كانت فتاةً مندفعةً إلى الطيْش، لكنَّها في منتصف النزول انتبهت إلى انحدارِها، وقرَّرَت العودة؛ هاتفت حبيبَها الطائش في أوَّل الليل، وأخبرته أنَّ كلَّ شيء قد انتهى، وأنها تفضِّلُ الحلَّ الودِّيَّ..؛ وبالمحصِّلة فإنَّ أمَّها ليست شقيقة أمِّهِ، فبإمكانهما إذن الابتعاد من دون ضرورة افتراق "الخالات"!
ولم يبدِ الشابُّ تمسُّكا شديدا بها؛ ذكَّرَها أول الأمر أنَّ بينهما "قصة حب مجنونة"، وأقرَّت هي بذلك، وأجابت ببساطة شديدة عن سؤاله السطحي لداعي الانفصال: "لأني عقلت"!
بمجرَّدِ انقطاع الخط، انتهت العلاقة التي كان وثاقها لقاءات عابرة منزوعة البراءة، ومكالمات فيها حرارة ترتفعُ عند الدقائق الأخيرة، ورسائل خلوية تعبِّرُ عن شوق مفتعل بكلمات "عربيزي"، ومقاطع فيديو التقطت في لحظات متخففة من الرقابة الذاتية، ولقطات وأحاديث مبتورة مرفقة بصور سيِّئة الجودة عبر "الويب كام"، وبضع صور فوتوغرافية شديدة الخصوصية نشرت لدقائق قليلة على "فيسبوك"!
لم تطلب منه "عُهْدة الحبِّ"، بادَرَ هو لـ"خطوة شهامة"، وأرسلَ لها الصوَرَ والرسائلَ المبتورة في "إيميل" شديد البرودة، أراد منه أن يظهرَ قويا، زاهدا بها كأنما يُذكرُها بقوله المتغطرس إنها حين تذهب، يستعيدُ بيُسْر الفتيات المدَّخرات في "دُرج" مكتبه!
مضت إلى حياة جديدة بدأتها باستمالة شاب "يفكرُ جديا بالزواج"، ولم تتوقف كثيرا عند لامبالاته، مضت أكثر متجنِّبة سماع الأغنيات التي تذكرُها بـ"الحب القديم". وفي سبيل ذلك، تخرجُ كلَّ مساء مع "شلة" من الفتيات فقط، إلى مقهى يُقدِّمُ "النرجيلة" بنكهات نسائية..، تسحبُ نفسا عميقا وتنفثُ الدخانَ وذكريات ملوَّثة بالرماد!
صباح يوم من الأسابيع التي أصحبت في ذمة زمن قريب، وجدت الفتاة تسعة طلبات صداقة "افتراضية" على "الإيميل" الشخصي المحدود. قلبت الأمرَ في ذهنها، واستعرضت الاحتمالات القليلة التي يمكنُ من خلالها أنْ يكونَ قد تسرَّب؛ استغرق تفكيرها دقائق قليلة، جاءتها أثناءها طلبات أخرى بدعوات صريحة لكلام حبٍّ ليلي.
أغلقت علبة "الماسنجر" المستطيلة، وقالت في داخلِها كلَّ ما من شأنه أنْ يهوِّنَ الأمرَ، وأنه لا يعدو كونه ناتجا عن خطأ ما حدث بتسرُّب "الإيميل" إلى مجموعة "وقحة"، وتصحيحُ "الورطة" يكون بإلغاء "القديم" وإنشاء واحد جديد لأقرب المقرَّبين!
فعلت ما ظنَّت أنه إجراءٌ احترازي، وأرادت الاطمئنان أكثر فدخلت إلى صفحتها على موقع "فيسبوك" لتجد طلبات صداقة محمومة، ورسائل تنزُّ رغبة في "الانبوكس" لشباب بهيئات منفرة، وملامح مزعجة، وأسماء مركبة شديدة الخشونة!
صار الأمرُ مقلقا، ولم يعد الحلُّ التقنيُّ كافيا لتلخيص المشكلة؛ فأكثر من رسالة وصلتها تحملُ مغزى خطيرا: أنَّ حياتها مكشوفة لأشخاص غرباء، يتطفلونَ عليها في كلِّ وقت، واحدٌ يكتبُ بألوان فاقعة كلمات الأغنيات التي تحفظها عن ظهر قلب، وآخر يؤكدُ لها أنَّ البدلة الرياضية السوداء أجمل لمشوارها الضروريِّ عصرا إلى "الجيم"، وثالث يتمادى في جرأته ويطلبُ منها أنْ تتخلى عن "الوسائل المساعدة" لإظهار فتنتها!
كان من الممكن أن ينتهي اضطرابها بأنْ تستغني تماما عن كلِّ عناوينها الإلكترونية، لو لم يرنُّ هاتفها بشكل لحوح، ولم تضغط بإصبع مرتجفة على "الزرِّ" الأخضر، ويباغتها صوت قميء ينعتها بشتيمة متداولة في الشوارع، تجعلها للحظة تشك بأنها "سيئة السمعة" لولا عجزها عن الردِّ إلا بدمعة مخنوقة.
سيظلُّ هاتفها يرنُّ ويسبِّبُ لها الإحراجَ في العمل والمنزل، فتضطرُّ لإغلاقه مع باب الغرفة. تودُّ النومَ فلا يأتي، تستجديه بالدعاء، تعتقدُ أنَّ "اثمَها" يطيِّره، فتأخذها الهواجسُ إلى الحاسوب: تفتحه، تكتبُ اسمها السهل التركيب على محرِّك البحث.. تظهرُ نتائج متعددة، أغربها يقرنُها بـ"عبد الحليم حافظ". تضغطُ على الرابط من دون أن تؤخرها الدهشة، تظهر شاشة "يوتيوب" فادحة السواد، ثمَّ يمشي الخط الأحمرُ على دفعتين: باهت سريع، وغامق بطيء كالمفاجأة الثقيلة حتى تشاهدَ صورها الثابتة والمتحرِّكة فيديو كليب رديئا لأغنية "حلو وكدَّاب"!
تتقهقرُ إلى فراشها تبكي كمطر صامت تنتظرُ الصباح فلا يطلع، إلى أن يأتي نهار غامق تخرجُ فيه الصحيفة على صفحتها بخبر جانبي عن فتاة قتلها أبوها أو أخوها بـ"داعي الشرف"، وهي في طريق العودة من "الطيش"!
ولم يبدِ الشابُّ تمسُّكا شديدا بها؛ ذكَّرَها أول الأمر أنَّ بينهما "قصة حب مجنونة"، وأقرَّت هي بذلك، وأجابت ببساطة شديدة عن سؤاله السطحي لداعي الانفصال: "لأني عقلت"!
بمجرَّدِ انقطاع الخط، انتهت العلاقة التي كان وثاقها لقاءات عابرة منزوعة البراءة، ومكالمات فيها حرارة ترتفعُ عند الدقائق الأخيرة، ورسائل خلوية تعبِّرُ عن شوق مفتعل بكلمات "عربيزي"، ومقاطع فيديو التقطت في لحظات متخففة من الرقابة الذاتية، ولقطات وأحاديث مبتورة مرفقة بصور سيِّئة الجودة عبر "الويب كام"، وبضع صور فوتوغرافية شديدة الخصوصية نشرت لدقائق قليلة على "فيسبوك"!
لم تطلب منه "عُهْدة الحبِّ"، بادَرَ هو لـ"خطوة شهامة"، وأرسلَ لها الصوَرَ والرسائلَ المبتورة في "إيميل" شديد البرودة، أراد منه أن يظهرَ قويا، زاهدا بها كأنما يُذكرُها بقوله المتغطرس إنها حين تذهب، يستعيدُ بيُسْر الفتيات المدَّخرات في "دُرج" مكتبه!
مضت إلى حياة جديدة بدأتها باستمالة شاب "يفكرُ جديا بالزواج"، ولم تتوقف كثيرا عند لامبالاته، مضت أكثر متجنِّبة سماع الأغنيات التي تذكرُها بـ"الحب القديم". وفي سبيل ذلك، تخرجُ كلَّ مساء مع "شلة" من الفتيات فقط، إلى مقهى يُقدِّمُ "النرجيلة" بنكهات نسائية..، تسحبُ نفسا عميقا وتنفثُ الدخانَ وذكريات ملوَّثة بالرماد!
صباح يوم من الأسابيع التي أصحبت في ذمة زمن قريب، وجدت الفتاة تسعة طلبات صداقة "افتراضية" على "الإيميل" الشخصي المحدود. قلبت الأمرَ في ذهنها، واستعرضت الاحتمالات القليلة التي يمكنُ من خلالها أنْ يكونَ قد تسرَّب؛ استغرق تفكيرها دقائق قليلة، جاءتها أثناءها طلبات أخرى بدعوات صريحة لكلام حبٍّ ليلي.
أغلقت علبة "الماسنجر" المستطيلة، وقالت في داخلِها كلَّ ما من شأنه أنْ يهوِّنَ الأمرَ، وأنه لا يعدو كونه ناتجا عن خطأ ما حدث بتسرُّب "الإيميل" إلى مجموعة "وقحة"، وتصحيحُ "الورطة" يكون بإلغاء "القديم" وإنشاء واحد جديد لأقرب المقرَّبين!
فعلت ما ظنَّت أنه إجراءٌ احترازي، وأرادت الاطمئنان أكثر فدخلت إلى صفحتها على موقع "فيسبوك" لتجد طلبات صداقة محمومة، ورسائل تنزُّ رغبة في "الانبوكس" لشباب بهيئات منفرة، وملامح مزعجة، وأسماء مركبة شديدة الخشونة!
صار الأمرُ مقلقا، ولم يعد الحلُّ التقنيُّ كافيا لتلخيص المشكلة؛ فأكثر من رسالة وصلتها تحملُ مغزى خطيرا: أنَّ حياتها مكشوفة لأشخاص غرباء، يتطفلونَ عليها في كلِّ وقت، واحدٌ يكتبُ بألوان فاقعة كلمات الأغنيات التي تحفظها عن ظهر قلب، وآخر يؤكدُ لها أنَّ البدلة الرياضية السوداء أجمل لمشوارها الضروريِّ عصرا إلى "الجيم"، وثالث يتمادى في جرأته ويطلبُ منها أنْ تتخلى عن "الوسائل المساعدة" لإظهار فتنتها!
كان من الممكن أن ينتهي اضطرابها بأنْ تستغني تماما عن كلِّ عناوينها الإلكترونية، لو لم يرنُّ هاتفها بشكل لحوح، ولم تضغط بإصبع مرتجفة على "الزرِّ" الأخضر، ويباغتها صوت قميء ينعتها بشتيمة متداولة في الشوارع، تجعلها للحظة تشك بأنها "سيئة السمعة" لولا عجزها عن الردِّ إلا بدمعة مخنوقة.
سيظلُّ هاتفها يرنُّ ويسبِّبُ لها الإحراجَ في العمل والمنزل، فتضطرُّ لإغلاقه مع باب الغرفة. تودُّ النومَ فلا يأتي، تستجديه بالدعاء، تعتقدُ أنَّ "اثمَها" يطيِّره، فتأخذها الهواجسُ إلى الحاسوب: تفتحه، تكتبُ اسمها السهل التركيب على محرِّك البحث.. تظهرُ نتائج متعددة، أغربها يقرنُها بـ"عبد الحليم حافظ". تضغطُ على الرابط من دون أن تؤخرها الدهشة، تظهر شاشة "يوتيوب" فادحة السواد، ثمَّ يمشي الخط الأحمرُ على دفعتين: باهت سريع، وغامق بطيء كالمفاجأة الثقيلة حتى تشاهدَ صورها الثابتة والمتحرِّكة فيديو كليب رديئا لأغنية "حلو وكدَّاب"!
تتقهقرُ إلى فراشها تبكي كمطر صامت تنتظرُ الصباح فلا يطلع، إلى أن يأتي نهار غامق تخرجُ فيه الصحيفة على صفحتها بخبر جانبي عن فتاة قتلها أبوها أو أخوها بـ"داعي الشرف"، وهي في طريق العودة من "الطيش"!