وارتمَتْ الأقلاَم على رُزمةِ أوراقٍ قاحلةٍ !
تعطّشتْ للحرفِ وَللكلمة ِ
كلُّ قلمٍ ينتظرُ نزفهُ وبترقبٍ ثائرْ .. فَقد طال وقف النزف بُرهةً مِنَ الزَمن !
كلُّ نزفٍ لهُ طعمٌ ولونٌ يخْتلفانْ عن نزفٍ آخر بطعمهِ ولوْنِه !
عجيبُ هو القَلم , وكلُّ عجيبٍ مَرغوبْ
ينزفُ الحُزنَ تارةً وبألوانْ شبهِ الرّمادِية
ويَنزفُ الفرَح تارةً أخرى وَ بألوَانٍ زاهيةٍ مُشرقة
أياً كانَ لوْنُ هذا النزفْ / حتماً سَتسخُن الأورَاق بعدَه وترْتوي !
أمّن هُو بائسُ آناءَ وأطرافَ يَومِه وبؤسُه باتَ روتينٌ
لايفَارقهُ , يبْحثُ عنْ رفيق ٍ يَحتمِل كُلّ
أشكالَ بوحِه فأنّى له أنْ يجِدْ
تِلك الأقْلامُ المُتناثِرةِ / كأنَّما تَصيحُ قَائلةً : أنَا الرّفيقُ
الذَي سَيسعِدكَ قطعاً .. فأقْبِل !
ليقبِلَ عليها بعْدَ موْجةٍ عارمةٍ مِنَ الصّخبْ ومزيدِ عناءٍ منَ التَّعب ْ
فيِشرَع في حملِ إحدَاها بيْن أنَاملِه ويبُوح بِها !
عفواً .. بل يبُوحَ القلَم بمكنونِ فؤادهِ بدلا عنْهُ..
[القلَم رفيقُ الروحِ بلاَ مُنازِع ] … هكَذا حدّث نفْسَه !
كأنّي باِلأقْلامْ تثُورُ غِيرةً حِينَما يَحتضِنُ قلماً دُونَ آخرْ
وَتلكَ الأوْراقْ تماماً كالأقْلام والأولَى تَموتُ وتَحياَ !
ثمّة وَرقة تغْرق باِلحروفِ وإنْ كانتْ متراكبةً بعضَها فوقَ بعضٍ تلْتفُّ بغموضٍ ساحِرِ
تلكَ هيَ حيَاتُها ونشْوةُ الحَياةِ أنْ تتَناقلَها الأيَاديْ وتتلقّفُها
الأعْين فيشرِقُ الفكْرَ وتنْضج العقولَ فتضيءُ الدروبُ لا محَالة .
وثمّة وَرقةٍ أخرَى ترقُدُ على رفِّ مكْتبٍ صغيرٍ
في زَاويةِ مُضيئةٍ منْ حُجرةٍ سَادهَا الظَّلام
يَأتِيها صَاحبُها فيكْتُب حرفاً أو كلمة وَبلحظةِ داهَمهَا شيءٌ منَ الإزْعَاج ,
يُلملِمُها بينَ يدَيهِ ويَعصِرُها بأصَابعهِ أو يُمزِقُها ويلقيها أرْضاً لِتُصبِحَ
مجرّدْ أشلاءَ وَرقة … وتِلكَ هيَ مَوتتُها !
أيُّها الرِّفاقْ : رِفقاً باِلأورَاقْ !
وَليكُن قلمكُم وَاحدٌ لايخون ..هُو صاحِبكم الذي لاَ ينقَطعُ نَزفُه !
غذُّوهُ بحبرٍ ولوْ كانَ ممزوجاً بدَم!