ذكر سليمان عرار بالضرورة بوصفه أول رئيس لمجلس نواب في بداية التحول إلى الديمقراطية عام 1989 ، فقد تعدّدت اهتمامات عرار حتى شملت، إلى جانب السياسة، الصحافة والأدب والمحاماة. لكن المعركة الانتخابية التي خاضها في تلك الانتخابات الفاصلة كانت لافتة.
فقد خاضها في أجواء اتسمت ب » التنافس الشديد بين الإخوان المسلمين والقوميين، إضافة إلى التيار الوطني ممثلا بتوفيق كريشان وعبد الكريم الكباريتي »، كما يقول أكرم كريشان أحد المقربين من عرار. وعلى أرضية النظام الانتخابي السابق المعروف بنظام القائمة المفتوحة، حلّ سليمان عرار ثانياً بنيله 5590 صوتاً، تاليا ليوسف العظم الذي احتل المركز الأول بنيله 5841 صوتا، فيما شغل المقاعد الثلاثة المتبقية كل من: زياد الشويخ (4896 صوتا) ، وهشام الشراري(4538 صوتا)، وعبد الكريم الكباريتي (4482 صوتاً). وكانت محافظة معان آنذاك تضم مناطق العقبة والشوبك ووادي موسى. هذا التنافس المصحوب بتشجيع الرفاق القوميين، ومؤازرة وتكاتف بعض الليبراليين والقوميين واليساريين والاشتراكيين والتقدميين وبعض الإسلاميين المستقلين، شجع عرار على خوض غمار رئاسة مجلس الأمة ضد يوسف مبيضين المحسوب على التيار الإسلامي ، والفوز بالمنصب ليكون أول رئيس لمجلس النواب في بداية التحول إلى الديمقراطية عام 1989 . نال عرار 44 صوتاً، في حين نال مبيضين 32 صوتاً. وقد استمر في رئاسة المجلس عاماً واحدا، خلفه بعد ذلك عبد اللطيف عربيات.
ولد عرار في معان عام 1934 وأمضى معظم حياته في العمل العام متنقلا بين بلدته الأصلية والعاصمة. درس الحقوق في جامعة الإسكندرية بمصر، ونال شهادة البكالوريوس فيها في ذروة بروز الناصرية العام 1961 . ثم نال شهادة الدبلوم في القانون المدني في جامعة الرباط في المغرب. خلال مسيرته في العمل الرسمي تسلم عرار حقائب وزارية عديدة، إلا أن اسمه ارتبط بوزارة الداخلية، إذ تسلم هذه الحقيبة مرتين في حكومتين شكلهما مضر بدران العام 1976 . ثم عهد إليه الراحل عبد الحميد شرف بمنصب وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء حين شكل حكومته عام 1979 ، واحتفظ بالمنصب نفسه إضافة إلى حقيبة الزراعة في حكومة الرئيس قاسم الريماوي عام 1980 ، قبل أن يعود إلى وزارة الداخلية في حكومة أحمد عبيدات عام 1984 ، وخلال توليه المنصب، أشرف عرار على الانتخابات التكميلية لمجلس النواب آنذاك.
اختير سليمان عرار عضوا في المجلس الوطني الاستشاري في دوراته الثلاث (1978 - 1982) ليصبح رئيسا له في دورته الأخيرة العام 1982 . وكان قبل ذلك قد عمل في الصحافة وشارك مع محمود الكايد وآخرين في تأسيس صحيفة الرأي التي ما لبث أن أصبح رئيسا لتحريرها في العام 1973 ، بعد نزار الرافعي الذي كان أول رئيس تحرير لها لدى تأسيسها العام 1971 ، ثم ملحم التل العام 1972 . وقد كانت تلك الخطوة مقدمة لتبوئه منصب نقيب الصحفيين في 16 / 1/ 1976 ، ولكن المفارقة التي كانت ملازمة لحياة عرار أخذته في نقلة ليست غريبة على مسيرته، من نقابة الصحفيين إلى وزارة الداخلية ليبدأ رحلة لن تطول كثيرا مع المناصب الرسمية. في كتابه «العودة إلى الأرض »، يختزل الراحل سليمان عرار، مشاعره لحظة الاقتراب من الموت، إذ يسرد تفاصيل مرعبة عن «رحلة الموت » على متن طائرة عراقية تحطمت فوق الأراضي السعودية العام 1986 ، بعد أن كانت مسرحا لمعركة جوية بين حرسها وقراصنة جو اختطفوها خلال رحلة عادية من بغداد إلى عمان. سليمان وشقيقه خالد كانا من بين قلة نجت من تلك المجزرة الجوية.
عرار الذي بدأ حياته محاميا في قصر العدل قبل أن يحترف الصحافة، تحول في أواخر حياته إلى صناعة الأحزاب متكئا على رصيده الشعبي وشخصيته الجذابة، فبعد صدور قانون الأحزاب السياسية العام 1992 ، أسس “حزب المستقبل”، وتولى رئاسة تحرير أسبوعية “المستقبل”، لسان حال ذلك الحزب الوسطي. وفي العام 1996 أشرف على عقد مؤتمر “الأحزاب العربية” في عمان، مبتدئا مسيرة سياسية في صفوف المعارضة، حيث أنه قاطع الانتخابات اعتبارا من العام 1993 ، متضامنا في ذلك مع عدد من أحزاب المعارضة، فلم يعد إلى النيابة مرة أخرى. يذكر محمد مشرف الفقهاء، وهو شيوعي قديم، إنه عندما صدر قانون الأحزاب الأردني العام 1992 ، أعلن عرار عن تشكيل حزب “المستقبل”، ولاستقطاب أعضاء جدد قدم إلى محافظة مادبا للمشاركة في ندوة، وللدعوة للحزب في الآن نفسه، “يومذاك”، يوضح الفقهاء، “كانت مشاركتي تتلخص بأن رويت قصة ناغمت بها بين الأسياد في الجاهلية والأسياد في الإسلام، وهي أن خورياً مسيحياً كان قد مارس ألواناً من القمع على رعيته، فذهبوا يشتكونه إلى البابا مروراً بالمطران والبطريرك، لكن دون جدوى، فاتفقوا على التحول إلى الديانة الإسلامية، ومثل أي مسلم صالح ذهب هؤلاء إلى صلاة يوم الجمعة، وهناك كانت المفاجأة، فقد اكتشفوا أن الخوري نفسه هو الذي يؤم المصلين بعد أن تحول إلى الإسلام، وهكذا، فإن من كان أحد سادة الأحكام العرفية، لم يلبث أن أصبح أحد سادة التحول الديمقراطي”.
على الصعيد الشخصي، خاض عرار معركة مريرة مع القدر العام 1993 ، حين توفي ابنه محمد بطريقة عبثية وهو بعد في الثامنة عشرة من عمره، ولم يمض وقت طويل حتى عاد الموت الذي راوغه سليمان عرار في أواسط الثمانينيات ليضع حدا لحياة قصيرة نسبيا، ولكنها صاخبة بكل تأكيد. توفي سليمان عرار في 7/ 11 / 1998.
[/SIZE]
:nAshOomA (21):
[SIZE=7]هاد بقربلي
:nAshOomA (21):
فقد خاضها في أجواء اتسمت ب » التنافس الشديد بين الإخوان المسلمين والقوميين، إضافة إلى التيار الوطني ممثلا بتوفيق كريشان وعبد الكريم الكباريتي »، كما يقول أكرم كريشان أحد المقربين من عرار. وعلى أرضية النظام الانتخابي السابق المعروف بنظام القائمة المفتوحة، حلّ سليمان عرار ثانياً بنيله 5590 صوتاً، تاليا ليوسف العظم الذي احتل المركز الأول بنيله 5841 صوتا، فيما شغل المقاعد الثلاثة المتبقية كل من: زياد الشويخ (4896 صوتا) ، وهشام الشراري(4538 صوتا)، وعبد الكريم الكباريتي (4482 صوتاً). وكانت محافظة معان آنذاك تضم مناطق العقبة والشوبك ووادي موسى. هذا التنافس المصحوب بتشجيع الرفاق القوميين، ومؤازرة وتكاتف بعض الليبراليين والقوميين واليساريين والاشتراكيين والتقدميين وبعض الإسلاميين المستقلين، شجع عرار على خوض غمار رئاسة مجلس الأمة ضد يوسف مبيضين المحسوب على التيار الإسلامي ، والفوز بالمنصب ليكون أول رئيس لمجلس النواب في بداية التحول إلى الديمقراطية عام 1989 . نال عرار 44 صوتاً، في حين نال مبيضين 32 صوتاً. وقد استمر في رئاسة المجلس عاماً واحدا، خلفه بعد ذلك عبد اللطيف عربيات.
ولد عرار في معان عام 1934 وأمضى معظم حياته في العمل العام متنقلا بين بلدته الأصلية والعاصمة. درس الحقوق في جامعة الإسكندرية بمصر، ونال شهادة البكالوريوس فيها في ذروة بروز الناصرية العام 1961 . ثم نال شهادة الدبلوم في القانون المدني في جامعة الرباط في المغرب. خلال مسيرته في العمل الرسمي تسلم عرار حقائب وزارية عديدة، إلا أن اسمه ارتبط بوزارة الداخلية، إذ تسلم هذه الحقيبة مرتين في حكومتين شكلهما مضر بدران العام 1976 . ثم عهد إليه الراحل عبد الحميد شرف بمنصب وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء حين شكل حكومته عام 1979 ، واحتفظ بالمنصب نفسه إضافة إلى حقيبة الزراعة في حكومة الرئيس قاسم الريماوي عام 1980 ، قبل أن يعود إلى وزارة الداخلية في حكومة أحمد عبيدات عام 1984 ، وخلال توليه المنصب، أشرف عرار على الانتخابات التكميلية لمجلس النواب آنذاك.
اختير سليمان عرار عضوا في المجلس الوطني الاستشاري في دوراته الثلاث (1978 - 1982) ليصبح رئيسا له في دورته الأخيرة العام 1982 . وكان قبل ذلك قد عمل في الصحافة وشارك مع محمود الكايد وآخرين في تأسيس صحيفة الرأي التي ما لبث أن أصبح رئيسا لتحريرها في العام 1973 ، بعد نزار الرافعي الذي كان أول رئيس تحرير لها لدى تأسيسها العام 1971 ، ثم ملحم التل العام 1972 . وقد كانت تلك الخطوة مقدمة لتبوئه منصب نقيب الصحفيين في 16 / 1/ 1976 ، ولكن المفارقة التي كانت ملازمة لحياة عرار أخذته في نقلة ليست غريبة على مسيرته، من نقابة الصحفيين إلى وزارة الداخلية ليبدأ رحلة لن تطول كثيرا مع المناصب الرسمية. في كتابه «العودة إلى الأرض »، يختزل الراحل سليمان عرار، مشاعره لحظة الاقتراب من الموت، إذ يسرد تفاصيل مرعبة عن «رحلة الموت » على متن طائرة عراقية تحطمت فوق الأراضي السعودية العام 1986 ، بعد أن كانت مسرحا لمعركة جوية بين حرسها وقراصنة جو اختطفوها خلال رحلة عادية من بغداد إلى عمان. سليمان وشقيقه خالد كانا من بين قلة نجت من تلك المجزرة الجوية.
عرار الذي بدأ حياته محاميا في قصر العدل قبل أن يحترف الصحافة، تحول في أواخر حياته إلى صناعة الأحزاب متكئا على رصيده الشعبي وشخصيته الجذابة، فبعد صدور قانون الأحزاب السياسية العام 1992 ، أسس “حزب المستقبل”، وتولى رئاسة تحرير أسبوعية “المستقبل”، لسان حال ذلك الحزب الوسطي. وفي العام 1996 أشرف على عقد مؤتمر “الأحزاب العربية” في عمان، مبتدئا مسيرة سياسية في صفوف المعارضة، حيث أنه قاطع الانتخابات اعتبارا من العام 1993 ، متضامنا في ذلك مع عدد من أحزاب المعارضة، فلم يعد إلى النيابة مرة أخرى. يذكر محمد مشرف الفقهاء، وهو شيوعي قديم، إنه عندما صدر قانون الأحزاب الأردني العام 1992 ، أعلن عرار عن تشكيل حزب “المستقبل”، ولاستقطاب أعضاء جدد قدم إلى محافظة مادبا للمشاركة في ندوة، وللدعوة للحزب في الآن نفسه، “يومذاك”، يوضح الفقهاء، “كانت مشاركتي تتلخص بأن رويت قصة ناغمت بها بين الأسياد في الجاهلية والأسياد في الإسلام، وهي أن خورياً مسيحياً كان قد مارس ألواناً من القمع على رعيته، فذهبوا يشتكونه إلى البابا مروراً بالمطران والبطريرك، لكن دون جدوى، فاتفقوا على التحول إلى الديانة الإسلامية، ومثل أي مسلم صالح ذهب هؤلاء إلى صلاة يوم الجمعة، وهناك كانت المفاجأة، فقد اكتشفوا أن الخوري نفسه هو الذي يؤم المصلين بعد أن تحول إلى الإسلام، وهكذا، فإن من كان أحد سادة الأحكام العرفية، لم يلبث أن أصبح أحد سادة التحول الديمقراطي”.
على الصعيد الشخصي، خاض عرار معركة مريرة مع القدر العام 1993 ، حين توفي ابنه محمد بطريقة عبثية وهو بعد في الثامنة عشرة من عمره، ولم يمض وقت طويل حتى عاد الموت الذي راوغه سليمان عرار في أواسط الثمانينيات ليضع حدا لحياة قصيرة نسبيا، ولكنها صاخبة بكل تأكيد. توفي سليمان عرار في 7/ 11 / 1998.
[/SIZE]
:nAshOomA (21):
[SIZE=7]هاد بقربلي
:nAshOomA (21):