حكاية زوجة مخدوعة
بسم الله الرحمن الرحيم
-اهلا وسهلا... تفضلي يا سهام ... لقد تأخرت ؟ انا انتظرك منذ ساعة تقريبا .
- آسفة جدا يا حبيبتي... كان هناك عجقة سير خانقة ... آسفة جدا يا فدى.
- لا عليك... لا عليك... وكأنني لدي شيء آخر افعله.... ادخلي ... هكذا تبقين معي على الغذاء , فانا اتناول طعام الغّذاء لوحدي.
- لوحدك ... ولكن لماذا؟ ألا يتناول زوجك الغذاء معك؟
- لم يفعل ذلك منذ زمن طويل ... تعرفين.. مشاغله كثيرة . حتى انه يأتي في ساعة متأخرة من الليل يوميا ... وما ان يجلس قليلا حتى يشعر بالتعب ويدخل إلى النوم مباشرة ... تصوري باننا منذ زمن طويل لم نخرج معا إلى أية مناسبة اجتماعية ... غير مهم ... لا اريد ان اشغل بالك بأمور تافهة، فزيارتك يا سهام عزيزة علي ... وانا تعودت على هذا الأمر ... ادخلي .. ادخلي ستبقين واقفة على الباب... ادخلي ... اخبرينني ... ما هي اخبارك؟؟ لقد اشتقت لك ..
***************
وضعت فدى الشاي الأخضر على الطاولة وقالت لصديقتها : تفضلي يا سهام : الشاي الأخضر مفيد للصحة ... وللرجيم ...
-اي ريجيم... لم يعد هذا الموضوع يهم بعد هذا العمر... اسمعي يا فدى اريد ان استشيرك في موضوع مهم حدث معي وانا قادمة لعندك ...
-خير ان شاء الله ... تفضلي ... على اعتبار انني مستشارة ... وضحكت الامرأتان، وبدأت سهام تروي حكايتها فقالت :
كنت عالقة في عجقة السير كما اخبرتك، وما ان وصلت إلى شارع الحمراء الرئيسي حتى مر امامي رجل وامرأة .... كانا يقطعان الطريق للدخول إلى أحد المطاعم.. وقد استرعى الرجل انتباهي لأنه يشبه أحد الأشخاص الذين اعرفهم ... لذلك دققت النظر إليه ... وبعد ان تأكدت بأنه هو نفسه زوج إحدى صديقاتي، قلت في نفسي لعل المرأة التي معه زوجته، فهممت بمناداتها، ولكن الحمد لله أنني لم افعل، لأنها لم تكن هي ... بل كانت امرأة اخرى اعرفها ايضا ...
- ومن هي يا سهام؟ لعلها اخته ؟ قالت فدى والاهتمام باد على وجهها .
- اخته ؟ وهل كنت اعير للموضوع اهمية لو كانت اخته ؟ لا يا صديقتي لقد كانت جارة الرجل في المنزل ، وكانت مقربة جدا من زوجته، والغريب ان هذه المرأة متزوجة ؟؟؟
- هل انت متأكدة؟ الوجوه قد تتشابه أحيانا ؟؟؟
- تتشابه ؟؟؟ إلى هذه الدرجة ؟؟؟ مستحيل، كم انت طيبة القلب يا فدى... فقد دققت النظر إليهما وتبعتهما بعيني إلى داخل المطعم، حيث جلسا الى الطاولة في جلسة حميمية ، واخذ الرجل يد المرأة وراح يقبلها ويتقهقان ويتقاربان من بعضهما بشكل يدل على حب قوي جارف بينهما ...
- من هو هذا الرجل ... تتحدثين عنه يا سهام وكأنني اعرفه، فهل اعرفه؟؟؟
- تعرفينه ...لا ... لا .... وكيف تعرفينه؟ وهل تعرفين كل صديقاتي ... إنـ ....ها احدى الزميلات في العمل ؟
- مسكينة هذه الزوجة المخدوعة ... أتظنين أنها تعلم بتصرفات زوجها؟
- لا أظن ؟ اشك في ذلك؟ فهي تحب هذا الرجل بشكل جنوني؟
-إذا كانت تحبه لهذه الدرجة ، فلماذا يخونها؟ لا بد انهما على خلاف، او ربما هو غير سعيد في بيته، فالرجل لا يبحث عن امرأة اخرى إذا كان يجد سعادته في بيته ؟
- آخ لو تعرفين هذه المرأة لما قلت هذا الكلام يا فدى ؟ هذه المرأة هي مثال للزوجة الصالحة والأم المحبة، وهي كرست كل حياتها لخدمة عائلتها ، حتى انها تخلت عن كل شيء بعد الزواج ... ركنت شهادتها على الرف، وتركت العمل وانصرفت إلى تأسيس بيت زوجي سعيد ؟ تصوري ؟
- تركت العمل؟ ولكن ما بك يا سهام ألم تقولي منذ قليل بأنها زميلتك في العمل؟؟؟
-آه ... طبعا ... هذا قبل ان تتزوج... المهم ... انا الآن في حيرة، ماذا افعل . أأخبرها كي تأخذ حذرها أم ادعها مخدوعة بهذا الزوج والجارة الخائنة ؟؟...
-لا ادري الموقف صعب حقيقة ... فأنت إذا اخبرتها قد تهدمين عليها سعادتها واستقرار اسرتها ... وما ادراك فلعل ما يحدث مع زوجها هو نزوة عابرة تنتهي بعد فترة؟؟ ...
ثم إنها لو عرفت يمكن ان تطلب الطلاق، او قد ترضى بالعيش في الم ومرارة من اجل اولادها، وهي في كلا الحالتين لن تشعر بالسعادة مجددا، وسيبقى جرحها ينزف، فمهما ندم الزوج على تصرفاته واظهر توبته وحاول التكفير عن ذنبه، فهي ستبقى تشعر بالألم والشك في تصرفاته ... وهي لن تغفر له زلته تلك مهما حصل ...
ولكن في الوقت نفسه ليس من العدل ان تبقى المرأة مخدوعة بزوج تعتقده انبل انسان في الكون، بينما هو لا يبالي بمشاعرها وكرامتها بل يسرح ويمرح مع امرأة اخرى ... لا يجوز ان تبقى المرأة مخدوعة بهذا الشكل ... فهذا ظلم ... على كل حال الموقف صعب .. وانا لا احسدك عليه...
-معك حق ... ما رأيك يا فدى؟ لو كنت مكان هذه المرأة ماذا تفعلين ؟ لا سمح الله ...لا سمح الله ... ماذا تفعلين لو علمت بخيانة زوجك لك؟ كيف تتصرفين؟
- انا ... بعيد الشر .... زوجي انا ، وهل يوجد في الدنيا زوج مثل زوجي، صدقيني يا سهام ادعو الله ان يرزقك بزوج مثل زوجي .
- اكيد.... اكيد...
- على كل حال لو كنت ـ لا سمح الله ـ مكان هذه المرأة، وعلمت بخيانة زوجي لي ، فسأطلب الطلاق فورا .. فكرامتي فوق كل اعتبار ، انا لا ارضى بأن اعيش مع زوج خائن... كيف استطيع ان انظر إليه؟ كيف ساسمح له ان يقترب مني وانا اعلم بانه يفكر بأخرى؟ كيف ؟ كيف؟ لا يمكن ان ابقى معه دقيقة واحدة بعد ان اعلم, لا يمكن ..... هل تعلمين؟ لو تزوج زوجي بزوجة ثانية اهون علي من ان يخونني، على الأقل اتأكد بأنه لا يخالف شرع الله ويقترف محرما ..... يا لطيف ... اعان الله هذه المرأة على بلائها ... الحمد الله الذي نجانا مما ابتلاها به ... دعينا من هذا الموضوع الآن، وهيا بنا نتناول طعام الغذاء...
- هيا بنا يا فدى ... لقد ازعجتك بقصتي هذه ... على كل حال فكري معي وساعديني في اختيار الحل المناسب ، هل اخبرها ام لا ؟
*************
بقيت فدى طوال المساء منزعجة من كلام صديقتها سهام، وهي تفكر بتلك الزوجة فهل من الأفضل لها ان تعرف بتصرفات زوجها، ام انه يفضل ان تبقى مخدوعة بزوجها الماكر؟
- السلام عليكم ... فدى .. اين انت ؟ انا اقف خلفك منذ دقائق ولم تشعري بدخولي ؟
- آه فوزي ، الحمد لله على السلامة ... اشتقت لك ... وقفزت فدى تعانق زوجها معبرة له عن حبها الشديد له ...
-خيرا إن شاء الله ... رويدك ... رويدك... انا مرهق كثيرا ... لقد كان يومي شاقا ... بقيت اكثر من نصف النهار على الطريق، كان هناك عجقة سير خانقة ... تصوري يا حبيبتي ذهبت انا واحد العملاء لتناول الغذاء في احد المطاعم في شارع الحمراء ... وبقيت ثلاث ساعات حتى عدت إلى المكتب ...
-اخبرتني صديقتي سهام بالعجقة ... فقد زارتني واستبقيتها على الغذاء ...
-صحيح ... صحيح، على فكرة ... لقد رأيت جارتنا فرح صدفة في الطريق ، وهي تسلم عليك كثيرا، وتقول بأنها ستزورك قريبا ...
-فرح ... زمن طويل لم نرها ... كيف حالها وحال زوجها ؟
-بخير ... بخير ... انا سأخلد إلى النوم باكرا اليوم، اشعر بتعب شديد .. اراك على خير..
**************
ما ان دخل الزوج إلى غرفته حتى شعرت فدى بأن الدماء تغلي في عروقها ... لماذا يا ترى؟ هل يعود السبب لكلام سهام صباحا ؟ ام ان شيئا آخر لا تعرفه قد حدث .... امسكت فدى بالهاتف وارسلت إلى صديقتها سهام الرسالة التالية: عزيزتي سهام ... "من حسن اسلام المرء تركه ما لايعنيه" وكتبت أيضا : " من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة " .... اراك قريبا .
اقفلت فدى جهاز التلفزيون واطفئت الأضواء، وانسلت إلى فراش زوجها تحتضنه، وكأنها بذلك قد ازاحت عن كاهلها هم كبير...