في هذا المكان المألوف .. تجلس
تعلم أنها جلست هنا من قبل
لكن متى ؟ .. لا تذكر
في الحقيقة .. أم في الخيال ؟
في عالم آخر هي .. ربما
لكنها تشعر أن هذا العالم ينتمي لها بشكل ما
ربما هو عالم صنعه خيالها الذي لا يتوقف عن
العمل
الذي لا يمل .. لا يتعب
حتى صارات الخيالات أقرب للواقع
في كل تجربة واقعية يمزج هذا الخيال آلافاً
من التجارب الآخرى
هذه هي هوايتها المفضلة
تُمتعها حقاً .. تُرغمها على الإبتعاد عن
الواقع بقسوته وصعوبته
خيالها هو جنتها .. سعادتها .. راحتها
تبتسم في خيالها .. تضحك .. تلهو .. تلعب .. تحب
خيالها لا يعرف حزن ..
لكن هذا العالم الأشبه بالأحلام
لا يلبث إلا أن يتشتت
يتمزق
فتتمزق معه فرحتها وراحتها
كأنك تنظر في حوض به ماء رقراق ، وترى به
حدائق غناء وأزهار وطيور
ثم يرمي أحدهم حجراً ثقيلاً في الماء
فتتبدد الصورة
لكنها لا تستطيع أن تعود ثانية
إنهم يسرقون منا روعة الاحلام
يُحرمون على خيالنا الإنطلاق
بقسوتهم ربما .. بخداعهم
أو ربما لأن خيالها مل تلك العوالم المحيطة
بهم
تتذكر كل هذه الخواطر عندما تجلس في هذا
المكان
رائحة المكان لا تتغير
ملامح المكان تغيرت كثيراً
لكن نفس الأحلام تلون أركان المكان
أحلام كانت هنا شامخة
كما شمخت على تلك الأوراق القديمة التي
أهلكتها كثرة القراءة
لكن نفس الأحلام الآن .. لا تبدو كما كانت
ما هذا ؟
هذا شئ لم تراه من قبل
هناك شرائط سوداء مُعلقة على جانب كل صورة من
تلك الصور
شرائط تُعلن في قسوة أن الأحلام لاقت حتفها
في يوم ما
متى كان هذا اليوم ؟
لا تعلم !!!!!
كل ما تعلمه
أن هذا المكان لم يعد لها
لم يعد هو المكان الذي تنسج فيه كل يوم حلماً
جديداً
لم يعد لها .. حتى في الخيال
لابد أن تفيق على تلك الصدمة
التي مزقت أحلامها .. وقلبها معاً
لم يعد هذا العلم الأسطوري .. الذي ملأت كل شبر
فيه بأحلامها .. مكانها
كانت تعلم .. أن للواقع حدوداً كثيرة
كانت تعرفها وتحترمها وتؤمن بها
لكنها لم تكن تعلم يوماً أن للخيال حدود
لكنها عرفت هذا
في ذلك اليوم
عندما وقف خيالها عاجزاً أمام قلاع الواقع
الصلبة
فلم يستطع تحطيمها
أو القفز من فوقها
أو اجتيازها
لم يستطع حتى الإقتراب
فآثر الهورب
والعوده للخلف
ليجد .. أن بالخلف قلاعاً أعلى وأكبر من
الأولى
فأعلن استسلامه
وضعفه
وقررت في حزن
أن تستسلم هي الأخرى
للواقع