الدمعة المظلومة .. الدمعة التي قيل عنها الكثير .. تخرج على استحياء .. من عين الرجل تخرج .. لتشهد مجتمعات تعاني من فهم ملتوي .. الفهم الملتوي الذي وأد هذه الدمعة في مهدها .. الدمعة التي تغير الكثير .. تلين القلب وتريح الصدور .. هل هم في غنى عن ذلك؟ .. زعموا وهم لا يدرون ..
بكاء الرجل قضية يختلف عليها اثنان وثلاث وأربع .. الكل له رأيه .. الأغلبية في مجتمعاتنا العربية الذكورية تعتبر بكاء الرجل منقصة .. ولو كان لسبب جلل .. والبعض الآخر يرى أن بكاء الرجل مرحب فيه في أي وقت .. لا هذا ولا ذاك .. من جانب الصواب قلة .. وأنا لي أن أحكم على الكل .. لماذا؟ .. لأن الدموع الحقيقية لا تخرج إلا من قلب صادق ..
والقلب الصادق عندما يهتز .. يهتز من أعماقه .. حتى تصل اهتزازاته إلى الحد الأقصى للشعور الإنساني .. البكاء .. تخرج الدمعة معلنة حالة حزن أو خوف أو فرح .. كم من رجل في هذه الدنيا بكت عينه للخالق .. رجل أحس بتقصير أو مجرد خوف في جانب دينه ليرجع إلى ربه معلنا إلتجاءه بالعزيز الأمين لكي يحفظ جانبه .. لحظة بكاء ستسبقها ..
كم من رجل بكت عينه لفراق الحبيب والموت لا يعرف أحبة .. لحظة بكاء ستتبع هذا الفراق .. كم من رجل بكت عينه فقط لوجوده في مقبرة ورؤيته للحياة بمنظور أعظم من المنظور المعتاد .. أن يرى الدنيا كمحطة انتظار .. محطة توصيل واستلام ومن ثم تسليم .. لحظة بكاء ستسبق هذه الرؤية ..
دمعة الرجل غالية .. ولا تخرج إلا لمناسبة تستحق الوقوف .. والتنازل عن الشخصية الذكورية المهيبة التي صنعها المجتمع العربي بكل استخفاف ببشرية الإنسان وأحاسيسه .. الشخصية ذات الشعبية الجارفة! .. الجامدة كما الصخر والباردة كما الثلج .. سيد البشر لم يكن جامداً في مشاعره ولا في تعابير وجهه بل كان سمحاً ليناً .. تبتل لحيته دوماً .. بدموع بكاءه الشريفة .. وليس بعد المختار من مثيل من بني آدم أجمعين .. صلي اللهم عليه وسلم ..
شكراً لها .. تلك التي .. ألهمتني لكتابة هذا الموضوع .. أسأل الله أن ينفع بما كتبت أنا .. وأن يثيبك أنتي على إلهامك لي .. ويبقى السؤال الأزلي .. باختلاف المعطيات .. هل بكاء الرجل منقصة؟