قال زين العابدين :
سفري بعيد وزادي لن يُبلّغني
وقوتي ضعفت و الموت يطلبني
ولي بقايا ذنوب لست اعلمها الله يعلمها في السر و العَلني
ما أحلمَ الله عني حيث امهلني وقد تماديت في الذنب و يسترني
تمر ساعات ايامي بلا ندم ٍ ولا بكاءٍ ولا خوفٍ ولا حزن ِ
انا الذي أُغلّق الابواب مجتهدا على المعاصي وعين الله تنظرني
يا زلة ً كُتبت في غفلةٍ ذهبت
يا حسرة بقيت في القلب تُحرقني
كأنني بين تلك الاهل منطرحا على الفراش وايدهم تُقلبني
و كأنني وحولي من ينوح ومن يبكي عليَّ وينعاني ويَندُبني
وقد اتو بطبيبٍ كي يعالجني ولم أرى الطبيب اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموت يجذبها من كلِّ عِرق ٍ بلا رفق ٍ ولا هوَني
واستخرج الروح مني في تغرغرها وصار ريقي مريراً حين غرغرني
وغمّضوني وراح الكل و انصرفوا بعد الإياس وجدّوا في شرا الكفن ِ
وقام من كان أحبُّ الناس في عجلٍ نحو المغسّل يأتيني يغسّلني
وقال يا قيّوم نبغي غاسلا حَذِقاً حرّاً اديبا عارفا فطن
فجاءني رجلٌ منهم فجردني من الثياب وأعراني و أفردني
واودعني على الالواح منطرحا وصار فوقي خرير الماء يُنفِضُني
وأسكب الماء من فوقي وغسّلني غَسلا ثلاثا ونادى القومُ بالكفنِ
وألبسوني ثيابا لا كمام لها وصار زادي حَنوطا حين حنّطني
وأخرجوني من الدنيا فوا اسفي على رحيلٍ بلا زادٍ يُبلّغني
وحمّلوني على الاكتاف اربعةٌ من الرجال وخلفي من يشيعني
وقدّموني الى المحراب وانصرفوا خلف الامام فصّلى ثم ودّعني
صلّوا عليّ صلاةً لاركوع لها ولا سجودَ لعلّ الله يرحمني
وأنزلوني الى قبرٍ الى مَهَلٍ وقدّموا واحدا منهم يُلحّدُني
وكشّف الثوبَ عن وجهي لينظرني و أسبل الدمع من عينيه أغرقني
فقام محتزما بالعزم مشتملاً وصفف اللبنَ من فوقي وفارقني
وقال هلّو عليه التربَ واغتنموا حُسن الثوابِ من الرحمن ذي المنن
في ظلمة القبر لا أمٌّ هنالك ولا أبٌ شفيقٌ ولا أخٌ يؤنسني
وهالني صورةٌ في العين أذ نظرت من هول مطّلع ٍ ما قد كان أدهشني
من منكرٍ ونكيرٍ ما أقولُ لهم قد هالني أمرهم جداً فأفزعني
وأقعدوني وجدّوا في سؤالِهُمُ مالي سواك الهي من يخلصني
فامنن عليّ بعفوٍ منك يا أملي فأنني موثقٌ بالذنب مرتهن ِ
تقاسم الاهل مالي بعدما انصرفوا وصار وزري عل ظهري فأثقلني
واستبدلت زوجتي يعلاً لها بدلي وحكّمته في الاموال و السكن
