أثارت العديد من الأعمال السينمائية المشاركة في مسابقة
الأفلام الطويلة بمهرجان وهران الاسبوع الماضي، الكثير
من الجدل الساخن، وقد كان آخرها، فيلم ابن بابل العراقي
للمخرج محمد الدراجي، وهو الفيلم الذي أغضب الكثير
ممن شاهدوه خصوصا لكثرة تلك اللقطات التي تحتوي
على إدانة مفرطة للرئيس العراقي السابق صدام حسين
، حيث وصفه الفيلم على لسان أحد أبطاله، بأوصاف قبيحة،
على غرار "الكلب"، و"ابن العاهرة"؟!!
الفيلم، وحسب منتجه، ناجي الدراجي، وهو شقيق المخرج، يدين مرحلة سياسية بعينها، وما خلفته هذه الأخيرة، من مقابر جماعية ومآسي بالنسبة للكثير من العائلات، وليس الكردية منها فقط، وهي المنطقة التي ينحدر منها فريق العمل، وتدور فيها وبلغتها قصة الفيلم وأحداثه، حول امرأة تذهب هي وحفيدها للبحث عن ابنها المفقود، فلا تجده في كل مكان، بالناصرية، لينتهي بها الأمر، متوفاة، على متن شاحنة تضم عشرات الأمهات الثكالى بفقدان أحبائهن مثلها، وعلى مقربة من مدينة بابل، أملها الأخير في العثور عليه؟!
منتج الفيلم، رد على سؤال الشروق بخصوص، الإفراط في سب وشتم الرئيس الراحل صدام، رغم أن هذا الأخير، ما يزال يعد رمزا شعبيا بالنسبة للملايين، في الجزائر على الأقل، قائلا: "على هؤلاء الذين يحبون صدام، أن يضعوا أنفسهم في مكان الأم بطلة الفيلم، وهي في الوقت ذاته، ممثلة تخلت عن كل أجرها من أجل مساعدتها دوليا للبحث عن زوجها المفقود منذ أحداث 1991.."، علما أن المنتج، ورط المنظمين، عن قصد، أو غير قصد، حين قام قبل بداية عرض الفيلم بقاعة سينما المغرب، وسط مدينة وهران، بمحاولة توزيع بيان سياسي أو عريضة، للدفاع عن مفقودي العراق، قائلا: من أراد التوقيع فمرحبا، ومن لم يرد، فأهلا وسهلا.. رغم أن الفيلم، المدعوم ماديا من مهرجانات ومنظمات دولية، والذي تمكن من حصد 20 جائزة مهمة خلال السنة الجارية، حمل في طياته، إدانة سياسية مباشرة، حاول المخرج تمريرها بالقوة متكئا على القصة العاطفية والمأساوية للأم والجدة والحفيد.
أحد المشاهدين المتواجدين في القاعة، فاجأ منتج العمل، على هامش الندوة المخصصة للفيلم، بالقول أنه من العيب والعار، كل تلك الشتائم التي تم توجيهها لصدام، رغم أن هذا الأخير لا يختلف في جبروته عن بقية القادة العرب، الذين تنعم عليهم أمريكا والغرب بالرضا، وترعى مصيرهم واستمرارهم في الحكم، علما أن أكثر العبارات الجارحة التي حملها مضمون الفيلم، جاءت على لسان أحد شخوصه، وهو سائق شاحنة صغيرة، وصف الرئيس الذي أعدمته أمريكا وأتباعها، فجر عيد الأضحى المبارك، بأنه كلب، وابن ساقطة، وألفاظ أخرى، يستحي القلم من ذكرها، رغم أنه لم يسئ للأمريكان، إلا بتعبير واحد، حين وصفهم بالخنازير؟!!
منتج العمل، رفض الرد على هذه الملاحظة خلال النقاش، قائلا أنها ليست سؤالا، ولكنها وجهة نظر، دون أن يقول إن كان يحترمها أو لا، لكن المثير للانتباه، أن العديد من المشاهدين خرجوا من القاعة، تحت تأثير الحزن والكآبة المدروسة التي وزعها الفيلم عبر مشاهده، دون أن يترك لهم ذلك فرصة للتفكير في مدى صحة أو خطورة ما تضمنه من أفكار، لا يبدو أن الشارع الجزائري مستعد لقبولها بعد.