا لغرائزه معترفا بها دون قمع لها.
لذلك نحن بحاجة أن ندرس علم النفس الإسلامي أكثر وأن نقرب بينه وبين واقعنا لحياة سلمية مرضيه فهو لم يقمع الغرائز لكنه كبتها لفترة معينه وزودنا بالوسائل المعينة على ذلك وهذبها و أوجد متنفس لها فشرع لنا الطرق الحلال للتنفيس عنها لتفادي أي عواقب وخيمه قد تلُحق الضرر النفسي أو الإجتماعي بنا، ثم وضع قوانين وتنظيمات تنتظم بها حياتنا و جعلنا مأجورين على مانهينا عنه للتقليل من مقدار التذمر أو القلق الذي قد يغتالنا..!
حتى أنه دعانا للتفكر والتدبر في كل صغيرة وكبيره ليعلمنا أن لانأخذ بسلبية وجمود فأخذ يثبت وجوده جل وعلا ببراهين ملموسة نفقهها و نراها نحن المخلوقين تدرجيا ليصل للغيبيات . نظام نفسي محكم لاتجد فيها ثغرة إلا ووجدت مايسدها فسبحان من خلق تلك النفس لنحيا بها..!
ولا أعلم هل تنقلاتي هذه تعد بحثا عن الحقيقة أم ضربا من ضروب التناشز المعرفي كما قال فستنكر
التناشز أو التنافر المعرفي : هي حالة من التعارض والتناقض بين مايعتقد به الفرد وبين مايقوم به من سلوك. فقد تؤمن من خلال ماأمدتك به البحوث العلمية م معلومات أن هناك علاقة بين التدخين والإصابة بالسرطان ولكنك مع ذلك تستمر بالتدخين وتغرق كثيرا في أي معلومة قد تناقض تلك المعلومات والبحوث التي تثبت احتمالية إصابتك بالسرطان..!