هل الشتيمة لغة؟، وإذا كانت كذلك فمَن اكتشفها، ومَن وضع مصطلحاتها، وعن أيِّ شعور تنتج، وكيف تُستخدم ولماذا؟.. ما هي الشتيمة، وما هو المقابل النفسي والموضوعي لها.. وهل يستطيع الإنسان أن يعيش دون استخدام مفردات الشتيمة ولو لمرة واحدة أو في موقف واحد في حياته؟..
لن أدَّعي الإجابة، ولن أبحث في خصوصية الشتيمة في أيٍّ من العلوم التي تناولت هذا النوع من التعبير الكلامي..
لن أبحث في تاريخ وجودها، ولن أدقِّق فيما إذا كانت جزءاً حيوياً من تاريخ البشر، لكني سأفكِّر، مثل عابر سبيل تعرَّض لها أكثر من مرة بمناسبة أو بغير مناسبة، سأفكِّر فيها دون أن أسلب حقّ أحد في أن يشتمني.. في السرّ أو في العلن، وأنا متأكِّد أنَّ بعض الناس يشتمون عند الحاجة، وآخرين يشتمون كلما سنحت لهم الفرصة، ونوعاً ثالثاً ارتضى لنفسه أن يكون كلياً من صنف يميّزه بوصف «الشتّامين».. وأستثني هؤلاء من طريق عابر السبيل، فهم لا إصلاح لهم ولا تأثير..
وأتخيَّل قدرة الشتيمة على اعتدادها بنفسها، فهي غالباً ما ترضي دونية الشاتم، وتحوِّله إلى بطل أمام نفسه.. قاموس جاهز من المفردات الدارجة، استحضار بدائي لحبال الصوت، حركات بهلوانية يسيطر عليها الانفعال، هشاشة في النفس.. وليبدأ «اللعن»، وزلات اللسان.. على كلِّ من كان وما كان.. مع الأخذ في الاعتبار أنَّ كلَّ جملة فعلية أو اسمية يمكن أن ينطقها اللسان، هي جملة كاذبة قلباً وقالباً، فالشتيمة هي بالضرورة كذب الكلام، وسقط متاع اللغة، وزبد القول..
وإذا كان الكذب ملح الرجال، فإنَّ الشتيمة لا جنس لها.. إنها خنثى الكلام، كذلك هم الشتامون..