ظاهرة العنوسة خطر جديد يهدد المجتمع في الأردن
بدأت ظاهرة العنوسة في المجتمع الأردني تتنامى في السنوات الأخيرة واعتبر مراقبون وجود أكثر من 87 ألف فتاة أعمارهن من 30 إلى 49 سنة تخطين سن الزواج بمثابة جرس إنذار يضرب بقوة فى المجتمع الأردني.
وأشارت جمعية العفاف الخيرية (وهي جمعية تساعد الشباب على الزواج ) إلى إرتفاع متوسط سن الزواج بالنسبة للذكور من 20 عاما سنة 1961 إلى ما يقارب الثلاثين عاما سنة 2008 ، وإلى ارتفاع متوسط سن الزواج بالنسة للإناث من 18 عاما تقريبا سنة 1961 إلى ما يزيد عن 29 عاما خلال عام 2008 ، وهو ما أدي إلى وجود ما يقارب 87 الف فتاة أعمارهن من 30 إلى 49 سنة لم يسبق لهن الزواج.
وبدأ الحديث عن ظاهرة العنوسة في المجتمع الأردني ، بعدما كشفت دراسات " محلية " عن تخطى أكثر من 87 الف فتاة سن الزواج ، إلا أن البعض يرى أن الرقم لا يمثل أية خطورة ، وذلك في ضوء العدد الكلي للسكان في المملكة البالغ نحو 6ر5 مليون نسمه ، إلا أن المراقبين اعتبروا الرقم بمثابة جرس إنذار بدأ يضرب بقوة في المجتمع الأردني ، محذرين من زحف المشكلة وتضخمها.
وأجمع المراقبون على أن " البطالة وتدني مستوى الدخل لدى قطاع كبير من الشباب في سن الزواج مع ارتفاع المهر وتكاليف الزواج من أهم أسباب مشكله العنوسة " وحمل الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني رئيس لجنة الفتوى في حزب جبهة العمل الإسلامي العادات الاجتماعية المسئولية في ارتفاع نسبة العنوسة ، والتي تدفع باتجاه المغالاه في تكاليف الزواج ، من المهر إلى الحفلات باهظة التكاليف.
وقال الكيلاني "إن الكثير من الفتيات العاملات يعزفن عن الزواج ، بإعتبارهن لسن في حاجة إليه ، ما دام العمل يوفر لهن أسباب المعيشه " ، وأضاف " الأمر الأخر وهو أن العنوسة في البلد ترجع إلى أسباب الفجور والمعاصي للجنسين ".
كما حمل الكيلاني وسائل الإعلام مسئولية عدم توفير الترابط الأسري والاجتماعي ، وعدم وجود التكافل الاجتماعي ، الذي من شأنه العمل على تيسير أمور الزواج وليس تعقيده.
وأضاف أن الاحزاب لا تقوم بدور فعال في مواجهة هذه الظاهرة ، فليس من برامج الاحزاب ذلك الأمر داعيا كافة قوى المجتمع بالعمل على تسهيل أمور الزواج ، والتبسط فيما يتعلق بتكاليف اتمام الزواج والإبتعاد عن المغالاة ، والمظاهرالاجتماعية .
وكشفت دراسة قامت بها جمعية العفاف أن نسبة النساء اللواتي لم يسبق لهن الزواج في الأعمار ما بين 15 إلى 49 قد ارتفعت من 35 في المائه عام 1976 الى 8ر71 في المائه عام 2004.
ولاحظت الدراسة ارتفاع نسبة متوسط العمر عند الزواج الأول للذكور، حيث كان المتوسط عام 1979 نحو 26 عاما، فيما ارتفع عام 2004 إلى 30 عاما، فيما ارتفع بالنسبة للإناث للفترة ذاتها من 21 سنة ، إلى 27 سنة عام 2004، وذلك يدلل علي أن متوسط العمر عند الزواج الأول آخذ بالتزايد لكلا الجنسين مما يدل على وجود عنوسة حادة في المجتمع الأردني.
وأرجع رئيس جمعية العفاف مفيد سرحان ظاهرة العنوسة إلى انتشار البطالة وعدم توفر فرص العمل أمام الكثيرين ، وانخفاض وتدنى مستوى الأجور والرواتب مقارنة مع متطلبات الحياة الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ، إذ أن الشاب يحتاج إلى ما يقل عن عشر سنوات ليتمكن من إدخار مبلغ يمكنه من خلاله الإقدام على الزواج ، على فرض أنه يستطيع أن يدخر سنويا مبلغ ما بين 700 إلى إلف دينار ( ما يعادل نحو 1412 دولارا ) وهو أمر ثبت بالإستقراء صعوبته ، بل استحالته عند الكثير من الشباب نظرا لتدنى الرواتب .
واقترح سرحان ضرورة التعاون لتجاوز العادات والتقاليد التى تعيق إقدام الشباب على الزواج ، بجانب أهمية مبادرة الشخصيات الاجتماعية والمسئولين إلى تزويج أبنائهم وبناتهم بتكاليف متواضعه ليكونوا قدوة لغيرهم من المواطنين.
ودعا سرحان إلى إنشاء مؤسسات إسكانية تعنى بتخصيص مساكن للمقبلين على الزواج تسدد تكاليفها على أقساط ميسرة ، وأن تساهم المؤسسات الرسمية في إيجاد مثل هذه المؤسسات ، بجانب ضرورة دعم فكرة الأعراس الجماعية بإعتبارها وسيلة عملية للتقليل من تكاليف حفلات الزفاف.
يذكر أن جمعية العفاف الخيرية تقدم قروضا حسنه بالتعاون مع البنك الاسلامي الأردني ، تسدد على أقساط ميسرة ، استفادت منها حتى الأن سبعة ألاف حالة فقط ، ونظمت الجمعية أول حفل زفاف جماعي عام 1995 شارك فيه 1018 زوجا ، تتكفل فيه بجميع نفقات الحفلات.
ويبقى السؤال المهم ، هل يتخلص المجتمع الأردني في عام 2009 م من عادات وتقاليد المغالاة في المهور وترتيبات اكتمال الزواج ، والتي في مقدمتها تحمل الشاب لكافة نفقات عش الزوجية ، من دون أن يساهم أهل العروس في أي شىء يذكر ؟