يحكى أنه كان هناك مزارع في إحدى القرى الآمنة وكانت له مزرعة بها من المحاصيل الشيء الطيب،
وفي إحدى الأيام جاء حمار من إحدى القرى المجاورة ودخل إلى المزرعة
وراح يأكل من زرع المزارع الذي تعب في حرثه و بذره و سقيه ..
لاحظ المزارع وجود الحمار وما يقوم به من تخريب لمزرعته، فكر وفكر كيف يقوم بإخراج الحمار ؟؟
أسرع الرجل إلى البيت .. وأحضر عصا طويلة و مطرقة و مسامير و قطعة كبيرة من اللوح المقوى
كتب على اللوح..
( يا حمار أرجو أن تخرج من مزرعتي بإحترام)
ثبت اللوح على العصا الطويلة مستخدما المطرقة و المسامير
ذهب إلى حيث يقف الحمار في المزرعة و رفع اللوحة عالياً ..
بقي المزارع واقفا رافعا اللوح منذ الصباح حتى مغيب الشمس.. ولكن الحمار بقي مكانه دون أدنى حركة ..
احتار الرجل كثيرا وقال في نفسه ربما لم يفهم الحمار ما كتبت على اللوحة ..
فرجع إلى البيت و نام ليبدأ في اليوم التالي مسيرة إخراج الحمار..
في الصباح التالي قام المزارع بصنع عدد كبير من اللوحات، واستعان بجيرانه وأصدقائه ...
اصطف الناس في طوابير يحملون لوحات كثيرة .. ( نرجو أن تخرج يا حمار من المزرعة )
كل هذا والحمار ما يزال في المزرعة يأكل..
قام أهل القرية بكتابة المزيد من اللوحات القوية المنددة بما يقوم به الحمار في مزرعة المزارع المسكين..
( الموت للحمير ) .. ( يا ويلك يا حمار من راعي الدار )
و تحلقوا حول الحقل الذي فيه الحمار
و بدأوا يهتفون .. أخرج يا حمار .. أخرج أحسن لك ..
و الحمار .. حمار .. يأكل و لا يدري بما يحدث حوله ..
غربت شمس اليوم الثاني .. و قد تعب الناس من الصراخ و الهتاف و بحت أصواتهم ..
فلما رأوا الحمار غير مبالى بهم .. رجعوا إلى بيوتهم .. يفكرون في طريقة أخرى
في صباح اليوم الثالث ..
جلس الرجل في بيته يصنع شيئاً آخر .. خطة جديدة لإخراج الحمار .. فالزرع أوشك على النهاية ..
خرج الرجل باختراعه الجديد ..
نموذج مجسم لحمار .. يشبه إلى حد بعيد الحمار الأصلي ..
و لما جاء إلى حيث الحمار يأكل في المزرعة ..
و أمام نظر الحمار .. و حشود القرية المنادية بخروج الحمار ..
سكب البنزين على النموذج ..( و أحرقه ) ..
نظر الحمار إلى حيث النار .. ثم رجع يأكل في المزرعة بلا مبالاة ..
يا له من حمار عنيد .. لا يفهم ..
أرسلوا وفداً يتفاوض مع الحمار ..
قالوا له .. صاحب المزرعة يريدك أن تخرج وهو صاحب الحق وعليك أن تخرج ..
الحمار ينظر إليهم .. ثم يعود للأكل..
بعد عدة محاولات .. أرسل الرجل وسيط آخر ..
قال للحمار .. صاحب المزرعة مستعد للتنازل لك عن بعض من مساحتها ..
الحمار يأكل و لا يرد ..
ثلثها ..
الحمار لا يرد ..
نصفها ..
الحمار لا يرد ..
طيب .. حدد المساحة التي تريدها ولكن لا تتجاوزها ..
رفع الحمار رأسه .. و قد شبع من الأكل ومشى قليلاً إلى طرف الحقل ..
و هو ينظر إلى الجمع و يفكر .. ( لم أرى في حياتي أطيب من أهل هذه القرية .. يدعونني آكل من مزارعهم و لا يطردونني و يضربونني كما يفعل الناس في القرى الأخرى )
فرح الناس .. لقد وافق الحمار أخيراً ..
أحضر صاحب المزرعة الأخشاب وسيّج المزرعة و قسمها نصفين ..
و ترك للحمار النصف الذي هو واقف فيه ..
في صباح اليوم التالي .. كانت المفاجأة لصاحب المزرعة ..
لقد ترك الحمار نصيبه و دخل في نصيب صاحب المزرعة .. وأخذ يأكل ..
رجع أخونا مرة أخرى إلى اللوحات .. و المظاهرات ..
يبدوا أن لا فائدة .. هذا الحمار لا يفهم ..
إنه ليس من حمير المنطقة .. لقد جاء من قرية أخرى ..
بدأ الرجل يفكر في ترك المزرعة بكاملها للحمار .. و الذهاب إلى قرية أخرى لتأسيس مزرعة أخرى ..
و أمام دهشة جميع الحاضرين و في مشهد من الحشد العظيم ..
حيث لم يبق أحد من القرية إلا و قد حضر ليشارك في المحاولات اليائسة لإخراج الحمار ..
جاء طفل صغير .. خرج من بين الصفوف .. دخل إلى الحقل ..
تقدم إلى الحمار ..( و ضرب الحمار بعصا صغيره على قفاه ) ..
( فإذا به يركض خارج الحقل )..
فندهش اهل القرية من فعل الطفل وخافوا مما قد يقال في حقهم اذا عرف اهل القرى المجاورا بما حصل
فقاموا وقتلوا الطفل وأعادوا الحمار الى المزرعة