ما حقيقة سن اليأس عند الرجال؟
مع تقدم الرجال في السن تنخفض لديهم مستويات التستوستيرون الأمر الذي قد يسبب لهم الكثير من المشاكل
ذات يوم ستلاحظ أن اهتمامك بالجنس لم يعد كما كان في الماضي
كما هي الحال عند النساء.. تنخفض مستويات هرمونات الجنس عند الرجال مع تقدمهم في السن، غير أن ذلك يتم بصورة تدريجية
بقلم: الدكتور دانيال دي فيدرمان والدكتور جيفري ايه والفورد: أنت رجل في أواخر الخمسينات من عمرك، وقد استيقظت من نومك للتو ووقفت أمام مرآة الحمام، مثلما اعتدت أن تفعل عند كل صباح. غير أن هذه أول مرة تلاحظ فيها وجود شيء لا بد أنه كان موجودا منذ مدة، وهو تلك النتوءات الشحمية علي جانبي خصرك التي كانت في يوم من الأيام عضلات صدرية بارزة قبل الارتخاء الذي أصابها الآن. وتلاحظ أنك منذ مدة لم تعد تتمتع بنشاطك المعهود، كما أن رغبتك في ممارسة الجنس لم تعد قوية كما كانت في الماضي، وفي بعض الأحيان تشعر بالانقباض وفتور الهمة، ويقول لك أصدقاؤك إنك أصبحت تنفعل بصورة أسرع مما كنت عليه من قبل. فهل هذه التغيرات ناجمة عن التقدم في السن وحده؟ هل هي ببساطة الثمن الذي لا بد لك من دفعه مقابل أسلوب حياتك الذي يتميز بالغني الغذائي والفقر الرياضي؟ أم أنها حالة طبية قد يوجد لها علاج؟
هل بلغت سن اليأس الذكوري ؟ لا بد أنك سمعت بهذا التعبير، فهل هناك بالفعل شيء من هذا القبيل؟
فكما هي الحال عند النساء، تنخفض مستويات هرمونات الجنس عند الرجال مع تقدمهم في السن، غير أن سرعة هذه التغيرات عند الرجال مختلفة تماما. فعند النساء تظل مستويات الإستروجين مرتفعة في معظم سنوات أعمارهن بعد البلوغ، وعند سن ال50 تقريبا تهبط فجأة خلال خمس سنوات. والمستويات المنخفضة للإستروجين هي التي تسبب التغيرات البدنية والنفسية التي تتميز بها سن اليأس لدي النساء، بما فيها التغير الأكثر وضوحا، وهو انقطاع الطمث. عندما تدخل المرأة سن اليأس فإنها لا تجد صعوبة في التعرف إلي بلوغها تلك المرحلة من العمر.
أما بالنسبة إلي الرجال فإن ذلك التغيير يحدث بصورة أبطأ بكثير. فمستويات التستوستيرون قد تبدأ في الانخفاض في سن ال30 وبدلا من هبوطها بصورة مفاجئة خلال بضع سنوات، فإنها تنخفض بصورة طفيفة جدا (نحو 1 بالمائة) سنويا حتي نهاية عمر الرجل. وهذا التغيير يحدث بصورة تدريجية وبطيئة جدا لدرجة أن الكثير من الرجال لا يلاحظون وجود أي أثر له إلا بعد مرور عقود عدة. وعلي الرغم من ذلك فإن مستويات التستوستيرون تنخفض لدي 10 بالمائة من الرجال الأمريكيين عند سن ال50، وعند بلوغ ال70 يكون لدي أكثر من نصفهم نقص في التستوستيرون.
فهل تسبب المستويات المنخفضة للتستوستيرون لدي الرجال أعراضا مشابهة لتلك التي يسببها انخفاض الإستروجين لدي النساء؟ ليس هناك شك في أن ذلك ممكن، ولكن تحديده قد يكون صعبا. بعض الرجال الذين لديهم حالات نادرة معينة تتسبب في انخفاض حاد جدا في التستوستيرون يصابون بنقص في حجم العضلات ونقص في قوة العظام وزيادة في دهون الجسم وانخفاض في النشاط والرغبة في ممارسة الجنس وضعف الانتصاب وسرعة التهيج والاكتئاب. وبالنسبة إلي الرجال الذين يعانون هذه الحالات النادرة، فإن معالجتهم بالعقاقير المعوضة عن التستوستيرون تساعدهم علي التغلب علي تلك الأعراض.
غير أنه بالنسبة إلي الرجل العادي فإن الربط بين مستويات التستوستيرون وتلك الأعراض والتنبؤ بالأشخاص الذين يمكنهم الاستفادة من المعالجة من بين الرجال المصابين بانخفاض التستوستيرون مسألة صعبة، وذلك لأسباب عدة:
أولا: هناك حالات كثيرة قد تتسبب في الأعراض التي يسببها نقص التستوستيرون. فالإفراط في شرب الكحول واضطرابات الغدد وغيرها من الاضطرابات الهرمونية وأمراض الكبد والكلي وقصور القلب وأمراض الرئة المزمنة قد تتسبب جميعها في أعراض مماثلة. كما أن الاكتئاب قد يسبب الكثير من هذه الأعراض لدي رجال نسبة التستوستيرون لديهم عادية تماما.
ثانيا: بعض التستوستيرون في الدم يكون نشطا، والبعض الآخر يكون خامدا. والانخفاض في مستويات التستوستيرون النشط هو الذي يسبب أعراض نقص التستوستيرون، وعلي الرغم من ذلك فإن الأطباء عادة يقيسون إجمالي التستوستيرون.
ثالثا: تختلف مستويات التستوستيرون اختلافا كبيرا بين الرجال المتساوين في العمر، بمن فيهم أغلبية الرجال الذين لا يعانون أعراض نقص التستوستيرون.
رابعا: تتذبذب مستويات التستوستيرون خلال اليوم وتتفاوت تفاوتا ملحوظا بين الرجال الأصحاء. ولهذه الأسباب مجتمعة يصعب تحديد المستوي الطبيعي للتستوستيرون. ولعل أكثر ما يثير الحيرة أن الرجال يشعرون بأعراض نقص التستوستيرون بدرجات مختلفة: فبعض الرجال الذين يبدو أن مستوي التستوستيرون النشط لديهم منخفض لا تظهر عليهم أي أعراض، بينما تظهر الأعراض لدي رجال يبدو أن مستوي التستوستيرون النشط لديهم عادي، وتختفي تلك الأعراض بعد معالجتهم بالتستوستيرون. وعلي الرغم من هذه التعقيدات فإن الأعراض الناجمة عن نقص التستوستيرون تظهر بالتأكيد لدي بعض الرجال الذين تتجاوز أعمارهم 50 عاما، ويمكن تشخيصها ومعالجتها، وقد يصل عدد أولئك الرجال في الولايات المتحدة إلي نحو 10 ملايين رجل. ومع تقدم سن جيل الأمريكيين من مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية خلال السنوات ال25 المقبلة، فمن المتوقع أن يرتفع هذا العدد بصورة ملحوظة.
إذن ماذا يجب عليك أن تفعل إذا ظهرت لديك أعراض قد تشير إلي نقص في التستوستيرون؟ إذا كان عمرك أكثر من 50 عاما وظهرت عليك الأعراض، فعليك مراجعة طبيبك. وعلي الطبيب أن يحدد أولا ما إذا كانت تلك الأعراض ناجمة عن أمراض أخري، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فعليه أن يقيس مستوي التستوستيرون الإجمالي في الدم. ويجب أن يتم إجراء الفحوص في الصباح عندما يكون التستوستيرون في أعلي مستوي له، وأن يعاد الفحص مرة واحدة علي الأقل للتأكد من دقته.
إذا كان المستوي أكثر من 400 نانوغرام في الديسيلتر فإنك لست مصابا بنقص في التستوستيرون، ولا بد أن تكون تلك الأعراض ناجمة عن سبب آخر. وإذا كان المستوي الإجمالي أقل من 200 نانوغرام في الديسيلتر فمن الواضح أن لديك نقصا في التستوستيرون. أما إذا كان المستوي بين 200 و400 فإن حالتك غير واضحة لأن النتيجة غير حاسمة، وقد يكون لديك نقص، الأمر الذي يحتم عليك إجراء فحص لمستوي التستوستيرون النشط.
متي يمكنك الاستفادة من المعالجة بالتستوستيرون؟ من المرجح أن تستفيد من المعالجة إذا كانت لديك الأعراض وكان مستوي التستوستيرون الإجمالي أو النشط لديك منخفضا جدا. أما إذا كانت النتيجة غير حاسمة فإن الأمر سيكون أقل وضوحا، وبعض الدراسات تشير إلي احتمال استفادتك من العلاج والبعض الآخر لا يؤيد ذلك.
هل هناك خطر في المعالجة بالتستوستيرون؟ في بعض الحالات قد تؤدي المعالجة التعويضية بالتستوستيرون إلي الإصابة بالبهر، وهو انقطاع النفس أثناء النوم، أو إلي تفاقم تلك الحالة لدي المصابين بها. وارتفاع مستويات التستوستيرون قد يزيد عدد كريات الدم، الأمر الذي يزيد احتمالات حدوث الجلطات الدموية والنوبات القلبية والسكتات الدماغية. غير أن أكثر ما يثير القلق فيما يتعلق بالمعالجة بالتستوستيرون هو احتمال تأثيرها المحتمل علي غدة البروستاتا، وذلك لأن تضخم البروستاتا وإصابتها بالسرطان يتأثران بمستوي التستوستيرون. وزيادة مستوي التستوستيرون قد تؤدي من الناحية النظرية إلي زيادة احتمالات تضخم البروستاتا المعروف أيضا باسم فرط تنسُّج البروستاتا الحميد، كما قد تؤدي إلي الإصابة بسرطان البروستاتا. وعلي الرغم من عدم وجود دراسات قصيرة المدي تظهر زيادة احتمالات الإصابة بسرطان البروستاتا لدي الرجال الذين يتلقون المعالجة التعويضية بالتستوستيرون، فإن تأثير تلك المعالجة علي المدي الطويل لا يزال غير معروف.
وعليه فإن فوائد وأضرار المعالجة التعويضية غير معروفة بالنسبة إلي الرجال الذين تقع مستويات التستوستيرون لديهم ضمن الحدود غير الحاسمة. وعلي الرغم من ذلك فقد آثر كثير من الرجال خلال السنوات ال20 الماضية البدء في تلقي العلاج بالمواد التي تعوض عن التستوستيرون. وخلال عام 2005 تم وصف تلك الأدوية لأكثر من 2.3 مليون شخصب معظمهم رجال تتراوح أعمارهم بين 50 و65 عاما. ومع ذلك فإن الرجال الذين تزيد أعمارهم علي 65 عاما هم الأكثر عرضة للإصابة بانخفاض ملموس في مستوي التستوستيرون، الأمر الذي يشير إلي أن تلك الأدوية تصرف للرجال الذين تقل أعمارهم عن 65 عاما بأعداد أكثر مما يجب ، بينما تصرف للرجال الذين تزيد أعمارهم علي 65 عاما بأعداد أقل مما يجب. وتوجد اليوم تركيبات عدة للتعويض عن نقص التستوستيرون. وفي الولايات المتحدة نجد أن أكثر المستحضرات استخداما تكون في شكل لطخات أو رقع أو مراهم أو حقن في العضل. واللاصقات والمراهم سهلة الاستخدام وتطلق التستوستيرون عبر الجلد ومنه إلي الدم بصورة مستمرة وثابتة. غير أن اللاصقات قد تسبب تهيجا في الجلد، كما أن امتصاص المراهم يكون بطيئا وقد تخلف وراءها رائحة كريهة. أما الحقن في العضل فيجب إعطاؤها في مرفق صحي علي فترات تتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع، الأمر الذي لا يلائم كثيرا من الرجال. كما أن المستحضرات التي يتم إعطاؤها عن طريق الحقن تتسبب في وصول التستوستيرون إلي مستويات عالية بصورة غير طبيعية بعد الحقن مباشرة لتنخفض إلي مستويات غير طبيعية أيضا بعد أسابيع عدة، بل إن الأعراض تعود للظهور لدي بعض الرجال قبل موعد الحقنة التالية. قبل 20 عاما كانت أقراص التستوستيرون التعويضية هي الوسيلة المفضلة، وهي التي شجعت الناس علي استخدامها علي نطاق واسع. غير أنه اتضح فيما بعد أنها تتسبب في تلف وأورام في الكبد، فتم سحبها من الأسواق. وبعد ذلك تم إنتاج أنواع أقراص جديدة وأكثر أمانا، وهي متوفرة في أوروبا. وبعد إجراء اختبارات السلامة المناسبة، فمن المرجح أن تتوفر أيضا في الولايات المتحدة. وفضلا عن ذلك يجري حاليا تطوير هرمونات جديدة يطلق عليها اختصارا اسم سارم (المؤثرات النوعية الانتقائية لمستقبلات منشطالذكورة)، وهي شبيهة بالتستوستيرون ولكنها لا تؤثر في البروستاتا. ومن الناحية النظرية يتوقع أن تكون لهذه الهرمونات الجديدة الفوائد نفسها التي تتميز بها المعالجة بالتستوستيرون، ولكنها تقلل إلي حد بعيد آثارها الجانبية الضارة.
إذا وصف لك الطبيب المعالجة بالتستوستيرون، فيجب أن تكون الجرعة بالقدر الذي يكفي لإزالة الأعراض. وفضلا عن ذلك يجب علي طبيبك أن يقيس مستويات التستوستيرون لديك بصورة منتظمةب للتأكد من أنها لم ترتفع إلي نسبة عالية، الأمر الذي يزيد احتمالات الأعراض الجانبية الخطرة. وأخيرا يجب أن تخضع لفحوص بدنية وفحوص الدم بصورة منتظمة للتأكد من عدم حدوث تلف في الكبد أو الدم أو البروستاتا. ويجب عليك أيضا وعلي زوجتك الانتباه إلي أعراض البهر: وهي الشخير غير العادي والنعاس أثناء النهار ومرور فترات تصل إلي عشر ثوان أو أكثر دون تنفس أثناء النوم. والبهر واحد من الأعراض الجانبية للمعالجة التعويضية بالتستوستيرون، وقد يشكل خطرا علي الحياة.
وبغض النظر عما إذا أطلقنا علي نقص التستوستيرون عند الرجال اسم سن اليأس الذكوري أم لا فإن بعض الرجال يصابون بأعراض خطرة ومزعجة بسبب ذلك النقص. ومما يؤسف له أن الطب لا يعرف عن هذه العلة إلا القليل جدا مقارنة بما يعرفه عن ظاهرة انقطاع الطمث لدي النساء. ومن المرجح أن تردم هذه الهوة مع ازدياد الاهتمام بهذه المشكلة واحتمال ظهور أقراص التستوستيرون مرة أخري في الولايات المتحدة. أما الآن فليس أمامنا إلا أن نأمل في أن يحدث ذلك الانكماش في غدد البروستاتا لدينا.
مع تقدم الرجال في السن تنخفض لديهم مستويات التستوستيرون الأمر الذي قد يسبب لهم الكثير من المشاكل
ذات يوم ستلاحظ أن اهتمامك بالجنس لم يعد كما كان في الماضي
كما هي الحال عند النساء.. تنخفض مستويات هرمونات الجنس عند الرجال مع تقدمهم في السن، غير أن ذلك يتم بصورة تدريجية
بقلم: الدكتور دانيال دي فيدرمان والدكتور جيفري ايه والفورد: أنت رجل في أواخر الخمسينات من عمرك، وقد استيقظت من نومك للتو ووقفت أمام مرآة الحمام، مثلما اعتدت أن تفعل عند كل صباح. غير أن هذه أول مرة تلاحظ فيها وجود شيء لا بد أنه كان موجودا منذ مدة، وهو تلك النتوءات الشحمية علي جانبي خصرك التي كانت في يوم من الأيام عضلات صدرية بارزة قبل الارتخاء الذي أصابها الآن. وتلاحظ أنك منذ مدة لم تعد تتمتع بنشاطك المعهود، كما أن رغبتك في ممارسة الجنس لم تعد قوية كما كانت في الماضي، وفي بعض الأحيان تشعر بالانقباض وفتور الهمة، ويقول لك أصدقاؤك إنك أصبحت تنفعل بصورة أسرع مما كنت عليه من قبل. فهل هذه التغيرات ناجمة عن التقدم في السن وحده؟ هل هي ببساطة الثمن الذي لا بد لك من دفعه مقابل أسلوب حياتك الذي يتميز بالغني الغذائي والفقر الرياضي؟ أم أنها حالة طبية قد يوجد لها علاج؟
هل بلغت سن اليأس الذكوري ؟ لا بد أنك سمعت بهذا التعبير، فهل هناك بالفعل شيء من هذا القبيل؟
فكما هي الحال عند النساء، تنخفض مستويات هرمونات الجنس عند الرجال مع تقدمهم في السن، غير أن سرعة هذه التغيرات عند الرجال مختلفة تماما. فعند النساء تظل مستويات الإستروجين مرتفعة في معظم سنوات أعمارهن بعد البلوغ، وعند سن ال50 تقريبا تهبط فجأة خلال خمس سنوات. والمستويات المنخفضة للإستروجين هي التي تسبب التغيرات البدنية والنفسية التي تتميز بها سن اليأس لدي النساء، بما فيها التغير الأكثر وضوحا، وهو انقطاع الطمث. عندما تدخل المرأة سن اليأس فإنها لا تجد صعوبة في التعرف إلي بلوغها تلك المرحلة من العمر.
أما بالنسبة إلي الرجال فإن ذلك التغيير يحدث بصورة أبطأ بكثير. فمستويات التستوستيرون قد تبدأ في الانخفاض في سن ال30 وبدلا من هبوطها بصورة مفاجئة خلال بضع سنوات، فإنها تنخفض بصورة طفيفة جدا (نحو 1 بالمائة) سنويا حتي نهاية عمر الرجل. وهذا التغيير يحدث بصورة تدريجية وبطيئة جدا لدرجة أن الكثير من الرجال لا يلاحظون وجود أي أثر له إلا بعد مرور عقود عدة. وعلي الرغم من ذلك فإن مستويات التستوستيرون تنخفض لدي 10 بالمائة من الرجال الأمريكيين عند سن ال50، وعند بلوغ ال70 يكون لدي أكثر من نصفهم نقص في التستوستيرون.
فهل تسبب المستويات المنخفضة للتستوستيرون لدي الرجال أعراضا مشابهة لتلك التي يسببها انخفاض الإستروجين لدي النساء؟ ليس هناك شك في أن ذلك ممكن، ولكن تحديده قد يكون صعبا. بعض الرجال الذين لديهم حالات نادرة معينة تتسبب في انخفاض حاد جدا في التستوستيرون يصابون بنقص في حجم العضلات ونقص في قوة العظام وزيادة في دهون الجسم وانخفاض في النشاط والرغبة في ممارسة الجنس وضعف الانتصاب وسرعة التهيج والاكتئاب. وبالنسبة إلي الرجال الذين يعانون هذه الحالات النادرة، فإن معالجتهم بالعقاقير المعوضة عن التستوستيرون تساعدهم علي التغلب علي تلك الأعراض.
غير أنه بالنسبة إلي الرجل العادي فإن الربط بين مستويات التستوستيرون وتلك الأعراض والتنبؤ بالأشخاص الذين يمكنهم الاستفادة من المعالجة من بين الرجال المصابين بانخفاض التستوستيرون مسألة صعبة، وذلك لأسباب عدة:
أولا: هناك حالات كثيرة قد تتسبب في الأعراض التي يسببها نقص التستوستيرون. فالإفراط في شرب الكحول واضطرابات الغدد وغيرها من الاضطرابات الهرمونية وأمراض الكبد والكلي وقصور القلب وأمراض الرئة المزمنة قد تتسبب جميعها في أعراض مماثلة. كما أن الاكتئاب قد يسبب الكثير من هذه الأعراض لدي رجال نسبة التستوستيرون لديهم عادية تماما.
ثانيا: بعض التستوستيرون في الدم يكون نشطا، والبعض الآخر يكون خامدا. والانخفاض في مستويات التستوستيرون النشط هو الذي يسبب أعراض نقص التستوستيرون، وعلي الرغم من ذلك فإن الأطباء عادة يقيسون إجمالي التستوستيرون.
ثالثا: تختلف مستويات التستوستيرون اختلافا كبيرا بين الرجال المتساوين في العمر، بمن فيهم أغلبية الرجال الذين لا يعانون أعراض نقص التستوستيرون.
رابعا: تتذبذب مستويات التستوستيرون خلال اليوم وتتفاوت تفاوتا ملحوظا بين الرجال الأصحاء. ولهذه الأسباب مجتمعة يصعب تحديد المستوي الطبيعي للتستوستيرون. ولعل أكثر ما يثير الحيرة أن الرجال يشعرون بأعراض نقص التستوستيرون بدرجات مختلفة: فبعض الرجال الذين يبدو أن مستوي التستوستيرون النشط لديهم منخفض لا تظهر عليهم أي أعراض، بينما تظهر الأعراض لدي رجال يبدو أن مستوي التستوستيرون النشط لديهم عادي، وتختفي تلك الأعراض بعد معالجتهم بالتستوستيرون. وعلي الرغم من هذه التعقيدات فإن الأعراض الناجمة عن نقص التستوستيرون تظهر بالتأكيد لدي بعض الرجال الذين تتجاوز أعمارهم 50 عاما، ويمكن تشخيصها ومعالجتها، وقد يصل عدد أولئك الرجال في الولايات المتحدة إلي نحو 10 ملايين رجل. ومع تقدم سن جيل الأمريكيين من مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية خلال السنوات ال25 المقبلة، فمن المتوقع أن يرتفع هذا العدد بصورة ملحوظة.
إذن ماذا يجب عليك أن تفعل إذا ظهرت لديك أعراض قد تشير إلي نقص في التستوستيرون؟ إذا كان عمرك أكثر من 50 عاما وظهرت عليك الأعراض، فعليك مراجعة طبيبك. وعلي الطبيب أن يحدد أولا ما إذا كانت تلك الأعراض ناجمة عن أمراض أخري، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فعليه أن يقيس مستوي التستوستيرون الإجمالي في الدم. ويجب أن يتم إجراء الفحوص في الصباح عندما يكون التستوستيرون في أعلي مستوي له، وأن يعاد الفحص مرة واحدة علي الأقل للتأكد من دقته.
إذا كان المستوي أكثر من 400 نانوغرام في الديسيلتر فإنك لست مصابا بنقص في التستوستيرون، ولا بد أن تكون تلك الأعراض ناجمة عن سبب آخر. وإذا كان المستوي الإجمالي أقل من 200 نانوغرام في الديسيلتر فمن الواضح أن لديك نقصا في التستوستيرون. أما إذا كان المستوي بين 200 و400 فإن حالتك غير واضحة لأن النتيجة غير حاسمة، وقد يكون لديك نقص، الأمر الذي يحتم عليك إجراء فحص لمستوي التستوستيرون النشط.
متي يمكنك الاستفادة من المعالجة بالتستوستيرون؟ من المرجح أن تستفيد من المعالجة إذا كانت لديك الأعراض وكان مستوي التستوستيرون الإجمالي أو النشط لديك منخفضا جدا. أما إذا كانت النتيجة غير حاسمة فإن الأمر سيكون أقل وضوحا، وبعض الدراسات تشير إلي احتمال استفادتك من العلاج والبعض الآخر لا يؤيد ذلك.
هل هناك خطر في المعالجة بالتستوستيرون؟ في بعض الحالات قد تؤدي المعالجة التعويضية بالتستوستيرون إلي الإصابة بالبهر، وهو انقطاع النفس أثناء النوم، أو إلي تفاقم تلك الحالة لدي المصابين بها. وارتفاع مستويات التستوستيرون قد يزيد عدد كريات الدم، الأمر الذي يزيد احتمالات حدوث الجلطات الدموية والنوبات القلبية والسكتات الدماغية. غير أن أكثر ما يثير القلق فيما يتعلق بالمعالجة بالتستوستيرون هو احتمال تأثيرها المحتمل علي غدة البروستاتا، وذلك لأن تضخم البروستاتا وإصابتها بالسرطان يتأثران بمستوي التستوستيرون. وزيادة مستوي التستوستيرون قد تؤدي من الناحية النظرية إلي زيادة احتمالات تضخم البروستاتا المعروف أيضا باسم فرط تنسُّج البروستاتا الحميد، كما قد تؤدي إلي الإصابة بسرطان البروستاتا. وعلي الرغم من عدم وجود دراسات قصيرة المدي تظهر زيادة احتمالات الإصابة بسرطان البروستاتا لدي الرجال الذين يتلقون المعالجة التعويضية بالتستوستيرون، فإن تأثير تلك المعالجة علي المدي الطويل لا يزال غير معروف.
وعليه فإن فوائد وأضرار المعالجة التعويضية غير معروفة بالنسبة إلي الرجال الذين تقع مستويات التستوستيرون لديهم ضمن الحدود غير الحاسمة. وعلي الرغم من ذلك فقد آثر كثير من الرجال خلال السنوات ال20 الماضية البدء في تلقي العلاج بالمواد التي تعوض عن التستوستيرون. وخلال عام 2005 تم وصف تلك الأدوية لأكثر من 2.3 مليون شخصب معظمهم رجال تتراوح أعمارهم بين 50 و65 عاما. ومع ذلك فإن الرجال الذين تزيد أعمارهم علي 65 عاما هم الأكثر عرضة للإصابة بانخفاض ملموس في مستوي التستوستيرون، الأمر الذي يشير إلي أن تلك الأدوية تصرف للرجال الذين تقل أعمارهم عن 65 عاما بأعداد أكثر مما يجب ، بينما تصرف للرجال الذين تزيد أعمارهم علي 65 عاما بأعداد أقل مما يجب. وتوجد اليوم تركيبات عدة للتعويض عن نقص التستوستيرون. وفي الولايات المتحدة نجد أن أكثر المستحضرات استخداما تكون في شكل لطخات أو رقع أو مراهم أو حقن في العضل. واللاصقات والمراهم سهلة الاستخدام وتطلق التستوستيرون عبر الجلد ومنه إلي الدم بصورة مستمرة وثابتة. غير أن اللاصقات قد تسبب تهيجا في الجلد، كما أن امتصاص المراهم يكون بطيئا وقد تخلف وراءها رائحة كريهة. أما الحقن في العضل فيجب إعطاؤها في مرفق صحي علي فترات تتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع، الأمر الذي لا يلائم كثيرا من الرجال. كما أن المستحضرات التي يتم إعطاؤها عن طريق الحقن تتسبب في وصول التستوستيرون إلي مستويات عالية بصورة غير طبيعية بعد الحقن مباشرة لتنخفض إلي مستويات غير طبيعية أيضا بعد أسابيع عدة، بل إن الأعراض تعود للظهور لدي بعض الرجال قبل موعد الحقنة التالية. قبل 20 عاما كانت أقراص التستوستيرون التعويضية هي الوسيلة المفضلة، وهي التي شجعت الناس علي استخدامها علي نطاق واسع. غير أنه اتضح فيما بعد أنها تتسبب في تلف وأورام في الكبد، فتم سحبها من الأسواق. وبعد ذلك تم إنتاج أنواع أقراص جديدة وأكثر أمانا، وهي متوفرة في أوروبا. وبعد إجراء اختبارات السلامة المناسبة، فمن المرجح أن تتوفر أيضا في الولايات المتحدة. وفضلا عن ذلك يجري حاليا تطوير هرمونات جديدة يطلق عليها اختصارا اسم سارم (المؤثرات النوعية الانتقائية لمستقبلات منشطالذكورة)، وهي شبيهة بالتستوستيرون ولكنها لا تؤثر في البروستاتا. ومن الناحية النظرية يتوقع أن تكون لهذه الهرمونات الجديدة الفوائد نفسها التي تتميز بها المعالجة بالتستوستيرون، ولكنها تقلل إلي حد بعيد آثارها الجانبية الضارة.
إذا وصف لك الطبيب المعالجة بالتستوستيرون، فيجب أن تكون الجرعة بالقدر الذي يكفي لإزالة الأعراض. وفضلا عن ذلك يجب علي طبيبك أن يقيس مستويات التستوستيرون لديك بصورة منتظمةب للتأكد من أنها لم ترتفع إلي نسبة عالية، الأمر الذي يزيد احتمالات الأعراض الجانبية الخطرة. وأخيرا يجب أن تخضع لفحوص بدنية وفحوص الدم بصورة منتظمة للتأكد من عدم حدوث تلف في الكبد أو الدم أو البروستاتا. ويجب عليك أيضا وعلي زوجتك الانتباه إلي أعراض البهر: وهي الشخير غير العادي والنعاس أثناء النهار ومرور فترات تصل إلي عشر ثوان أو أكثر دون تنفس أثناء النوم. والبهر واحد من الأعراض الجانبية للمعالجة التعويضية بالتستوستيرون، وقد يشكل خطرا علي الحياة.
وبغض النظر عما إذا أطلقنا علي نقص التستوستيرون عند الرجال اسم سن اليأس الذكوري أم لا فإن بعض الرجال يصابون بأعراض خطرة ومزعجة بسبب ذلك النقص. ومما يؤسف له أن الطب لا يعرف عن هذه العلة إلا القليل جدا مقارنة بما يعرفه عن ظاهرة انقطاع الطمث لدي النساء. ومن المرجح أن تردم هذه الهوة مع ازدياد الاهتمام بهذه المشكلة واحتمال ظهور أقراص التستوستيرون مرة أخري في الولايات المتحدة. أما الآن فليس أمامنا إلا أن نأمل في أن يحدث ذلك الانكماش في غدد البروستاتا لدينا.