المشهد الاول :
توقف أمام المرآة بطريقة غير مسبوقة وهو الذي اعتاد تجنب المواجهات المباشرة بينه وبين المرايا ، كان يعتقد دوما أن أذنيه الممتدتين إلى منتصف رأسه ، ومقدمة أنفه الملامسة لامتداد بصره ، وشفتيه المتورمتين ، وعينيه الجاحظتين ، وجبهته العريضة ، وشعره الخشن الملتف ككرات خيوط صوفيه ، تختصر مسافات التردد أمام أية فتاة في رفض الإرتباط به .
المشهد الثاني :
ينتظر اللحظة التي يقف فيها أمام المرآة ليطلق العنان لكل موجات الغضب التي لا يجرؤ على البوح بها أمام تلك المرأة المتهكمة في سخريتها لأي قول أو فعل يصدر عنه ، فهو كالأسد يزأر أمام انعكاس طيفها في تلك المرآة ، التي تقف فيها أمامه مستكينة حد المذلة والإنكسار ، ولايغدو أكثر من هر يلوذ بالفرار أمامها خارج حدود المرايا إذا نطق بكلمة تعارض أقوالها ورغباتها .
المشهد الثالث :
يتراشق الشتائم دون توقف كلما نظر إلى نفسه في المرآة ، فهو على علاقة عاطفية مع أربعة نساء ، وقد تفوق في تمثيل دور الحبيب المفترض وفارس الأحلام المنتظر مع كل واحدة منهن ، ولكنه وبمجرد مغادرته للمرآة يشعر بسعادة مفرطة وهو يسمع هاتفه اللاهث بأشواقهن لسماع صوته .
المشهد الرابع :
لايتوقف عن الضحك في كل لقاء بينه وبين المرايا ، ففي كل يوم ينجح في اصطياد قناعات سيدة مخملية ، من خلال مهاراته الكلامية في الترويج لمجوهراته وبيعها لهن بأضعاف كلفتها ، بعد أن يطيل في وصف جمالهن وفتنة أنوثتهن المفرطة عند ارتداءها .
المشهد الخامس :
يطيل التأمل في صورته أمام المرآة ، وكأنه يستجديها للعودة به إلى ذلك العصر الذهبي لوسامته التي تهافتت عليها كل النساء ، ولكن الزمن لا يعود للوراء ، وهاهو يغدو وحيدا في شيخوخته ، فخوفه من الارتباط بأية امرأة في الماضي كي لا يخسر نجومتيه المطلقة على قلوب النساء ، هي ضريبة العزلة التي حان وقت سدادها بعد اعتقاده أن مندوب جباية الأيام لن يتمكن من العثور على مكان إقامته .
المشهد السادس :
كلما كان في زيارة خاطفة أمام المرآة يلملم ما تبعثر من معنوياته مع كل حلم يمضي ويعجز عن تحقيقه ، ولايجد سوى كلمات يتبادلها مع طيفه الحزين بضرورة البحث عن أحلام جديدة قابلة للتطبيق على أرض واقع الحياة التي ينقصه فيها قليل من الحظ والتوفيق .
المشهد السابع :
يقبل صورته كلما وقعت عيناه عليها في المرايا ، شديد الإعجاب بنفسه ، مقتنع بكل ما تمكن من إنجازه في مشوار حياته ، لاتنتابه أية هواجس في مراجعة ذاته والوقوف عند منعطفات أحداث كانت تحمل إشارات تحذير من الأشخاص من حوله بأنه يسير في دروب قرارات خاطئة