بكل همة ونشاط تحلقت عيناه في شاشة الكمبيوتر، وكأنها تحاول فك شفرات العلم الذي تعرضه أطيافها.. وبين زملاء الدراسة الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ20 عاما، جلس في مقعدة ممسكا بحقيبته، منتبها لكل كلمة يقولها المحاضر الذي ربما يصغره بأكثر من 50 عاما.. وفور انتهاء المحاضرة ذهب للمكتبة لتوسيع أفقه ومداركه، محاولا إعداد البحوث التي طلبها المحاضر كواجب دراسي.. هكذا يقضي عم فوزي الذي تخطى الثمانين بعام واحد -والذي يعتبر أكبر طالب في مصر إن لم يكن في العالم- يومه الدراسي بين جنبات جامعة عين شمس. "أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد"، هذا هو المبدأ الذي يعيش به عم فوزي العجوز المصري، الذي شدد عليه خلال لقاء خاص مع برنامج "MBC في أسبوع" الجمعة 26 يونيو/حزيران، قائلا "العلم ليس له سن محددة"، واستشهد على ذلك ببيت الشعر: تعلمُوا فإن العلم مُفتاح العُلى لم يُبقِ باباً للسعادة مُغلقا وعن هدفه من تحصيل العلم أوضح مضيفا "هدفي استكمال دراستي الجامعية، فأنا منذ زمن بعيد لم يكن أمامي سوى عام واحد وأتخرج من كلية التجارة جامعة عين شمس، ولكن عندما أحصل على هذه الشهادة سأستريح نفسيا". وعن هدفه من الحصول على الشهادة الجامعية قال "أسعى بها لمساعدة أهل بلدي". ورحلة عم فوزي الجامعية بدأت قبل أكثر من نصف قرن، وامتلأت بالنجاحات والإحباطات، وعن تلك التجربة الفريدة التي عاشها عم فوزي قال "أنا دخلت كلية الحقوق عام 1953، ولما تعثرت في الدراسة بهذه الكلية حولت لكلية التجارة جامعة القاهرة، ولكن الكلية رفضت قبولي بدعوى الاكتفاء من الطلبة، ثم حولت إلى تجارة عين شمس، وحينها كنت قد بدأت العمل بوظيفة في القطاع الحكومي وتقديرا للجهد المتميز فقد قررت جامعة عين شمس إعفاء الطالب من المصروفات، فهو الطالب الأكبر سنا على الإطلاق الذي يسجل في دفاترها. وفي هذا السياق ذكر د. عوض عباس مدير مركز التعليم المفتوح بجامعة عين شمس موقفا طريفا مر به هو وعم فوزي وكان سببا رئيسا في التعرف عليه، ومن ثم اتخاذ القرار باعفائه من المصاريف الدراسية. وقال د. عباس في القاهرة، راويا الواقعة، "شاهدت عم فوزي واقفا في طابور أمام الموظف المسؤول عن شؤون الطلبة، فانتابني الغضب وقلت للموظف السن له احترامه والأولوية له (عم فوزي) في تخليص أوراق ابنه أو حفيده، ولكن عم فوزي رد علي بصوت تعلوه نبره غاضبة: حفيده مين يا أفندي أنا جاي أدفع مصاريفي الدراسية وأنا مواليد 1928، وأمام ما قاله عم فوزي وقفت مصدوما". وعن الفارق في الدراسة أيام زمان وفي الآونة الأخيرة قال عم فوزي "التعليم هو التعليم والمباني هي نفسها، ولكن الاختلاف هو في المقبلين على العلم، فالشباب الآن يعاني من لامبالاة ويتخذ من الجامعة مكانا للتسلية".