راهنت الأنظمة العربية المعتدلة كثيراً على قمة الكويت الاقتصادية، ووضعت كل بيضها في سلتها، ولكن فرص هذه القمة في الفشل اكبر بكثير من النجاح، رغم الاعداد الجيد لعقدها، على حسب قول السيد احمد ابو الغيط وزير الخارجية المصري الذي اعترض على قمة الدوحة الطارئة، بحجة انه لم يتم الاعداد الجيد لها، وستعمل على تقويض هذه القمة الاقتصادية.
من المفارقة ان تقويض قمة الكويت هذه لم يأت من القمة الطارئة في الدوحة، وانما من القمم التي دعا اليها، وعقدها، اكثر المؤيدين لها، والذين يحرصون على نجاحها، وتحويلها الى مرجعية للعمل الرسمي العربي المشترك، وبالتحديد كل من المملكة العربية السعودية ومصر.
فالمملكة دخلت حروب القمم العربية التي سادت المنطقة في الأيام الخمسة الماضية بقوة تحسد عليها، عندما بادرت الى الدعوة لعقد قمة لقادة مجلس التعاون الخليجي في الرياض قبل يوم واحد من انعقاد قمة الدوحة تحت عنوان تنسيق المواقف الخليجية، فلم يتحقق هذا التنسيق الا جزئياً، وحدثت بعض الشروخ في الجسم الخليجي، مرشحة للاتساع، فقد غاب السلطان العماني قابوس بن سعيد عنها، وانهارت المصالحة السعودية القطرية الوليدة وهي ما زالت نطفة عندما أصرت قطر على المضي قدما في عقد قمتها الطارئة، ودعت اليها دولاً اسلامية مثل ايران وتركيا واندونيسيا، ووفرت منبراً للرئيس السوري بشار الأسد لتعزيز شعبيته عربياً.
من المؤكد ان دعوة الرئيس الايراني احمدي نجاد الى قمة الدوحة الطارئة ستغضب دولاً خليجية مثل المملكة العربية السعودية التي تعتبر ايران عدوها الأول، ودولة الامارات العربية المتحدة التي ربما تتفوق على السعودية في عدائها لايران بسبب جزرها المحتلة في الخليج. وربما جاءت دعوة السيد نجاد الى قمة الدوحة رداً على مقاطعة الامارات لها، تماماً مثلما دعت الحكومة القطرية فصائل المقاومة الفلسطينية وقياداتها (خالد مشعل، ورمضان عبد الله شلح، واحمد جبريل) كرد على رفض الرئيس الفلسطيني المشاركة في القمة القطرية نفسها.
اما الضربة الثانية لقمة الكويت فجاءت من الحليف المصري الذي سارع الى عقد قمة في شرم الشيخ لقادة دول عربية واوروبية تحت شعار تثبيت وقف اطلاق النار في غزة واعادة اعمار ما دمره العدوان الاسرائيلي.
وهكذا فان الجانب السياسي في قمة الكويت الذي جرى التعويل عليه كثيرا من قبل حكومات دول محور الاعتدال قد جرى تقويضه من قبل القمم الثلاث في الرياض والدوحة وشرم الشيخ، وخاصة الانجاز الابرز المتوقع من هذه القمة، وهو انشاء صندوق لاعمار القطاع المنكوب، حيث سرقت قمة شرم الشيخ هذا الصندوق ودوّلته، وتبنت قمة الدوحة قراراً بانشائه مسبقاً.
وفي ظل الانقسام العربي الراهن، من غير المستبعد ان تشهد هذه القمة مشاحنات ومشادات كلامية بين الاطراف المتنازعة، فكيف يمكن ان يتشاور زعماء مثل بشار الاسد مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، او الرئيس المصري حسني مبارك حول الاوضاع العربية، وازمة غزة بالذات، بعد كل هذه الحروب الاعلامية بين الطرفين، وحرب الاستقطاب المستعرة بينهما في أكثر من ساحة عربية، واللبنانية منها على وجه التحديد؟