21 آذار 1968 كان يوماً مشهوداً في التاريخ العسكري الأردني والعربي ..
عمون - ( بترا ) - إعداد : مديرية التوجيه المعنوي- يحتفل الوطن كل عام بهذه المناسبة الخالدة مناسبة معركة الكرامة التي تشكل نقطة تحول كبيرة في مسيرة الصراع العربي الإسرائيلي وصفحة مشرقة من الصبر والتحدي والتصميم لدى أبناء الجيش العربي الذين سطروا خلالها أروع البطولات وأجمل الانتصارات على ثرى الأردن الطهور .
وفي ذكراها من كل عام يحلو الفرح وتسمو معاني النصر ومهما كان احتفالنا بهذه المناسبة الخالدة فإننا لن نفيها حقها لأنها أكبر من كل الكلمات والاحتفالات، حيث تحوم أرواح الشهداء في فضاءات الأردن، فوق سهوله وهضابه وغوره وجباله، وتسلم على المرابطين فوق ثراه الطهور , وتسري في العروق رعشة الفرح بالنصر ونشوة الافتخار بهذا الجيش العربي الهاشمي وتطمئن القلوب بذكر الله وهي تقرأ قول الحق على روح قائد الكرامة المغفور له الملك الحسين رحمه الله وشهداء الكرامة واللطرون وباب الواد والقدس وحرب الاستنزاف والجولان حيث يختلط دم الخَلف بدماء السلف حيث النجيع الزكي في يرموك العز، وحطين ومؤتة وفحل والكرامة، فيسمو الوطن بقدسية أرضه وحرية إنسانه وكرامة أمته وأصالة رسالته التي توارثها قادة هذا الوطن من آل هاشم، حتى آل نصر الكرامة إلى بناء وإعمار وعطاء، وتعاون وتكافل بين أبناء الأسرة الأردنية الواحدة التي تحتفل كل عام في مثل هذا اليوم بما أنجزت وحققت وبما جادت به النفوس في سبيل أن يبقى بيرق هذا الحمى العربي الأصيل يخفق بين أرواح الشهداء عالياً كما هي هامات أهله وربعه وعشيرته وجيشه، لا تنحني إلا لله الواحد الأحد وفي هذا السياق قال جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده جلالته في اليوم التالي للمعركة: "يا اخوتي في السلاح يا حصن الأردن الحصين ودرع العرب المتين يا معدن الفخر وينبوع الكبرياء، يا ذخر البلد وسند الأمة، وأصل البطولة والفداء، أحييكم تحية إكبار لا تقف عند حد وتقدير لا يعرف نهاية، وأبعث مثلها إلى أهلي من ذوي الأبطال الذين سقطوا في ساحات الوغى بعد أن أهدوا إلى بلدهم وأمتهم أنبل هدية وأعطوا وطنهم وعروبتهم أجزل العطاء, فلقد كنتم جميعاً والله أمثولةً يعز لها النظير في العزم والإيمان، وقمة ولا كالقمم في التصميم والثبات، وضربتم في الدفاع عن قدسية الوطن والذود عن شرف العروبة أمثولة ستظل تعيش على مر الزمان. وإذا كان لي أن أشير إلى شيء من الدروس المستفادة من هذه المعركة يا إخوتي فإن الصلف والغرور يؤديان إلى الهزيمة وإن الإيمان بالله والتصميم على الثبات مهما كانت التضحية هما الطريق الأول إلى النصر وإن الاعتماد على النفس أولاً وأخيراً ووضوح الغاية ونبل الهدف هي التي منحتنا الراحة حين تقرر أننا ثابتون صامدون حتى الموت مصممون على ذلك لا نتزحزح ولا نتراجع مهما كانت التحديات والصعاب".
الكرامة ملحمة خالدة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ............................................................
تؤلف منطقة غور الأردن سجلاً حافلاً يصور البطولات والمعارك الخالدة في تاريخ الأمة وتمثل أرض الرباط في سبيل الله، وهي من الأهمية الاستراتيجية والجغرافية بمكان مما جعلها محط أنظار الأعداء الطامعين مما حدا بهم إلى التخطيط المستمر والسعي المتواصل وإلى ترجمة أطماعهم والسعي لتنفيذ مخططاتهم وإحاطة أنفسهم بهالة بأنهم يمتلكون القوة ويستطيعون فعل ما يشاءون لاحتلال المرتفعات الغربية للأردن باعتبارها جزءاً مكملاً للمنظومة الإستراتيجية التي حققها الإسرائيليون من خلال احتلال هضبة الجولان وتعطي لهم ميزة التفوق والسيطرة على سائر المناطق الحدودية من جهة الشرق والجنوب بالنسبة للأردن.
ولقد كان صمود الجيش العربي الهاشمي في معركة الكرامة نقلة نوعية في تنامي الروح المعنوية العالية، والقدرة القتالية النادرة التي يتمتع بها الجندي الأردني، وهذا الصمود والنصر كانا منعطفاً هاماً في حياة الأمة العربية تحطمت خلاله أسطورة التفوق الإسرائيلي وأبرزت للعالم أن في هذا الوطن جيشاً يأبى الضيم ويدحر العدوان، ويذود عن حماه بالمهج والأرواح ويدافع عنه بكل ما أوتي من قوة.
ومهما كان احتفالنا بهذه الذكرى الخالدة، فإننا لا نستطيع أن نفيها حقها لأنها أكبر من كل الكلمات وأكبر من كل الاحتفالات , فهي معركة أعادت إلى الأمة احترام الذات بعد نكسة حزيران، وان النصر الذي حققه الجيش العربي الباسل البطل في هذه المعركة، جاء في وقت كنا فيه بأمس الحاجة إلى ملامح نصر وعزة وكرامة وإلى وقفة كلها شرف وإباء , وكانت معركة الكرامة التي هي أول نصر مبين يحققه جيشنا العربي المصطفوي للعرب عبر صراعنا الطويل مع إسرائيل وقوتها العسكرية المتغطرسة، أثبت خلالها الجيش العربي ان النصر العسكري العربي على إسرائيل ليس مستحيلاً وإنما هو مؤكد كما حدث في معركة الكرامة.
إذن معركة الكرامة هي بوابة المعارك ومؤشر الانتصارات التي أدخلت الأمة بكاملها دائرة الفعل وأخرجتها من آلامها وجراحها التي سببتها نكسة حزيران وما خلفته من آثار سلبية على النفس العربية وعلى المعنويات وإرادة الصمود لدى الأمة كلها.
واحتفالنا بمعركة الكرامة العربية في الأردن هنا أمر طبيعي لأنها جزء من تاريخنا العسكري الذي نفخر ونعتز به حيث انها لم تكن مجرد معركة استبسل فيها الجيش العربي وخاضها ودحر العدو وغطرسته فحسب، بل كونها جاءت لتعطي المعتدي درساً واضحاً بأن حروبه معنا ليست نزهة وانها لم تهزم عدواً طامعاً حاقداً فحسب بل ضمدت جرحاً عربياً مكلوماً بسواعد أبناء الأردن البررة وقوتهم النافذة يوم تثبتوا بأرضهم المباركة الطاهرة التي هي موطن الآباء والأجداد يتمنون إحدى الحسنيين وهم يعلمون تماماً أهمية الموقف الأردني المشرق الذي ترسمه البطولة والتضحية والرجولة .
أهداف المعركة ..................
لم تكن بداية معركة الكرامة كما هو معلوم الساعة 0530 صباح يوم 21 آذار 1968 فقد سبق ذلك قيام إسرائيل بهجمات عديدة ومركزة من قصف جوي ومدفعي على طول الجبهة الأردنية طوال أسابيع عديدة، ومهدت لذلك باستعداد واسع النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتها إلى تغيير الحال العام بالمنطقة .. من حال الصمود الأردني العنيد ضد ارادتها إلى حال تحقق لها الهدف الذي أرادت الحصول عليه من حرب حزيران العدوانية وأراد العدو من المعركة تحطيم القيادة الأردنية وقواتها وزعزعة الثقة بنفسها، حيث بقي الأردن يرفض نتائج حرب حزيران وبقى صامداً ثابتاً بحيويته ونشاطه وتصميمه على الكفاح من أجل إزالة آثار العدوان حيث اعتقدت القيادة الإسرائيلية مخطئة أن الجيش الأردني يعيش الهزيمة وهو مشتت الصف بعد حزيران ، لكنها أخطأت التقدير حيث أن القيادة العسكرية الأردنية كانت قادرة على إعادة تنظيم القوات وبسرعة فائقة، وتمكنت من تحقيق ذلك في وقت قياسي واحتلت مواقعها العسكرية على الضفة الشرقية من النهر وبقيت روح القتال والتصميم على خوض المعركة أعلى ما تكون عليه روح القتال والتصميم في صمود أردني رائع.
لقد كانت وجهة العدو واضحة وأهدافه كبيرة، حيث حشد قبل أيام من معركة الكرامة قواته لاحتلال مرتفعات البلقاء ، ذات الأهمية التعبوية الكبيرة ، وليقترب من العاصمة عمان للضغط على القيادة الأردنية لقبول شروط الاستسلام التي تفرضها إسرائيل والعمل على ضم أجزاء جديدة من الأردن لتحقيق أحلامه المنشودة، وقد تلخصت أهدافه بما يأتي : 1. إرغام الأردن على قبول التسوية والسلام الذي تفرضه إسرائيل وبالشروط التي تراها وكما تفرضها من مركز القوة.
2. محاولة كسب موطئ قدم على أراضٍِ شرقي نهر الأردن بقصد المساومة عليها لتحقيق أهدافها وتوسيع حدودها.
3. ضمان الأمن والهدوء على خط وقف إطلاق النار مع الأردن.
4. توجيه ضربات قوية ومؤثرة إلى القوات الأردنية.
5. زعزعة الروح المعنوية والصمود عند السكان المدنيين وإرغامهم على النزوح من أراضيهم ليشكلوا أعباء جديدة، وبالتالي المحافظة على الروح المعنوية للجيش الإسرائيلي بعد المكاسب التي حققها على الجبهات العربية وما آلت إليه حرب حزيران 1967م.
ومن هذه المفاهيم أخذ القادة الإسرائيليون يخططون لمهاجمة الأراضي الأردنية على جبهة واسعة، والاختراق في النقاط الضعيفة لتأمين، الأهداف الحيوية التي تناسب إستراتيجيتهم، وليرغم الأردن بالتالي على الخضوع للمطالب الإسرائيلية بالشروط التي تريدها لفرض الحل السياسي الذي يناسبها.
والحقيقة ان الجبهة الأردنية لم تشهد هدوءاً أو استقراراً منذ حرب حزيران 1967 وحتى نشوب معركة الكرامة، فقد وقع ما يزيد عن أربعة وأربعين اشتباكاً بالمدفعية والقصف الجوي والدبابات والأسلحة المختلفة، كلها تبين نوايا العدو المبيتة، والتمهيد للمعركة المخطط لها لاحتلال مرتفعات السلط (البلقاء) والوصول إلى مشارف عمان للضغط على الأردن ولفرض الحلول التي يريدونها، ولكن بدلاً من ذلك كله تلقت إسرائيل ضربة قوية من قواتنا الباسلة ردتها خائبة وأوقعت فيها خسائر لم تصب بها إسرائيل في حرب حزيران عام 1967م، الذين اعترفوا بخسائرهم المادية والبشرية والمعنوية والسياسية، وشعروا بخيبة الأمل التي ألحقت بهم الهزيمة وقهرت اسطورتهم وغطرستهم وقد تجلى ذلك كله من خلال اعترافات مدونة ومسجلة للقادة الميدانيين الذين تجرعوا مرارة الهزيمة في معركة الكرامة.
في 14 اذار عام 1968 وصلت إلى القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية معلومات تفيد بوجود حشود معادية على طول الواجهة، وفي الأيام الأولى التالية ضاعف العدو نشاطه في الكشف والاستطلاع والتصوير وحشد قوات الدروع والمدفعية والمظليين في مواقع أمامية قرب نهر الأردن ، ومقابل غور الصافي جنوب البحر الميت ، وتمكنت قواتنا المسلحة بيقظتها وحرصها من تحديد ساعة الصفر للهجوم، حيث كانت (0530) صباح يوم 21 آذار من عام 1968 وتم إشعار الوحدات بذلك منذ مساء يوم 20 آذار ولذلك كانت ردود فعل قواتنا إيجابية وأوقعت خسائر كبيرة في صفوف العدو.
مقتربات القتال ................
حشد العدو لمعركة الكرامة أفضل قواته تدريباً وخبرة قتالية , فقد استخدم اللواء المدرع السابع وهو الذي سبق أن نفذ عملية الإغارة على قرية السموع عام 1966 واللواء المدرع 60، ولواء المظليين 35، ولواء المشاة 80، وعشرين طائرة هيلوكبتر لنقل المظليين وخمس كتائب مدفعية 155 ملم و 105 ملم، بالإضافة إلى قواته التي كانت في تماس مع قواتنا على امتداد خط وقف إطلاق النار، وسلاحه الجوي الذي كان يسيطر سيطرة تامة على سماء وأرض المعركة، بالإضافة إلى قوة الهجوم التي استخدمها في غور الصافي، وهي كتيبة دبابات وكتيبة مشاة آلية وسريتا مظليين وكتيبة مدفعية، حشد العدو هذه القوات في منطقة أريحا، ودفع بقوات رأس الجسر إلى مناطق قريبة من مواقع العبور الرئيسة الثلاثة، حيث كان تقربه ليلاً.
بدأ العدو قصفه المركز على مواقع الإنذار والحماية ثم قام بهجومه الكبير على الجسور الثلاثة عبر مقتربات القتال الرئيسة في وقت واحد حيث كان يسلك الطريق التي تمر فوق هذه الجسور وتؤدي إلى الضفة الشرقية وهي طريق جسر داميا ( الأمير محمد) وتؤدي إلى المثلث المصري، ثم يتفرع منها مثلث العارضة- السلط-عمان وطريق أريحا ثم جسر الملك حسين – الشونة الجنوبية وادي شعيب – السلط – عمان ثم جسر الأمير عبد الله ( سويمه، ناعور) عمان.
وفي فجر يوم 21 آذار 1968 زمجرت المدافع وانطلقت الأصوات على الأثير عبر الأجهزة اللاسلكية تعلن بدء الهجوم الصهيوني عبر النهر على الجيش الأردني الصامد المرابط.
القتال على مقترب جسر الأمير محمد (داميا) ...............................................
اندفعت القوات العاملة على هذا الجسر تحت ستار كثيف من نيران المدفعية والدبابات والرشاشات المتوسطة فتصدت لها قوات الحجاب الموجودة شرق الجسر مباشرة ودارت معركة عنيفة تمكنت قواتنا خلالها من تدمير عدد من دبابات العدو وإيقاع الخسائر بين صفوفه وإجباره على التوقف والانتشار.
عندها حاول العدو إقامة جسرين إضافيين، إلا أنه فشل بسبب كثافة القصف المدفعي على مواقع العبور، ثم كرر اندفاعه ثانية وتحت ستر نيران الجو والمدفعية إلا أنه فشل ايضاً وعند الظهيرة صدرت إليه الأوامر بالانسحاب والتراجع غرب النهر تاركاً العديد من الخسائر بالأرواح والمعدات.
القتال على مقترب جسر الملك حسين ........................................
لقد كان هجوم العدو الرئيسي هنا موجهاً نحو الشونة الجنوبية وكانت قواته الرئيسة المخصصة للهجوم مركزة على هذا المحور الذي يمكن التحول منه إلى بلدة الكرامة والرامة والكفرين جنوباً، واستخدم العدو في هذه المعركة لواءين (لواء دروع ولواء آلي) مسندين تساندهما المدفعية والطائرات.
ففي صباح يوم الخميس 21 آذار 1968م دفع العدو بفئة دبابات لعبور الجسر، واشتبكت مع قوات الحجاب القريبة من الجسر، إلا أن قانصي الدروع تمكنوا من تدمير تلك الفئة، بعدها قام العدو بقصف شديد ومركز على المواقع ودفع بكتيبة دبابات وسرية محمولة، وتعرضت تلك القوة إلى قصف مدفعي مستمر ساهم في الحد من إندفاعه، إلا أن العدو دفع بمجموعات أخرى من دروعه ومشاته، وبعد قتال مرير استطاعت هذه القوة التغلب على قوات الحجاب ومن ثم تجاوزتها، ووصلت إلى مشارف بلدة الكرامة من الجهة الجنوبية والغربية مدمرة جميع الأبنية في أماكن تقدمها.
واستطاع العدو إنزال الموجة الأولى من المظليين شرقي الكرامة لكن هذه الموجة تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح وتم إفشالها، مما دفع العدو إلى إنزال موجة أخرى تمكنت هذه الأخيرة من الوصول إلى بلدة الكرامة وبدأت بعمليات تدمير لبنايات البلدة، واشتبكت مع بعض قواتنا الموجودة هناك في قتال داخل المباني، وفي هذه الأثناء استمر العدو بمحاولاته في الهجوم على بلدة الشونة الجنوبية، وكانت قواتنا تتصدى له في كل مرة، وتوقع به المزيد من الخسائر، وعندما اشتدت ضراوة المعركة طلب العدو ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وقف إطلاق النار، ولكن المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه أمر باستمرار القتال حتى خروج آخر جندي إسرائيلي من ساحة المعركة، وحاول العدو الانسحاب... إلا أن قواتنا تدخلت في عملية الانسحاب وحولته إلى انسحاب غير منظم فترك العدو عدداً من آلياته وقتلاه في أرض المعركة.
القتال على مقترب جسر الأمير عبد الله .......................................
حاول العدو القيام بعملية عبور من هذا المقترب باتجاه ناعور – عمان وحشد لهذا الواجب قوات مدرعة إلا أنه فشل ومنذ البداية على هذا المحور ولم تتمكن قواته من عبور النهر بعد أن دمرت معظم معدات التجسير التي حاول العدو استخدامها في عملية العبور.
وفي محاولة يائسة من العدو لمعالجة الموقف قام بفصل مجموعة قتال من قواته العاملة على مقترب وادي شعيب ودفعها إلى مثلث الرامة خلف قوة الحجاب العاملة شرق الجسر لتحاصرها، إلا أنها وقعت في الحصار وتعرضت إلى قصف شديد أدى إلى تدمير عدد كبير من آلياتها.
وانتهى القتال على هذا المقترب بانسحاب فوضوي لقوات العدو وكان للمدفعية الأردنية ونيران الدبابات وأسلحة مقاومة الدروع الأثر الأكبر في إيقاف تقدم العدو وبالتالي دحره خائباً خاسراً.
مقترب غور الصافي ....................
لقد حاول العدو جاهداً تشتيت جهد القوات الأردنية ما أمكن، وإرهاب سكان المنطقة وتدمير منشآتها، مما حدا به إلى الهجوم على مقترب غور الصافي برتل من دباباته ومشاته الآلية، ممهداً بذلك بحملة إعلامية نفسية مستخدماً المناشير التي كان يلقيها على السكان يدعوهم فيها إلى الاستسلام وعدم المقاومة، كما قام بعمليات قصف جوي مكثف على قواتنا، إلا أن كل ذلك قوبل بدفاع عنيف، وبالتالي أجبر على الانسحاب.
وهكذا فقد فشل العدو تماماً في هذه المعركة دون أن يحقق أياً من أهدافه على جميع المقتربات، وخرج من هذه المعركة خاسراً مادياً ومعنوياً خسارة لم يكن يتوقعها أبداً.
لقد صدرت الأوامر الإسرائيلية بالانسحاب حوالي الساعة 1500 بعد أن رفض المغفور له جلالة الملك الحسين القائد الأعلى للقوات المسلحة آنذاك وقف إطلاق النار، والذي كان يشرف بنفسه على المعركة ويقودها ويبعث روح الحماس بين جنوده وقواته وكان بتصميمه وإرادته القوية مثلاً رائعاً تعلم منه الجميع كيف تكون الإرادة الحرة القوية فوق كل اعتبار.
لقد استغرقت عملية الانسحاب تسع ساعات نظراً للصعوبة التي عاناها الاسرائيليون في التراجع وبفضل القصف المركز من جانب قواتنا.
خسائر الطرفين ...................
العدو
عدد القتلى 250 قتيلاً والجرحى 450 .
تدمير 88 آلية مختلفة تمكن العدو من إخلائها وقد شملت 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن و 20 دبابة وآلية مختلفة بقيت في أرض المعركة وإسقاط 7 طائرات مقاتلة.
قواتنا الباسلة
عدد الشهداء 86 والجرحى 108 .
تدمير 13 دبابة و 39 آلية مختلفة.
نتائج المعركة ..................
مع انتهاء أحداث المعركة يكون العدو قد فشل تماماً في هذه العمليات العسكرية دون أن يحقق اياً من الأهداف التي شرع بهذه العملية من أجلها وعلى جميع المقتربات وعاد يجر أذيال الخيبة والفشل فتحطمت الأهداف المرجوة من وراء المعركة أمام صخرة الصمود الأردني ليثبت للعدو من جديد بأنه قادر على مواصلة المعركة تلو الأخرى، وعلى تحطيم محاولات العدو المستمرة للنيل من الأردن وصموده وأثبت الجندي الأردني أن روح القتال لديه نابعة من التصميم على خوض معارك البطولة والكرامة.
وفشل العدو في مخططاته التي عرفت من الوثائق التي كانت لدى القادة الإسرائيليين، وتركت في ساحة القتال، وهي احتلال المرتفعات الشرقية ودعوة الصحفيين لتناول طعام الغداء فيها. كما جسدت هذه المعركة أهمية الإرادة لدى الجندي العربي والتي كانت على قدر عالٍ من القوة والتصميم وساهمت بشكل فاعل في حسم ونجاح المعركة , وأبرزت أهمية الإعداد المعنوي حيث كان هذا الإعداد على أكمل وجه، فمعنويات الجيش العربي كانت في أوجها، حيث ترقبوا يوم الثأر والانتقام من عدوهم وانتظروا ساعة الصفر (ساعة الكرامة ) بفارغ الصبر للرد على الظلم والاستبداد.
وأبرزت المعركة حسن التخطيط والتحضير والتنفيذ الجيد لدى الجيش العربي , مثلما أبرزت أهمية الاستخبارات إذ لم ينجح العدو بتحقيق عنصر المفاجأة نظراً لقوة الاستخبارات العسكرية الأردنية والتي كانت تراقب الموقف عن كثب وتبعث بالتقارير لذوي الاختصاص حيث تمحص وتحلل النتائج فتنبأت بخبر العدوان من قبل إسرائيل مما أعطى فرصة للتجهيز والوقوف في وجهها.
كما برزت أهمية الاستخدام الصحيح للأرض حيث أجاد جنود الجيش العربي الاستخدام الجيد لطبيعة المنطقة وحسب السلاح الذي يجب أن يستخدم وإمكانية التحصين والتستر الجيدين بعكس العدو الصهيوني الذي هاجم بشكل كثيف دون معرفة بطبيعة المنطقة.
بعض ردود الفعل على معركة الكرامة ونتائجها ....................................................
أ. قال حاييم بارليف رئيس الاركان الاسرائيلي في حديث له "إن إسرائيل فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران".
ب. قال عضو الكنيست الإسرائيلي ( شلومو جروسك) لا يساورنا الشك حول عدد الضحايا بين جنودنا، وقال عضو الكنيست ( توفيق طوبي) لقد برهنت العملية من جديد أن حرب الايام الستة لم تحقق شيئاً ولم تحل النزاع العربي الإسرائيلي.
ج. طالب عضو الكنيست ( شموئيل تامير) بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في نتائج الحملة على الأرض الأردنية، لأن عدد الضحايا أكثر نسبياً في القوات الإسرائيلية.
د. وصف قائد مجموعة القتال الاسرائيلية المقدم( أهارون بيلد) المعركة فيما بعد لجريدة دافار الاسرائيلية بقوله " لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط ".
هـ. قال أحد كبار القادة العسكريين العالميين وهو المارشال جريشكو رئيس أركان القوات المسلحة السوفييتية في تلك الفترة " لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية".
و. " ان التقارير الواردة من الشرق الأوسط تؤكد أن الأردن أحرز نصراً يستند إلى أسس متينة". المستر جون بورينته المراسل الخاص لوكالة اليونايتد برس.
ز. " لقد اثبت الأردن جيشاً وشعباً وحكاماً أنه رغم صغره وضآلة موارده وافتقاره إلى الكثير من الأسلحة الضرورية اللازمة، انه قلعة صمود وبرج تضحية وانه كما قال مليكه مستعد للموت على أرضه" .مجلة الجمهور الجديد / العدد 719 .
ح. " اتضح أمران في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على الكرامة أولهما أن الإسرائيليين اخطأوا في حساباتهم خطأً فادحاً إذ أنهم واجهوا مقاومة اعنف مما كانوا يتوقعون والثاني أن هجومهم على الكرامة لم يحقق شيئاً". الديلي تلغراف .
ط. " لقد قاوم الجيش الأردني المعتدين بضراوة وتصميم وأن نتائج المعركة جعلت الملك الحسين بطل العالم العربي ".نيوز ويك الأميركية .
لقد كان يوم الكرامة يوماً أغرَ في تاريخ العسكرية العربية بعامة والأردنية بخاصة، حيث أثبت الجندي الأردني أنه قادر على انتزاع النصر بقوة، وأثبت كفاءته وقدرته على تحمل الصعاب والمشاق من أجل وطنه ، لقد كان يوم الكرامة يوم الجندي الأردني الذي جسد خلاله قوة بأس وصلابة الجيش العربي الأردني، وأبرزت معركة الكرامة دروساً في التلاحم الوطني وقيادة أردنية هاشمية من طراز فريد، مثلما أبرزت تعاوناً بين صنوف الأسلحة المختلفة، وسطر شهداء الجيش العربي الأردني بدمائهم الزكية صفحة مشرقة في تاريخ وطنهم وأمتهم يخلدها لهم التاريخ على مدى الزمن السرمدي ، وخلال الاحتفال بالذكرى الاربعين لمعركة الكرامة الخالدة قال جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين القائد الأعلى للقوات المسلحة في كلمة لجلالته بهذه المناسبة: "نستذكر من هذا المكان الطاهر المعطر بدم الشهداء وبطولات الجيش العربي الذكرى الأربعين لمعركة الكرامة التي حقق فيها نشامى هذا الجيش أعظم الانتصارات، وسجلوا فيها ملحمة الشجاعة والبطولة والتضحية والانتماء، وأعادوا فيها للأمة كرامتها وثقتها بنفسها.
في هذا المكان وقبل أربعين عاما قاتل النشامى الأردنيون بشرف وشجاعة، للدفاع عن ثرى الأردن، وبالرغم من تفوق العدو في العدد والسلاح والإمكانيات، تمكن أبناء هذا الجيش من تحقيق النصر الذي أذهل العدو، وأجبره على الاعتراف بالهزيمة ولأول مرة في تاريخه. هنا وقبل أربعين عاما، كان صوت الحسين رحمة الله عليه يشد من عزيمة النشامى، ويرفع معنوياتهم، وكان النشامى عند ثقة الحسين، فمنهم الذي جرح ومنهم الذي استشهد، ومنهم الذي احتفل بالنصر الكبير. أما الشهداء، وأكرم الناس هم الشهداء، فقد كرمّهم المولى عز وجل، أكثر وأعظم من أي تكريم على وجه الأرض، بقوله تعالى "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون " صدق الله العظيم . ومن الوفاء والاعتزاز بتاريخنا، أن نقف اليوم إجلالاً واحتراماً لشهداء الجيش العربي في معركة الكرامة، وفي سائر المعارك، التي قاتل فيها، للدفاع عن الأرض العربية والكرامة العربية، سواء في فلسطين، أو في أي مكان، من الوطن العربي الكبير.
ومهما تبدلت الظروف والأحوال، ستبقى معارك الجيش العربي وتضحياته، وأسماء الشهداء وبطولاتهم، أوسمة فخر واعتزاز، يعلقها كل مواطن أردني على صدره، لأنها تاريخنا وهويتنا التي لا يمكن أن ننساها، ولا نقبل المساومة عليها، أو إنكارها أو الإنتقاص منها، من أي جهة كانت. والدرس التاريخي المستفاد من هذه المعركة، والذي يجب أن يفهمه العالم، وأطراف الصراع في القضية الفلسطينية، أن الحل وتسوية هذه القضية، لا يمكن أن يكون بالحروب، ولا بفرض أي حل بالقوة، وأن الحل لا يكون إلا بإعادة الحقوق إلى أصحابها، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني، بإقامة دولته المستقلة على الأرض الفلسطينية.
فيا أبناء الجيش العربي شهداء الكرامة، ويا ملح الأرض، ويا شهداء القدس واللطرون وباب الواد والجولان , ويا شهداء كل مواقع العز والشرف والرجولة، ستبقى سيرتكم العطرة قناديل هدى لمعانى الحرية والسيادة، ومشاعل حق لمعاني النصر والإرادة، ولحناً أردنياً مكللاً بالحناء والدحنون والقيصوم والشيح والزعتر، شامة على جبين التاريخ، وعنواناً صادقاً لوجودنا وكرامتنا، ونهجاً أردنياً هاشمياً ضارباً في عمق التاريخ والحضارة نتلو على أرواحهم صباح مساء قول الحق تعالى: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاَ بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون " .
وسيبقى الأردن بقيادته الهاشمية المظفرة المكان الآمن بإذن الله والموئل العزيز للأحرار ومشعلاً للحرية والعدل والمساواة وبوابة الفتح والنصر والكرامة وسيبقى الجيش العربي الذي صنع نصر الكرامة عنواناً للأمن والسلام فمن الحسين إلى أبي الحسين رايات عز وفخر تبشر بمستقبل مشرق وأمل كبير وعطاء بلا حدود .
وفي هذه الذكرى الغالية نرفع الأكف تضرعاً لله العليّ القدير أن يتغمد الحسين قائد هذه المعركة بواسع رحمته وان يمنح جلالة القائد الأعلى الملك عبد الله الثاني ابن الحسين العزم والقوة ليمضي بالأردن قدماً نحو معارج الرقي والتقدم .
وقف المجد جلالا في ذراها ***خاشعا يتلو نشيدا من هواها
ومضى النور بهاءً في رباها***يملأ الدنيا بريقا من سناها
هي أم للبطولات وتبقى***أبد الدهر عروسا في صباها
كم شهيدا ارخص الروح***فداهاوأنحنى يلثم ذرات ثراها
يعطيك العافيه ياحج .....[FONT="Comic Sans MS][/FONT]
توقيع :اردني وفيصلاوي 00
[face=Trebuchet MS]ثلاثة أعوام فوق درب الهوى ولا يزالُ الدرب مجهولا فمرة كنتُ أنا قاتلاُ وأكثر المرات مقتولا ثلاث اعوام يا كتاب الهوى ولم أزل في الصفحة الأولى..! [/face]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: اردني وفيصلاوي 00;1547428وقف المجد جلالا في ذراها ***خاشعا يتلو نشيدا من هواها
ومضى النور بهاءً في رباها***يملأ الدنيا بريقا من سناها
هي أم للبطولات وتبقى***أبد الدهر عروسا في صباها
كم شهيدا ارخص الروح***فداهاوأنحنى يلثم ذرات ثراها
يعطيك العافيه ياحج .....[FONT="Comic Sans MS][/FONT]