وبينما نحن ننتظر كأس العالم كل أربع سنوات من أجل أن نتابعه عن كثب لثلاثين يوماً فقط لا غير..فإننا نمضي عاماً كاملاً في دوري من أجل مباراتين فقط! ذلك الدوري الذي لا يؤيد قوته سوى مشجعين، ولا يفوز به إلا فريقين، ومخطط من قبل مدربين، ومثار إعلامياً عن صحيفتين، والنتائج بين الفريقين والفرق الأخرى كمزاد إحدى لوحات ليوناردو دافنشي.. أقدامهم تقول: 4-0، وبعض المرات تصل للثمانية! .. ولو كان دوري فنياً –كما يقولون- لأجرى المدرب الخاسر تبديلاً واحداً..على الأقل من باب "احترام الوظيفة"، لكنه في الواقع آمن منذ زمن بعيد أن الدوري الإسباني هو برشلونة – ريال مدريد!
أي دوري هذا الذي يبتعد فيه الوصيف عن البقية، كأبعاد الكرة التي في الملعب عن المشجع الذي يتابعها عبر الشاشة في منزله؟ بالرغم من أنك قد تكون قريباً جداً من التلفاز لكنك لن تفكر أبداً في الوصول لريال مدريد وبرشلونة. في الواقع أن الدوري الإسباني فريد من نوعه، فهو يملك تعويذة الأشياء التي دوماً ما نسمعها في حياتنا (2 في 1).. فهو دوريان، أحدهم لبرشلونة وريال مدريد، والآخر: أهلاً وسهلاً بالضيوف الكرام!.. أصابتني السخرية حينما سألت مشجع فريق برشلونة عن مباراة فريق ريال مدريد المقبلة، فقال لي: أنا أصلاً لا أعرف مباراتنا المقبلة لكنني أضمن لك ثلاث نقاط!؟!
في الحقيقة أنني أشجع في ايطاليا وانجلترا فريقين خارج النص.. وأياً كان ذلك الطرف الذي سيواجه أحدهما، فهو رهبة مضاعفة بالنسبة لي، فالفِرق هناك لا تؤمن بقوة معينة ولا تغريد عصفور خارج السرب، الجميع هناك "سواسية"، ومهما كانت قوة الإعلام في تلك الدول، فالشيء الذي يعيش في الفرق المتواضعة هو الشئ الوحيد الذي قد يجعلهم منتصرين، وفي الحقيقة أنهم ينتصرون ولا عزاء حينها للأمجاد..فيما يذهب مشجعو ألميريا الإسباني لملعبهم -دون أعلامهم- ومعهم هواتفهم وكاميراتهم مجهزة مسبقاً ليلتقطوا ما كتب الله حينها من مزاد الكرة المفتوحة! أما لو أردنا التحدث عن لقاء يقال عنه "ديربي"، فإن الخصم ومعه الجماهير، يذهبوا إلى هناك، ويرددوا بدون صوت: نريد أن ننتصر بأقل هزيمة ممكنة!
يقولون هي قوة برشلونة وريال مدريد المفرطة، ولكنها في الواقع هو موت وغيبوبة الفرق الأخرى، طبعاً الموت سببه الإعلام والاستسلام.. فلو كان الأمر قوة، لاستحوذ "القوتان" على دوري أبطال أوروبا، على الأقل في العشر سنوات الماضية. "أرجوكم" لا تقولوا لي –سداسية-، لأنني إلى اليوم ما زلت أخاف رؤية فيلم الجريمة والتشويق "تشيلسي-برشلونة"، الذي بلا شك تصدر قمة ايرادات (كوميديا) الرياضة!.. أنا لا أحب برشلونة، لكنني أصلاً أحب ريال مدريد، فالأخير لم أجد شيئاً له سوى "عقدة" ليون! ولو كان الأخير ما زال يعيش على ألقابه التسعة، فإنها تقترب لتصبح ماضيا، بنفس الطريقة التي أتى بها مانشستر من بعيد ليعادل ألقاب ليفربول محلياً –بعدما كان ذلك محالاً-.
نعود لصلب موضوعنا. ولتعود فئة الفريقين لتقول: هذا دوري العالم يا عالم!، إنهم يتخطون الخيال.. لتصبح مباراتان هما أجمل دوري في العالم! .. انظروا إلى الكالشيو كيف أن روما بدأ في القاع وصار فجأة ينافس على القمة، أو حتى نابولي الذي كانت أحلامه "على قده" ثم استيقظ فجأة فوجد نفسه بجانب ميلان.. ولا ننسى البقية! وفي انجلترا، حينما يكون البطل مفقود الهوية.. في الماضي كان التنافس محصوراً بين مانشستر وليفربول.. فاشترك آرسنال وتشيلسي.. حتى انضم السيتي وتوتنهام!!! وما زالت اسبانيا تمارس لعبة الكراسي الموسيقية بين برشلونة وريال مدريد. ومع أن الغيب لا يعلمه سوى الله، لكن هذه الطقوس لن تتغير.. على الأقل حتى عام "2090"، لأن التغيير لا يتوقف على ملكية الريال، وليس على قوة برشلونة، بل على ضعف الفرق الأخرى..وهذا كله لن يتغير، لأن الفرق ضعيفة لقوة الصحافة، والصحافة قوية لعشقها "البزنس".. ومن يعشق البزنس لا يتغير!
برشلونة وريال مدريد يلعبان وليس من خلفهما سوى أنفسهما. أعطوني ريال مدريد في الدوري الإنجليزي شهرين، وبرشلونة مع الإيطالي شهرين وأسبوع إضافي لقوتهم "العظمى"... ستقولون حينها معي: أي دوري هذا الذي يبدأ مزاده بالثمانية وينتهي بطله بواقع المواجهة المباشرة!!!