قضية الأردن وانضمامه لمجلس التعاون الخليجي تحتاج إلى الصعود إلى قمة إحدى الجبال ليتسنى لنا مشاهدتها بكامل تفاصيلها خصوصا في ظل الظروف السياسية الحالية لأوضاع المنطقة.
للمشهد أطراف: دول الخليج والأردن بطبيعة الحال، وأطراف أخرى تتسلل لتوجيه دفة المشهد بما يخدم مصالحها وهي كل من إيران و إسرائيل، وبديهيا الولايات لمتحدة الأمريكية التي لا تخلو من أي مشهد سياسي في العالم.
فالطرح الذي خرجت به دول الخليج بات تحققه ممكنا أكثر بعد زيارة جلالة الملك عبد الله والملكة رانيا الدوحة ومناقشة سبل تطوير العلاقات بين البلدين, والتي تبدو فيها المياه الأردنية القطرية قد ركدت وما عاد ما يمكن أن يعرقل سير ذاك الانضمام الذي ستظهر انعكاساته على أوضاع المنطقة برمتها.
فدول مجلس التعاون الخليجي ستجني الكثير كأثر يترتب على انضمام الأردن لها, وأول ما ستجنيه وأهمه بطبيعة الحال كسب طرف قوي وصمام أمان ضد الدولة الفارسية ( إيران ) خصوصا بعد تصاعد حدة التوترات بين إيران ودول الخليج وتصريح اللواء يحيى صفوي ، مستشار مرشد الثورة الإيرانية آية الله على خامنئي، إن التدخل العسكري السعودي في البحرين سيكون مقدمة وذريعة لغزو أجنبي، في حالة تصاعد الاحتجاجات الشعبية على أراضيها, وتأكيده أن إيران تمتلك القوة الرادعة لرد الصاع صاعين لكل من تسول له نفسه الاعتداء على إيران, وتظهر المصلحة جليا بعد موقف الأردن من آيران بخصوص قضية البحرين, ثانيا ما ستوفره الأردن من كفاءات تعزز الاقتصاد الخليجي وتزيد من إنتاجيته وتوفر علية الكثير من تكاليف جلب ذوي الخبرات، ثالثا كسب علاقات الأردن الإستراتيجية القوية مع أطراف القوى في العالم العربي والدولي والذي سيسر الكثير على مخططات دول الخليج, ذلك ناهيك عن التغيير الثقافي والاجتماعي الذي سيحدثه الانضمام.
أما الأردن وبرغم ما يتوقع حدوثه من تشوه في الإطار الاجتماعي والثقافي وتغير في سياسة ونهج الأردن, وحتى إعادة نظر في العلاقات الإستراتيجية الدولية وما كان بترتيب عليها من نهج سياسي أردني, فانه من المتوقع أيضا أن ينتعش الوضع الاقتصادي الأردني وتتخلص الأردن من مشكلة عجزت كل أشكال الخطط عن حلها وهي البطالة, وبذلك سيدخل الأردن في حالة من الهدوء والاستقرار التي بات يفقدها مؤخرا نظرا للأوضاع الاقتصادية الراهنة والتطورات السياسية التي تشهدها المنطقة هذا لم تقحم في صراع جديد مع إيران.
أما الأثر الأخر الذي سينعكس بطبيعة الحال على الدولة الصهيونية وما يترتب عليه من تغير في النهج العام والخطط المستقبلية, فان ذلك سيكون ايجابيا لها فمن مصلحة إسرائيل تعطل المصالح الإيرانية في دول الخليج التي من المؤكد فسادها بعد وجود دولة كالأردن في مجلس التعاون الخليجي, فكلا الدولتين يتناحرن للسيطرة على المنطقة : إيران تأمل تحقيق السيادة في المنطقة العربية, وإسرائيل تعمل على ذلك ولكن في الشرق الأوسط بأكمله.
وهنا يظهر دور الولايات المتحدة الأمريكية وتحقيق مصالحها في الشرق الأوسط, فمن مصلحة أمريكيا استمرار تواجد قنبلة مؤقتة يمكن أن تفجرها لزعزعت الوضع في الشرق الأوسط وهي (إيران) التي تعمل أمريكا على إظهارها كعدو للدول العربية ومحاولة تقديمها دائما كعنصر تهديد في المنطقة, وبهذا تكون أمريكا قد كسبت حليف غير مباشر معها لتحقيق مصالحها في المنطقة.
وبذلك ايضا يخدم الأردن الغرض الذي تسعى كل دول الخليج إلى تحقيقه وهو إحباط محاولة التهديد الذي تشكله إيران عليها ومستقبلها في المنطقة، وتكون الأردن بهذه الحالة وكما يسعى دائما الى اعادة العالم الى القضية المحورية " قيام الدول الفلسطينية " .