إن الأزمة الاقتصادية “لا أقصد العالمية” إنما “الشعبية” التي نعاني منها في الأردن تدفع أصحاب المحلات والشركات دوماً للبحث في سبلِ تقليص الخسائر، ومما يُلاحَظ في “البزنس” الأردني أنه مَوسمِيّ ويَتبعُ الأحداث التي تحصل كل يوم، تماماً كالبورصات العالمية تتأثر بالأخبار نزولاً وصعوداً أما بورصتنا فتتأثر بالنصب والاحتيال نزولاً ولا صعودَ إلا لأجلٍ غير مسمّى.
إن قصة محاولة انتحار الشابة “جيهان” قبل أيام، ربما تُعطي أصحاب المحلات والشركات دوافعاً لإنتاج ما هو جديد، وتغيير طريقة الإعلان ليتلاءم مع ما يتحدّث عنه في الأردن وفي هذه اللحظة أكثر من عدد سكان الأردن.
إن لم يكن عيباً أن يهتف الجمهور الحاشد أمام العمارة التي اعتلتها “جيهان” بهتافات تقول: نُطّي نُطّي.. فلا عيب في أن تنشر شركة عقارات الإعلان التالي:
للبيع عمارة سوبر ديلوكس في موقع مميز عدد طوابقها 18 تصلح لعمليات الانتحار امامها ساحة كبيرة تصلح للتجمهر حيث تتسع لأكثر من 4 آلاف مواطن وعلى شارعين يكفيان لوقوف 100 سيارة و 400 تكسي و 7 باصات مؤسسة. يتميز سطح العمارة بسورهِ الرائع والمصمّم خصّيصاً للقفز منه دون جهدٍ أو تعب كما يصعب على أي رجل أمن الوصول للسطح بسبب وجود أجهزة حماية ضد الشرطة وكل ومن يحاول أن يُعرقلَ عملية الانتحار.
وإن لم يكن غريباً أن نقرأ خبراً عن محاولة انتحار فاشلة شبه يومية، فلا غرابة في إعلانٍ لشركة أجهزة كهربائية بهذه الصيغة:
مفاجأة.. انجح في الانتحار 3 مرات متتالية واربح غسالة فل أوتوماتيك مع سشوار.. الكمية محدودة.
وفي نفس السياق، إذا قرأنا بعمق كلمة “محاولة انتحار فاشلة” نستنتج أن معاهد الشهادات المعتمدة سيكون لها نصيب الأسد في هذا “البزنس”، ويكون إعلانها بهذا الشكل:
برنامج تدريب وتأهيل الراغبين في الانتحار.. للفقراء والمساكين، للذين غلبهم القهر والظلم، للذين يصرخون بلا جدوى، للمتدمّرين عاطفياً، للمرضى النفسيين، لقارئي الأخبار اليومية الذين يكادون أن يُصابوا بالجلطة، للذين أفلَسوا بسبب البورصة، نقدم لكم كفاءات أجنبية متخصصة تضمن لكم عمليات انتحار ناجحة، وسيحصل “الطالب” على شهادة مُصدّقة من “وزارة الأموات” تؤهلك لانتحار ناجح.
أمّا شركات تنظيم الحفلات، فلن تُحرّك ساكنة في هذه المناسبات، فلا مانع من عروض تأجير كراسي مع صيوان يضعه المُنتَحِر أمام العمارة التي سيقفز منها كي لا يُعيقَ حركة السير وكي يجد المتفرّجون مكاناً يجلسون فيه بدلاً من مشاهدة المسلسل “عالواقف”، ولا ضررَ لشركة تنظيم الحفلات أن تقدّمَ عرضاً خاصاً لتصوير عملية الانتحار 2 كاميرا فيديو مع “مكسر” بالإضافة إلى هدية الموسم 150 صورة مجانية.
ولن نستثني أبداً شركات “الخلوي” من هذا “البزنس” أيضاً، فستكون خطة تسويقية رائعة إن قامت احدى هذه الشركات بتوفير “خط المنتحرين”.. احكي مع الجرايد والراديو والتلفزيون والشرطة مجاناً.. شبكتنا تغطّي حتى 23 طابقا.
وستتنافس الشركات الأربعة في الأردن على هذه الخدمة، فالثانية ستمنح تغطية شبكة حتى 30 طابقاً، والثالثة حتى 40 طابقاً وهكذا تجري العجلة… على أجسادنا.
[SIZE=4]شكرا يا اسامة الرمحي:Jordan:
[SIZE=4]شكرا يا اسامة الرمحي:Jordan: