قبل أشهر.. ماتت أختي الصديقة.. عن 40 عاما. فهمست لي بهذه الكلمات:
لاتموتي..
إنَّما الموتُ اغترابْ.
إنّ للموتِ نشيدًا كعويل ِالغرباءْ،
يملأ النفسَ دويّا، كعـزيفِ الجنِّ في أرض ٍ خرابْ.
يملأ الإحساسَ فوضى، والنواميسَ اختلالا واضطرابْ.
لا تموتي..
إنّ في موتِكِ، للنفس ِ مَعَ النفـس ِ صِراعـًا واحترابْ.
فيه سَجرٌ للدموع ِ، منهُ في العينين ِ نارْ، واحتلالٌ للعقول ِواستلابْ،
واغتيالٌ لأمان ٍ، عاهدَتـْنا، واعدتـْنا، بعدَ حين ٍأخلَفتـْنا،
حين آثرتِ الرحيــلَ بلا إيابْ.
لا تموتي..
كلُّ رزءٍ بعدَكِ يا أختُ هانْ.
عيشُنا بعدَكِ ليلٌ، لا سكونَ ولا أمانْ،
لا خشوع َ ولا سماء َبلا حدودْ، تمنحُ النُّسَّاكَ أسرارَ الوجودْ.
لا ولا نايًا شجيًّا يَعزفُ لحنَ الإيابْ.
يُلهمُ العُشّاقَ أنغامَ الهوى، يوحي للوُرّاق ِ أسطارَ الكتابْ.
عيشُنا بعدَكِ ليلٌ.. لا حكايا، لا ولا بَـوحَ القوافي،
للأثافي، تعبثُ فيها السَّوافي، كي توافي،
دمنة من أم أوفى، خدر سلمى
أو عنيزة أو نوى أم الرباب
ليتَ شِعريْ يا حبيبة،
لِمَ لمْ تذكري وعدًا، كانَ يجمعُنا بآبْ ؟
هل نسيتِ؟ لستِ مَنْ يُخلفُ شوقَـًا..
يومَ ميلادي انتظرتُ..
ثوَّبَ النـَّاعي ينادي، معلنـًا موتَ فؤادي،
وارتحلتِ، لأعيشَ الدّهرَ أسعى.. بينَ ذكراكِ ولحدِ،
أحتسي الأيامَ كـُرْهًا، أتعاطى العيشَ وحدي.
آه ِ يا أختي الحبيبة، آه ِ لو طالعتِ صمتي،
أو قرأتِ ما ببالي، أوتصفحتِ سؤالي،
لانتظرتِ ريثما أنهي مقالي..
حتى إنْ أومأتِ جئتُ.. طائعًا طوْعَ ثـَوابْ.
أهجرُ همّا تمطّى.. سامنـي سـوءَ العــذابْ.
آه ِ لو طالعتِ صمتي.. كنتِ طالعتِ كتابْ.
طالعيهْ، طالعيني اليومَ عهدا، واكتبيهْ..
اكتبيهِ عني وعدا..
طالعيهِ فيكِ ألحانًا عِذابْ.
طالعي ذكراكِ طقسًا، من طقوساتِ العبادة..
واحفظيهِ عني سرّا، إنْ فشا ازددتُ سعادة
أشهدُ عينيكِ أني،
أنَّ صمتي، كان بركانَ معانْ.. كانَ عنوانَ اغترابْ.
حتى عنْ نفسي وإني، مذ رحلتِ، ساكنتْ أحزاني روحي..
أسلمَتني من عذابٍ لعذابْ.
فاعذريني.. إيه ِ تغريدُ اعذريني.
عندما لذتُ بصمتي، كان قصدي،
يومَها البوحُ بسرٍّ، عاشني عمرًا طويلْ.
لكن ِالأقدارُ تمضي، لاتحابي إنْ كريمًا أو وضيعًا، إن غنيًا أو عفيًّا أو عليلْ.
قضت ِ الأقدارُ بالموتِ لنا، ولكِ يا أختُ بالصّبر الجميلْ.
اعذريني.. واغفري أختاهُ صمتي.
سامحيني إنْ خبا، صوتُ يقيني. إنْ غدا الموتُ صديقا لجنوني.
إنْ تلحدتُ شجوني، أوْ تكفنتُ بصمتِك، اعذريني.
سكنتْ قلبي همومٌ، بابُها يُفضي لبابْ.
قد يشي الشيبُ بحزني، قد ولكنْ،
لا يشيبُ الشوقُ، حتى إنْ شابَ الغرابْ.
إنَّ لي يا ابنة َأمي، دمعـة،ً
إن همتْ.. أحيتْ فؤادًا.. يافعـًا غـضَّ الإهـابْ.
إيهِ يا أختُ اخبـريني:
كيفَ سارَ الرّكبُ دونـي؟ كيف خانَ النعشُ عهدي؟
ورحلت لم تبالي.. إن بصمت أو عتاب