ما قيمة العالم باسره في نظر القلب، اذا خلا من نعمة الحب؟
انه يكون اشبه بالفانوس السحري من غير ضوء، فاذا ما ادخلت فيه المصباح لا تلبث ان ترى صورا جمة الالوان على الحائط الابيض. وترانا وان لم نجد غير تلك الاشباح الزائلة والاخيلة الباطلة، نسعد بالوقوف والنظر اليها، كالاطفال ذوي القلوب الفتية الفضة تبهرهم تلك الرؤى العجيبة والصور الغريبة.
انا اتالم جد الالم لاني فقدت ما كان يجعل حياتي بهيجة ولذيذة، فقدت تلك القوة المقدسة المنعشة التي كانت تخلق حولي عوالم كثيرة! فتجدني اذا تطلعت من النافذة فرأيت عروس الصبح تخترق اشعتها حجب الضباب فوق الهضاب البعيدة، وتضيء مروج الوادي الخالية الصامتة، وابصرت النهر العلوي يسعى الى منسابا بين اشجار الصفصاف العارية انسياب العنفوان، اقف وقفة المتعجب المرتاب اساله نفسي! لم اصبحت هذه الطبيعة الجميلة امامي باردة خامدة كانها صورة مطبوعة ملونة؟ وكيف لا يستطيع كل ما ارى من جمال وسحر ان يحمل القلب على ان يرسل الى المخ قطرة واحدة من الهناءة والغبطة!.
لم توقظيني يا انفاس الربيع؟ هذه نفحاتك الحلوة تلاطفني وتقول:
((اني اقطر لك الندى، واسكب عليك ظل السماء))، ولكن وقت ذبولي فد أفد، واوشكت العاصفة التي تسقط اوراقي ان تهب.