عانيت وقاسيت
كانت أيامي كلها سوداء
يوم يشبه الآخر, وتمر الأيام أمامي
و أنا واقف في مكاني , أعاني
أنتظر
أننتظر عودة الغالي إلى أحضاني
صبرت و رفضت النسيان و الاستسلام
جربت القهر والحرمان
كنت أموت كل يوم و أنا في الانتظار
و لم أيأس و لم أمل الانتظار
إلى تلك الليلة, تلك الليلة التاريخية
التي لن أنساها مهما حييت
كان المطر يهطل بغزارة
و أنا أراقب من نافذتي
خيوط المطر التي تربط الأرض بالسماء
شعرت بالغيرة من الأرض
فعلى الأقل لم تنسها السماء
ففي كل فصل شتاء
ترسل لها قطرات ماء
وفي كل قطرة همسة
في كل قطرة كلمة حب
أو كلمة عشق , أو كلمة شوق
على الأقل هي تروي عطشها
أما أنا فلم تصلني ولا كلمة
كنت أنتظر منه أي شيء
و لو كلمة عتاب , أي شيء
لكنه رحل دون سبب و دون تفسير
فلم أرتوي بغير دموعي...
سمعت قطرات المطر تنادي
فقررت الخروج إليها
فأخذتني قدماي إلى مكان اللقاء
فوقفت بين الشجر , أحسست بالبرد يخترق جسدي
أغمضت عيناي
و فتحت ذراعاي
و صرخت في صمت
أين أنت
و جلست أتذكر أيامنا و ماضينا
و جريَنا تحت المطر
و الدفء الذي كنت أشعر به ونحن معا في عز البرد
و تحت قطرات المطر
فنزلت دموع ألمي وحسرتي
و فجأة
أحسست بإحساس غريب
و بدأت ضربات قلبي تتسارع
تتسارع تتسارع و تتسارع
سمعت صوتا في الخلف
صوت خطوات بعيدة
لكنها كانت تقترب شيئا فشيئا
بقيت واقفاً جامداً في مكاني
لا أعرف ماذا أفعل
و الخطوات تقترب مني أكثر فأكثر
وفجأة توقفت
شعرت بالدفئ
أحسست بأنفاسه
سمعت دقات قلبه
عرفت أنه عاد
فنزلت دموعي , ولأول مرة
لم تكن دموع ألم
نادى علي بصوت خافت
استدرت
فوجدته هو الآخر دموعه على خديه
وقف صامتا للحظات وعيناه في الأرض
ثم قال متلعثما : أنا آسف ... للقد ..أنااا..
قاطعته واضعة إصبعي على شفتيه
و قلت : شششش
لا أريد أن أعرف شيء
المهم هو انك عدت
و ارتميت في حضنه كالطفل
و ضمني إليه بقوة
و قالت : أرجوك سامحني
سامحني على كل دمعة ذرفتها بسببي
سامحني على الألم الذي عانيته في بعدي
ها أنا عدت فاطلب مني ما شئت
أطلب مني النجوم ستكون بين يديك
فأنا لم أكن أعرف قيمتك إلا بعد أن خسرتك
كنت أنت حياتي
و بعدك اكتشفت أني دونك لا شيء
فاطلبي مني ما شئت
/ / / / /
"
/ / / / /
رفعت رأسي ونظرت إلى عينه
وقلت : أنا لي طلب واحد
عدني بأن لا تبتعد عني من جديد
فقال : أعدك , أعدك بأن لا أغيب عن ناظرك
و أن لا أجعل عيناك الغاليتان تدمع من جديد
و كـن على يقين
أني بعيدا عنك لا استطبع الحياة
ابتعدت لأني خفت التعلق بك أكتر
لقد كنت أشعر أني أسيرك
خفت من يوم قد تهجرني فيه
لا أعرف كيف كنت أفكر
قررت الهروب
لكن حبك أكبر مني
حبك يسري في عروقي و دمي
وجدت أني هربت بجسدي
و تركت قلبي و روحي وعقلي هنا معك
فها أنا عدت طلبا العفو منك
و طالبا السماح لي بالعودة إلى مكاني في قلبك
إذا مازال لي فيه مكان
قلت : قلبي كله لك ولن يكون في يوم لغيرك
أنا أحبك
و اشتقت إليك
و اختبأت في حضنه و نحن تحت المطر
فكانت قطرات المطر شاهدة على قصة حبنا
فاسألوا عنا المطر