حياة المسلم كلها طاعة لله سبحانه، من مبتداها إلى منتهاها، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } وقال جلَّ علاه: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } (الأنعام:162) فهذا هو الأصل في حياة المسلم، أن تكون حياته كلها عبادة لله، وطاعة له؛ ابتغاء مرضاته، ورغبة في رضوانه .
وإذا كان الأمر على ما ذكرنا، فإن المسلم لا يخرج من طاعة إلا ليدخل في غيرها، كما قال تعالى: {فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب } والمعنى: إذا أتممت عملاً من مهام الأعمال، فأقبل على عمل آخر بحيث تعمر أوقاتك كلها بالأعمال الصالحة، والتي تعود عليك بالنفع في الدنيا والآخرة. وهذا الشأن الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم .
بَيْدَ أن من رحمة الله بعباده، وعلمه بتفاوت هممهم، وتباين استجابتهم، جعل سبحانه من الطاعات ما هو على سبيل الفرض والإلزام، فلا فكاك للمسلم من القيام بها، وأدائها على الصفة الشرعية التي شرعت عليها؛ وجعل من الطاعات ما هو على سبيل الاختيار، فترك للمسلم الخيار في فعلها مع الأجر والثواب، أو تركها من غير حرج ولا عتاب .
وصيام ستة أيام من شوال يدخل في هذا النوع الثاني من الطاعات، الطاعات الاختيارية، التي لا يلزم العبد بها، وإنما شرعت على سبيل الاختيار؛ تقربًا إلى الله، وطمعًا في جزيل ثوابه .
وفضل صيام ست من شوال ورد فيه أحاديث عديدة، أصحها ما ثبت في " صحيح مسلم " من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال، كان كصيام الدهر ) والحديث أيضًا رواه أصحاب السنن .
:hi: