بلدة الربة أو (ربة مؤاب)
تطل ربة مؤاب في محافظة الكرك التي تقع وسط سهل خصيب على وادي الموجب والبحر الميت وجبال القدس الشريف حيث كانت الربة من أعظم مدن مؤاب في العصور القديمة فقد ذكرت في التوراة باسم ارمؤاب وفي العهد الروماني باسم اربوبوليس أي مدينة اله الحرب ومرت على الربة فترات تاريخية كالبرونزية والحديدية والهلنستية والنبطية والرومانية والبيزنطية والأموية والعباسية والفاطمية والإسلامية والأيوبية والمملوكية والعثمانية.
ووصف الرحالة الذين مروا بها في القرن التاسع عشر في كتاباتهم موقع الربة بالهام لما تحتويه من آثار كبيرة تدل على انه كان للربة شأن وتحتل مركزا مهما على الطريق السلطاني الملوكي الكرك /الموجب/عمان.
ازدهرت مدينة الربة في عهد ملوك الأنباط 2000ق.م إلى 106ق.م كما تشير مجموعة فريدة من الأواني الفخارية التي وجدت فيها أنها تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد, واهتم الأنباط بالزراعة كما تشير خزانات المياه العديدة إلى أبار جمع المياه التي يزيد عددها على 1000بئر ماء.
وكانت الربة إحدى المحطات الرئيسية في عهد الرومان 106الى 324 ميلادي بعد ان استولى تراجانوس على مملكة الأنباط وضمها الى الإمبراطورية الرومانية باسم الولاية العربية وقام الرومان برصف طريق السلطاني من بصرى إلى عمان فالربة فالبتراء حيث كانت القوافل المتجهة من بلاد الشام الى مصر وشمال إفريقيا تمر بموقع الربة بالطريق الماثل حاليا أمام المعبد الأثري باسم طريق تراجان.
أصبحت الربة مركزا إداريا في الولاية العربية التي تذكرها مخطوطات البردي التي اكتشفت في مركز البحر الميت على انها مقر الحاكم الروماني عام 127م وساد المدينة آنذاك نهضة عمرانية كما تدل الآثار الباقية فيها, اذ يشاهد الزائر للربة أعمدة منحوتة ومزخرفة ومعبد لا يزال قائما الذي يوجد على جانبي مدخله محرابان صغيران ويوجد في الجهة الجنوبية بركة تزيد مساحتها على 2000مترمربع وأخرى بمساحة10 دونمات تقع شرق حدود التنظيم الحالية.
وحافظت الربة على مركزها في الفترة البيزنطية 324- 634 ميلادي كعاصمة لمؤاب وكانت مقرا للأسقف وتظهر بها عدة كنائس منها واحدة تقع جنوب المعبد وأخرى اكتشفت عام1962 في الشرق من المعبد الروماني.
وظهرت الربة على فسيفساء ماعين في القرن السادس الميلادي وفتحها القائد العربي ابو عبيدة عامر بن الجراح عام 634 ميلادي لانها كانت تعتبر ذات موقع استراتيجي بين الجزيرة العربية ودمشق.
كما حافظت الربة على ازدهارها حيث يصفها المقدسي في أحسن التقاسيم في القرن العاشر للميلاد ان مؤاب في الجبل كثيرة الغرس واللوز والأعشاب.
وفي عام 1969 اكتشف في الربة قبر عليه لوحة حجرية طولها 106 سنتيمترات وسمكها 26 سنتيمترا وارتفاعها 50 سنتيمترا مكتوب عليها ما يشير انه قبر زيد بن علي بن زيد العابدين بن الحسين بن علي بن ابي طالب.
ويعتبر هذا المقام الواقع على الطريق الواصل ما بين مدينة الربة ومنطقة اللجون الأثرية التاريخية من مقامات الصحابة والأولياء المعروفة لدى المواطنين في محافظة الكرك والمنتشرة على ثرى الأردن الذي يزخر بالعديد من مقامات الأنبياء والصحابة الكرام.
ويدل على المقام "القبر" وجود حجر منقوش عليه اسم التابعي الجليل بالخط الكوفي والحجر موجود حاليا في متحف الآثار الإسلامية في مدينة المزار الجنوبي في محافظة الكرك.
وكان أهل المنطقة يعتقدون قديما ان هذا المكان مقام "ذو القرنين" كما كانوا يقدسون المكان ويجلونه وإذا تأخر نزول المطر تنظم نساء البلدة ما يسمى بـ"ام الغيث" في مسيرة الى القبر حيث توضع على القبر ويوقد حوله البخور طلبا لنزول الغيث عند احتباسه عن الناس.
وزيد بن علي بن الحسين بن علي هو من سلالة علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ابن عم رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وهو ابن زين العابدين "علي" وسمي بهذا الاسم لأنه أكمل الناس عبادة واتقاهم.
عاش زيد في اول حياته في بغداد على زمن الخليفة ابو جعفر المنصور ثم خرج الى اليمن مهاجرا وفي اليمن التف حوله الناس ونشر المذهب الزيدي الذي هو اقرب للمذهب السني وبعد ذلك خرج الى العراق وفي الطريق قتل في مكان لم يعرف انذاك لكن كتب السيرة والتاريخ تؤكد انه دفن في منطقة الربة شمال الكرك.
ازدهرت الربة الان التي تقع في لواء القصر واتسع العمران فيها حيث تبلغ مساحتها 7500 دونم يقع منها ضمن التنظيم خمسة ألاف دونم ويزيد مجموع اطوال على 12 كيلو متر وتشتمل على جميع الخدمات ويقع على ارضها كلية الزراعة التابعة لجامعة مؤتة ومركز اقليمي الربة للبحوث الزراعية ونقل التكنولوجيا ومشروع ادارة المصادر الزراعية لمحافظتي الكرك والطفيلة.
عماد عبدالرحمن المجالي
