تقع مدينة جينان في وسط غربي مقاطعة شاندونغ ، وهي حاضرة مقاطعة شاندونغ ومركز سياسي وإقتصادي وثقافي وعلمي وتربوي للمقاطعة، وعرفت لدى الصينيين بإسم مدينة الينابيع. إنها مدينة ثقافية قديمة يرجع تاريخها إلى أكثر من ألفي سنة ، وتعتبر مهدا هاما لأصول حضارة الأمة الصينية ، إذ أن أول زعيم القبائل البدائية الصينية الملك شون ، كان ولد وعاش في منطقة مدينة جينان في القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد. لذلك ، توجد حتى اليوم في مدينة جينان الآثار العديدة من مراحل التاريخ الصينية المختلفة.
تتمتع مدينة جينان بالمناخ القاري الموسمي ، لها الفصول الأربعة الواضحة، حيث الجو الجاف في الربيع والجو الحار في الصيف والجو الصافي في الخريف مع الجو البارد في الشتاء، ولكن ، لا يتجاوز معدل درجة الحرارة الجوية السنوي 14 درجة بفضل موقعها الجغرافي الطبيعي ، ويرقد على جنوبها جبل تايشان المشهور بجماله وتاريخه وعظمته في أنظار الصينيين والذي قد أدرج في قائمة التراث الطبيعي العالمي، وفي شمال المدينة النهر الأصفر الذى يعتبر نهر أم الوطن الصيني. إن مدينة جينان غنية بالموارد المائية من الأنهار والبحيرات والينابيع، ومن أشهرها نهر شياو تشينغ ونهر دا شا ونهر يو فو وبحيرة دا مينغ وبحيرة باي يون وبحيرة دونغ بينغ وغيرها .
وتتكون المدينة من ستة أحياء بلدية وثلاث محافظات محيطة بها وبلدة صغيرة تحت إدارتها المباشرة ، ويصل إجمالي مساحتها إلى أكثر من 8000 كيلومتر مربع ، وعدد سكانها حوالي ستة ملايين . وبالإضافة إلى ذلك ، تتمتع مدينة جينان أيضا بالموارد المعدنية المتوافرة والنباتات المتباينة والمزروعات الممتازة والفواكه الحلوة المتنوعة مثل التفاح والكمثرى والجوز الهندي والتمر الصيني الحلو والعقاقير القيمة وغيرها.
أطلق الناس دائما على مدينة جينان اسم مدينة الينابيع بسبب أن فيها 72 منبعا طبيعيا ، ومن أشهرها منبع باو تو ومنبع تشين تشو وعين النمر الأسود وعين التنانين الخمسة وإلخ. وبسبب التغيرات المناخية في السنوات الأخيرة، قد أصبح بعض هذه الينابيع جافا ، أما بعضها الآخر فمازالت المياه العذبة تتدفق منه ، وتسير هذه المياه بمحاذات مجاريها الطبيعية، ثم تتجمع في النهاية في بحيرة دا مينغ المعروفة بالمناظر الجميلة . ويمكن أن نقول إن هذه الينابيع ومجاري مياهها تحت الأرض تشبه الشرايين الدموية المتشابكة لتغذية المدينة وتنشيط حيويتها .
بعد حديثنا عن المياه ، نذهب الآن إلى جبل تشيان فو الذي يبعد عن المدينة خمسة كيلومترات جنوبا ، وهو لم يكن عاليا ، ولكنه مكان مقدس بني فيه بعض المعابد البوذية القديمة ويرجع تاريخه إلى أكثر من ألف سنة. وحسب ما جاء في السجلات التاريخية أن إسمه الأصلي جبل ليشان ، ثم تحول إلى جبل تشيان فو بعد أن قام الامبراطور سوي كاي لعهد أسرة سوي الملكية الصينية منذ عام 582 ببناء هذا الجبل وشق الكهوف فيه ونقش فيها وعلى المنحدرات الجبلية والأجرفة والصخور الصخمة تماثيل بوذية حجرية باستمرار، ووصل هذا العمل إلى ذروته في عهد أسرتي تانغ وسونغ الصينتين القديمتين ، وفي نهاية الأمر يتجاوز عدد التماثيل البوذية المنقوشة والمنحوتة في الجبل أكثر من ألف تمثال، وهي تنتشر في كل مكان بالجبل ، فأطلق الناس على هذا الجبل إسم جبل تشيان فو، أي جبل يختبئ فيه ألف تمثال بوذى . ومنذ ذلك الوقت ، يزوره المعتنقون البوذيون كل يوم لإحراق البخور والصلاة . وبعد إقامة جمهورية الصين الشعبية ، أصبح هذا الجبل حديقة جميلة مرغوبة للجماهير الغفيرة .
وبمقابلة جبل تشيان فو ، أي في شمالي المدينة ، تقع بحيرة دا مينغ ، وهي حديقة معروفة رمزية لمدينة جينان ، وتحتل مساحتها 86 هكتارا، بما فيها 46 هكتارا من سطح المياه ، فيها كثير من البنايات القديمة من الطراز التقليدي الصيني، وتوجد في قلبها ست جزر صغيرة بأشكال ومشاهد مختلفة. كلما يذكرها الصينيون يشيرون إلى مدينة جينان ، لأنها وجبل ألف تمثال بوذي ومنبع باو تو الطبيعي تعتبر المواقع الطبيعية الثلاثة المشهورة في مدينة جينان .
وهناك شعر صيني قديم وصف ملامح جينان الجميلة قائلا: مدينة جينان تتمتع بالمناظر الجبلية الكاملة وبمصاحبة مياه البحيرة الرقراقة . لذلك، إختارت مدينة جينان زهرة اللوتس كزهرة المدينة الرمزية . نتمنى أن تتفتح هذه الزهرة الجميلة بازدهار للأبد وتنتشر رائحتها العطرة على الدوام.