نالت الأنهار اهتماما كبيرا لدى الجغرافيين والفلكيين المسلمين وذلك في مدار اهتمامهم بتضاريس الأرض وتوزيع اليابس والماء، والحقائق الجيمورفولوجية، وكان العلماء المسلمون على معرفة طيبة بمعلومات دقيقة عن أنهار العالم القديم الكبرى، وقد حددوا منابع البعض منها بدقة كبيرة. كذلك ناقشوا جوانب متعددة من هيدرولوجية الأنهار. وقد أدركوا حقيقة هامة تخص هيدرولوجيتها، وهي أن الأمطار والثلوج والينابيع هي المسؤولة عن تغذيتها بالماء. كذلك شرحوا الدورة المائية وبينوا أن أكثر الأنهار يبتدئ من الجبال والتلال ويمر في جريانه نحو البحار والآجام والبحيرات. وأوضحوا أيضا أسباب ازدياد المياه في الأنهار في فصول معينة من السنة.
وأما علة فيضان أكثر الأنهار التي جريانها من الشمال إلى الجنوب في أيام الربيع فهي من أجل أن الثلوج إذا كثرت في الشتاء على رؤوس الجبال الشرقية ثم حمي الجو بقرب الشمس من السمت ذابت تلك الثلوج وسالت منها الأودية والأنهار. ولهذه الأنهار عطفات وعراقيل يطول شرحها وشرح علتها وهي تسقي في جريانها الوديان والمزارع والمدن والقرى، وما يفضل من مياهها ينصب إلى البحار والآجام والبطائح، ويمتزج بمياهه عذبة كانت أو مالحة، فإذا أشرقت عليها الشمس سخنتها وحميت ولطفت وتحللت وصارت بخارا، فارتفعت في الهواء وتموجت إلى الجهات، ويكون منها الرياح والغيوم والضباب والطل والندى والصقيع والأنداء والثلوج والبرد على رؤوس الجبال والبراري والعمران والخراب.
وأما الأمطار التي تكون على رؤوس الجبال فإنها تفيض في شقوق تلك الجبال وخلالها وتنصب إلى مغارات وكهوف وأهوية هناك وتمتلئ وتكون كالمخزونة، ويكون في أسفل تلك الجبال منافذ ضيقة تمر منها وتجري وتجتمع وتصير أودية وأنهارا. وتذوب تلك الثلوج على رؤوس تلك الجبال وتجري إلى تلك الأودية، وتمر في جريانها راجعة نحو البحار ثم تكون فيها البخارات والرياح والغيوم والأمطار كما كان في العام الأول وذلك تقدير العزيز الحكيم.
ومن الجدير بالذكر أن إخوان الصفا أدركوا نوعيا علة فيضان نهر النيل في فصل الصيف وأشار المسعودي أيضا إلى ملاحظة بارعة جدا في هيدرولوجية الأنهار حيث ذكر في الجزء الأول من موسوعته مروج الذهب أن للأنهار شبابا وهرما وحياة وموتا ونشورا كما يكون ذلك في الحيوان والنبات كما ذكر أن المياه الجوفية المختزنة في أعماق الأرض تميل للخروج إلى السطح لأنها تتجه دائما إلى الحفاظ على مستواها، فتنبثق من ذلك العيون والأنهار.
ولقد كان الدمشقى (شيخ الربوة) من أكبر الجغرافيين المتأخرين اهتماما بموضوع الأنهار. فقد أفرد في كتابه نخبة الدهر في عجائب البر والبحر فصلا ضافيا عن أنهار العالم الإسلامي، وذكر كل ما يتعلق بها من معلومات. ولم تشمل شروحه الكلام عن طوبوغرافية الأنهار فحسب، بل تعدتها إلى شرح نظام الدورة المائية بأكملها وربط تكوين الأنهار بها، ويمكن القول إن الدمشقي كان من الجغرافيين القلائل الذين خاضوا في هذا الموضوع النظري، وأن شروحه لا تختلف كثيرا عن الشروح الحديثة لأطوار الدورة المائية.
ومن الملاحظ أن العلماء المسلمين قد فطنوا إلى عملية الترسيب النهري ومنهم: البيروني وله ملاحظات ذكية تتعلق بتوزيع اليابس والماء على مر العصور الجيولوجية، وهي لا تختلف عن حقائق العلم الحديث. وكذلك انتبه إلى أهمية الحفريات والمتحجرات في تقرير تأريخ الصخور والطبقات الأرضية. وساهم في ذلك أيضا إخوان الصفا و ابن المجدي وكذلك المسعودي الذي طبق آراءه عن الترسبات النهرية في الخليج العربي، وأشار مثالا على ذلك إلى تغير مواضع المجاري النهرية بسبب عامل الترسيب مطبقا ذلك على نهر دجلة الواقع في بغداد.
وأما علة فيضان أكثر الأنهار التي جريانها من الشمال إلى الجنوب في أيام الربيع فهي من أجل أن الثلوج إذا كثرت في الشتاء على رؤوس الجبال الشرقية ثم حمي الجو بقرب الشمس من السمت ذابت تلك الثلوج وسالت منها الأودية والأنهار. ولهذه الأنهار عطفات وعراقيل يطول شرحها وشرح علتها وهي تسقي في جريانها الوديان والمزارع والمدن والقرى، وما يفضل من مياهها ينصب إلى البحار والآجام والبطائح، ويمتزج بمياهه عذبة كانت أو مالحة، فإذا أشرقت عليها الشمس سخنتها وحميت ولطفت وتحللت وصارت بخارا، فارتفعت في الهواء وتموجت إلى الجهات، ويكون منها الرياح والغيوم والضباب والطل والندى والصقيع والأنداء والثلوج والبرد على رؤوس الجبال والبراري والعمران والخراب.
وأما الأمطار التي تكون على رؤوس الجبال فإنها تفيض في شقوق تلك الجبال وخلالها وتنصب إلى مغارات وكهوف وأهوية هناك وتمتلئ وتكون كالمخزونة، ويكون في أسفل تلك الجبال منافذ ضيقة تمر منها وتجري وتجتمع وتصير أودية وأنهارا. وتذوب تلك الثلوج على رؤوس تلك الجبال وتجري إلى تلك الأودية، وتمر في جريانها راجعة نحو البحار ثم تكون فيها البخارات والرياح والغيوم والأمطار كما كان في العام الأول وذلك تقدير العزيز الحكيم.
ومن الجدير بالذكر أن إخوان الصفا أدركوا نوعيا علة فيضان نهر النيل في فصل الصيف وأشار المسعودي أيضا إلى ملاحظة بارعة جدا في هيدرولوجية الأنهار حيث ذكر في الجزء الأول من موسوعته مروج الذهب أن للأنهار شبابا وهرما وحياة وموتا ونشورا كما يكون ذلك في الحيوان والنبات كما ذكر أن المياه الجوفية المختزنة في أعماق الأرض تميل للخروج إلى السطح لأنها تتجه دائما إلى الحفاظ على مستواها، فتنبثق من ذلك العيون والأنهار.
ولقد كان الدمشقى (شيخ الربوة) من أكبر الجغرافيين المتأخرين اهتماما بموضوع الأنهار. فقد أفرد في كتابه نخبة الدهر في عجائب البر والبحر فصلا ضافيا عن أنهار العالم الإسلامي، وذكر كل ما يتعلق بها من معلومات. ولم تشمل شروحه الكلام عن طوبوغرافية الأنهار فحسب، بل تعدتها إلى شرح نظام الدورة المائية بأكملها وربط تكوين الأنهار بها، ويمكن القول إن الدمشقي كان من الجغرافيين القلائل الذين خاضوا في هذا الموضوع النظري، وأن شروحه لا تختلف كثيرا عن الشروح الحديثة لأطوار الدورة المائية.
ومن الملاحظ أن العلماء المسلمين قد فطنوا إلى عملية الترسيب النهري ومنهم: البيروني وله ملاحظات ذكية تتعلق بتوزيع اليابس والماء على مر العصور الجيولوجية، وهي لا تختلف عن حقائق العلم الحديث. وكذلك انتبه إلى أهمية الحفريات والمتحجرات في تقرير تأريخ الصخور والطبقات الأرضية. وساهم في ذلك أيضا إخوان الصفا و ابن المجدي وكذلك المسعودي الذي طبق آراءه عن الترسبات النهرية في الخليج العربي، وأشار مثالا على ذلك إلى تغير مواضع المجاري النهرية بسبب عامل الترسيب مطبقا ذلك على نهر دجلة الواقع في بغداد.