كثيرا ماحصل معنا ، أننا نُعجبُ بـ فلان من الناس حتى نعطيه إحدى
القمم العالية ونقول أنه يستحقها بجدارة ، ولكن انتبه عندما تعطي
مثل هذه المكانة لإنسان ، فإنك قد منحتها له في حال من الأحوال
فهل جربتَ معه حالا آخر ؟
فهو الآن صديقك ،، وحبيبك والعلاقة تجري على أحسن مايكون فـ لم
ترَ منه سوءاً ، وطبعا ماراح تشوف السوء لأن الوضع طبيعي وفي الأوضاع
الطبيعية لا تظهر كل صفات النفوس ، إذن انتظر ساعة غير طبيعية لينكشف
لكَ المعدن ، إن كان أصيلاً يستحق القمة أو صفيحة من الصفائح التي لها
أمكنة خاصة تُلقي فيها .
هو الآن يبتسم ، لأنك تبتسم ، هو الآن يرحب بك لأنك ترحب به ، هو الآن
لايغدر بك لأنك لم تغدره ، هو لايخونك ، لأنك لم تخنهُ ، وإذاً هو لايتصرف بوحي
خُلُق وإنما يتصرف بحسب الحال وهذا لا يكشف عن محتواه ومستواه الحقيقي
حتى تختفي ابتسامتك أو يظن أنك غدرته أو يظن أنك خنته أو يتوهم أنك خاصمته
وهنا سيظهر حقيقة معدنه .
ستجده وقد كشر عن أنيابه الحقيقية لـ يفترس لحمك في أول فرصة تسنح
له وإن كانت غير متكافئة وفي غفلة منك ، فـ الغدر خلق سيء لا يمنعنا عن
ممارستهِ إلاّ أخلاقنا وديننا كما يفترض ، وهنا القمة . والخيانة خُلُق ذميم لا
يمنعنا من ممارسته وفاء الآخرين وإنما ماتربت عليه نفوسنا كما يفترض أيضا
وهنا قمة أخرى . والكلام البذيء خلقٌ مكروه ولايمنعنا من ممارسته جمال
كلمات الآخرين وإنما جمال نفوسنا وأصالتها .
عندما يشتمك أحدهم فترد عليه الشتيمة شكرا ، فهذه قمة القمم وعندما
يساءُ إليكَ بكلمة فتقابلها بالحسنى فهذه أعلى القمم وهكذا هي أصيلة
لا تقبل إلا كل أصيل . ومخطىء من ظن أن ثمن احتلال القمة بضعة كلمات
وفلسفة نتقنها لنعلو بها ، وإنما هي انتصارنا على رغبات نفوسنا بالإنتقام
والأذى والتنكيل وما الى ذلك من الأخلاق السيئة .
الخاتمة :
القمة ، لها ثمن تدفعه لتحتلها فكل ارتقاء يحتاج الى مجهود وتعب وأما الوديان
فـ ( مجانية ) ولا تحتاج إلا لممارسة الهبوط السهل السريع المريح ولكن التعب
سيكون في استقرارك هناك .
وأخيرا ، هنالك قمماً معروضة للبيع ، أنصحك بشرائها فلا قمة بلا ثمن
فـإن امتلكت الثمن ؟
هي بانتظارك
وإيّاك ،، ثم إياك ثم إياك أن تنزلق قدمك
فالثبات على القمة أصعب من التسلق إليها