[/FONT] انفجرت فضيحة مدوية في الجزائر خلال الـ48 ساعة الماضية، إثر اكتشاف لحوم حمير موجهة للاستهلاك البشري في عز شهر رمضان، وحرص مسؤول محلي على إبراز سلامة اللحوم المسوّقة، موجها أصبع الاتهام إلى العمال الصينيين المتواجدين بكثافة في البلاد، على خلفية اشتهارهم باستهلاك لحوم الحمير والقطط.
و بدأ كل شيئ، عندما جرى اكتشاف رأسي حمارين مذبوحين بمحافظة برج بوعريريج (234 كلم شرقي العاصمة)، وعلى الفور، سرت حالة من الهلع بين السكان المحليين، اللذين أبدوا وسط حالة من الذهول خشيتهم من تكرار ما حصل قبل سبع سنوات حينما استهلكوا كميات كبيرة من لحم الحمير، في فصل سيئ من الجشع التجاري المتجرد عن الأخلاقيات والضوابط. وحرص "الجيلالي سبوعي" وهو مدير التجارة بمنطقة برج بوعريريج، على التأكيد بأنّ ما جرى اكتشافه خاص بقاعدة الحياة التابعة للجالية الصينية بالمنطقة المذكورة، ويوضح بهذا الصدد:"التحريات الأولية أكّدت إقدام العمال الصينيين الذين ينشطون في ورشة للإنشاءات العامة، على ذبح حمارين بطريقة غير شرعية، ما فجّر شكوكا ومخاوف بين الجزائريين". كما يلفت سبوعي أيضا إلى أنّ الجهات المختصة عثرت على عشرين كيلوغراما من لحم الحمير المفروم، وتنوي اتخاذ التدابير اللازمة ضدّ الواقفين وراء العملية، ملفتا إلى أنّ الذبح تمّ بطريقة غير شرعية ومن دون إشراك المصالح البيطرية المختصة. ويشدّد سبوعي على سلامة اللحوم المسوّقة، معلّقا:" لم نجد غراما واحدا من لحوم الحمير على مستوى المحلات"، وركّز المسؤول ذاته على إخضاع كل اللحوم المتداولة بالمسالخ والمتاجر إلى رقابة تامة، ويشرح محدثنا أنّ فرقا متخصصة واظبت منذ افتتاح شهر الصيام على القيام بزيارات تفتيشية دورية، وإرفاقها بما سماها "الرقابة الليلية" بالتنسيق مع الأجهزة البيطرية والأمنية. ورغم التطمينات الرسمية، إلاّ أنّ عموم مستهلكي اللحوم، تعاطوا بحذر شديد مع المسألة، ولم يخف سيد أحمد تخوفه الشديد من أن يصل لحم الحمير إلى مائدته من حيث لا يشعر، مفضلا الامتناع عن اقتناء اللحوم إلى إشعار آخر، في وقت ذكر ياسين وعمار أنهما يفضلان قطع مسافات طويلة لاقتناء لحم يؤمنان بسلامته، بينما علقت نصيرة وآمال بحسرة ظاهرة:"إلى متى نبقى رهينة الغش واللاوضوح؟". إلى ذلك، أعلن "عبد الحميد زايدي" رئيس جمعية حماية المستهلك، عن إيداعه شكوى على مستوى القضاء المحلي، وأضاف زايدي أنّ جمعيته عازمة على العمل بمعية فرق الرقابة للحيلولة دون وقوع أي محذور على مستوى المسالخ ومحلات الجزارين. ويدعو الخبير "عبد الحق لعميري" للضرب بيد من حديد، وعدم التسامح مع كل من تسوّل له نفسه التلاعب بصحة المستهلكين، والتورط في ضروب من التحايل والغش والتدليس وذبح لحم الحمير وتقطيعه وتوجيهه للاستهلاك البشري، في حين تُثار تساؤلات عن فعالية أداء فرق الرقابة، وعامل غياب الرقابة الصحية في أماكن عرض المواد الاستهلاكية قبل دخولها الأسواق ومدى مطابقتها للمقاييس خاصة أثناء العرض والتسويق، بما فيها اللحوم الأبقار والأغنام المعروفة بقصر مدة صلاحيتها في ظل غياب نظام تبريد. وليست حادثة برج بوعريريج معزولة عن حوادث سابقة شهدتها البلاد عامي 2003 و2007، فقبل سبع سنوات جرى التحفظ على عشرة أشخاص بينهم مدير مسلخ حكومي وأربعة أطباء بيطريين، بعدما عُثر بحوزتهم على 1867 كيلوغرام من لحم الحمير عند خمسة جزارين كانوا بصدد تسويقها في أسواق مختلفة بالجزائر العاصمة، وكشفت تحريات حينها أنّ هؤلاء تمكنوا خلال أربعة أشهر من ذبح 1514 حماراً، ما يمثل أكثر من 57 طناً من لحم الحمير. وأفضت التحقيقات التي قامت بها الأجهزة الأمنية آنذاك، إلى أنّه كان يتم شراء الحمير في مناطق من البلاد بمبالغ زهيدة، وتنقل إلى مسالخ حكومية، حيث كان يتم خنقها بالحبال بدل ذبحها لتجنب افتضاح أمرهم، قبل أن يتم بيعها بأسعار مخفضة بالمحلات والأسواق وذلك بتواطؤ من جزارين وموزعين، مثلما كانت تستغل في صناعة "النقانق" وتوريد اللحم المفروم بكميات ضخمة إلى المطاعم، في سابقة اختصرت تنامي ظاهرة الجشع لدى فريق من التجار لا يعترف إلا بالربح حتى ولو كان على حساب أخلاقيات المهنة. وفي مناسبة ثانية قبل ثلاث سنوات، فوجئ عمال النظافة بحي غاريدي وسط الجزائر العاصمة، بعثورهم في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 200، على رأسي حمارين لم يمر على ذبحهما حينذاك ساعات قليلة بدليل الدم الذي لوحظ وهو ينزف من رأسيهما وكذا أحشاءهما التي وضعت في كيس بلاستيكي كبير. وتقول مراجع مختصة، إنّ الجزارين الذين تورطوا في بيع لحوم الحمير، كانوا يستخدمون مادة كيمائية تدعى (HTSC3) تستخدم عادة في حفظ الجثث، للمحافظة على اللحم لأطول مدة ممكنة، ويوظفون مادة" ميتابيسولفات الصوديوم" المضادة للأكسدة، بغرض جعل لحوم الحمير تحافظ على طراوتها لثلاثة أسابيع أو أكثر.[FONT=Tahoma]