أكملت القوات الاسرائيلية انسحابها من قطاع غزة، وعادت الدبابات إلى مواقع تمركزها خلف الحدود، ولكن الحصار الاسرائيلي لخنق القطاع سيستمر وربما بمساعدة أمريكية - أوروبية.
السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري كشف أمس عن مسعى اسرائيلي ـ أوروبي لايفاد قوة بحرية إلى البحر المتوسط لمراقبة سواحل قطاع غزة، على غرار ما نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 في لبنان.
اللافت أن السيد أبو الغيط لم يبد أي رأي معارض أو مؤيد لهذه الخطوة في حال ترجمتها على الأرض، مما يوحي بالموافقة المبدئية على الأقل، الأمر الذي ربما يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري بحكم العلاقة القانونية والتاريخية بين مصر وقطاع غزة.
السيد أبو الغيط قال في مؤتمر صحافي ان مثل هذه الاتفاقية في حال اقرارها لن تؤثر على السيادة المصرية، لأن المياه الاقليمية المصرية تحت السيطرة المصرية الكاملة، ولا يمكن السماح بامتداد العمليات إلى السواحل المصرية مهما كان شأن هذه القوى التي تتحدث عن اتفاقات في هذا الخصوص.
وما يقوله السيد أبو الغيط شيء، وما يحدث على الأرض شيء آخر تماماً، فالطائرات الاسرائيلية الحربية التي كانت تغير على مدينة رفح الحدودية اخترقت الأجواء المصرية، واستخدمتها للوصول إلى أهدافها في تدمير الأنفاق، والدليل الأبرز على ذلك هو اصابة ثلاثة جنود مصريين من قوات أمن الحدود بفعل القصف الاسرائيلي،
وربما يفيد التذكير بان السيدة تسيبي ليفني وزيرة خارجية اسرائيل وقعت اتفاقا امنيا مع نظيرتها الامريكية كوندوليزا رايس قبل ايام معدودة من مغادرتها منصبها، يقضي بفرض رقابة على الحدود المصرية مع قطاع غزة لمنع التهريب، ونقل معدات خاصة ومتطورة لانجاز هذه المهمة، دون اي تشاور مع الحكومة المصرية، بل ان هناك من يقول ان هذه الحكومة علمت بالاتفاق من الصحافة واجهزة الاعلام مثلها مثل القراء الآخرين.
قطاع غزة ارض عربية اسلامية، ويشكل حلقة رئيسية من حلقات الامن القومي المصري، وكان خاضعا للادارة العسكرية المصرية قبل احتلاله في حرب حزيران (يونيو) عام 1967، ولذلك من غير المنطقي ان يتعرض لمثل هذه الحصارات البرية والبحرية، من قبل قوى خارجية، دون اي اعتراض من الحكومة المصرية.
ما يجري حاليا هو محاولة مكشوفة، بل وعلنية، لتدويل المساعي الاسرائيلية لخنق قطاع غزة، ومحاصرة مليون ونصف المليون هم مجموع ابنائه، وتحويله الى سجن كبير بقرارات واتفاقات اوروبية ـ امريكية ـ اسرائيلية، وبموافقة عربية.
فاسرائيل تراقب سواحل قطاع غزة من خلال اسطولها البحري المتقدم الذي يضم زوارق وسفنا حربية تقوم بدوريات منتظمة، ولا تسمح بمرور قارب صيد الى القطاع دون تفتيشه. بل انها تفرض على صيادي القطاع عدم التحرك الا في مساحة ضيقة قرب الشاطئ لا تزيد عن مئات الامتار فقط ومن يخالف هذه التعليمات يتعرض لاطلاق النار بهدف القتل.
الحكومة المصرية مطالبة بتحمل مسؤولياتها والتدخل لوقف كل عمليات تدويل الحصار تحت ذريعة وقف تهريب الاسلحة ليس من اجل قطاع غزة وابنائه، وانما من اجل امنها القومي.