الأردن في خطر!
قالها نتنياهو في وجه ميتشيل وبوضوح لم تتم قراءته جيداً في عمّان بعد! يهودية (إسرائيل) تعني حلولاً تؤدي في النهاية، وبطريقة مغلفة بالشيكولاتة أو بالدم لا فرق، إلى الترانسفير. إلى الضفة أولاً، ثم إلى الأردن لاحقاً. وللتذكير فقط فإن مستشار نتنياهو الأبرز (عوزي آراد) هو صاحب أطروحة (دولة فلسطين الهاشمية). سلطة عباس علقت على المسألة برمتها بأنها "تهدف إلى وضع العراقيل" أمام حل الدولتين! والأردن مضى في محاولة عزل حكومة نتنياهو أمام إدارة أوباما.
الفلسطينيون لن يمرروا الترانسفير مرور الكرام إذا انطلق. وسيدفعون الكثير من الدم في سبيل إفشاله، وسيبقون في أماكنهم قدر المستطاع. ولكن كم يمكنهم التحمل دون إسناد حقيقي ودون سلاح؟ لنتذكر أن الحديث يجري هنا عن أقلية فلسطينية (عرب الـ48) تعيش محاصرة ومراقبة وسط محيط صهيوني مسلّح. حتى مدنييه مسلحين. ولنتذكر أن ذلك المحيط الصهيوني صوت قبل أسابيع فقط بأغلبية ساحقة لتيارات يمينية مجرمة.
الملك مسنود بـ(ثقل) عربي سالب!
الملك عبدالله في لقائه بأوباما الثلاثاء يحمل رسالة (إجماع) من النظام العربي إلى الإدارة الأمريكية، فما هو هذا الإجماع؟
النظام المصري اختار (سلامة ذقنه) كما يقول المثل الشعبي. حملته الإعلامية الأخيرة على حزب الله أوضحت إلى أي مدى يمكن أن يمضي. وبغضّ النظر عن مدى صواب أو خطأ محاولة حزب الله إلا أن رد الفعل المتماهي مع اتفاقيات حصار المقاومة في غزة كشف أن مبارك مستعد للتضحية بأي كان في سبيل المحافظة على بقائه، ومن ثم استمراره بالتوريث. والأردن ليس غالياً على قلب مبارك إلى الحد الذي يقنعه بالتضحية بكل ذلك! (انقر هنا لقراءة تحليل "كل الأردن" عن الدور الوظيفي للنظام المصري).
النظام السعودي ليس بأفضل حالاً. كل الأزمات التاريخية المؤجلة للنظام قفزت مرة واحدة في وجه ملك مريض، وفي أجواء ظرف تاريخي انزاح فيه مركز الثقل من ثروة النفط (السعودية والكويت) إلى ثروة الغاز (قطر وإيران). والاضطرابات المذهبية والمعيشية بدأت تطل برأسها في مختلف مناطق السعودية.
سوريا غابت عن اجتماع الرسالة. وسوريا تملك من الأوراق ما يجعل غيابها عاملاً يسبب المزيد من الضعف لتلك الرسالة.
أوباما-شمشون بلا شعر
الرئيس الأسمر ذو الكاريزما النادرة ليس في أفضل حالاته. وهو مضطر لتقديم التنازلات على كل الجبهات، ولديه من الملفات الضخمة ما هو بأهمية الحياة أو الموت بالنسبة لأمريكا. أوباما ورث امبراطورية توسعت إلى حد لا تستطيع السيطرة عليه. وهو يحاول جاهداً استباق الانهيار الكلي بالانسحاب المنظم. ووضعه يذكّر إلى حدّ ما بوضع غورباتشوف، مع الاحتفاظ بالفوارق!
هل سيكون أوباما في وضع يسمح له بمساعدة الأردن بالضغط لضمان إنجاز حل الدولتين؟
أوباما مثقل بملفات الاقتصاد الذي ما يزال يرفض الاستجابة لخطط الإنقاذ، والعراق التي لا يستطيع تركها ولا البقاء فيها، وأمريكا اللاتينية التي تريد المزيد من التنازلات من أمريكا، وروسيا التي تطارد فلول أمريكا في آسيا الوسطى وشرق أوروبا. فهل سيكون في مقدوره –حتى لو توفرت لديه الرغبة- إيلاء اهتمام بسلامة الأردن في خضم كل العوامل المتضاربة في الشرق الأوسط؟ وهل (الثقل) العربي الذي تحمله الرسالة كاف لإقناع أوباما بلعب دور ما؟
الداخل الأردني يثير القلق
تحت مسميات جميلة يتهيأ جزء من القوى السياسية والاجتماعية في الأردن لتجهيز الأرضية لاستقبال من سيتم ترحيلهم. المؤلم هو أن هؤلاء ينظرون إلى الفلسطينيين المتوقع قدومهم بوصفهم كتلة انتخابية فقط لا غير، دون الأخذ بعين الاعتبار لحقوقهم السياسية والتاريخية، ودون مراعاة أنهم سيفقدون نمط حياتهم وأرضهم ومعيشتهم وذاكرتهم المكانية.
ومن تلك المسميات الدعاوى القومية، ودعاوى حقوق الإنسان (سيداو مثلاً)، والتي تؤدي في حال الأخذ بها إلى السماح بتهجير مئات الآلاف من فلسطينيي الضفة وغزة، تاركين المجال لفلسطينيي 48 الذين قد يجبرون على ترك أرضهم بدورهم.
والأخطر من ذلك هو محاولة البعض إنكار وجود مخطط الوطن البديل، واختراع غيلان وهمية وطواحين هواء من طراز (النظام البديل)، و(الإقليمية الأردنية)، و(العنصرية الأردنية)، وما إلى ذلك. والحق إن العنصرية الأردنية موجودة. ولكنها شيء ورفض التوطين شيء آخر.
توضيح أخير
حتى لا أفهم خطأ، لا يعول في إفشال مشاريع التوطين إلا على الأردنيين والفلسطينيين أنفسهم.ولا يعول في حماية الأردن إلا على سواعد أبنائه فقط، يساعدهم في ذلك صمود المقاومة الفلسطينية، وليس على أوباما أو غيره. ولكن التساؤلات أعلاه موجهة إلى النخب التي ما تزال تراهن على دور أمريكي، لم يتحقق حين كانت أمريكا قوية، وبالتأكيد لن يتحقق في حين إن أمريكا في انحدار.