عندما يؤيد أكثر من ثمانين في المئة من الاسرائيليين المجازر التي يرتكبها جيشهم في قطاع غزة، ويستمر هذا التأييد بالمعدلات نفسها بعد أن يتضح من خلال الصور ان أكثر من ألف ومئتي شخص استشهدوا، وخمسة آلاف اصيبوا، نصفهم من الأطفال، فإن هذا يعني ان خيار السلام مع هذا الشعب غير مجد، وحرث في البحر.
المتحدثون الرسميون الاسرائيليون يركزون في كل مؤتمراتهم ومقابلاتهم الصحافية على تضخيم مفعول صواريخ المقاومة الفلسطينية المنطلقة من قطاع غزة، وتكرار القول بأن من المستحيل ان تقبل دولة أخرى بتعرض مواطنيها لمثل هذه الصواريخ ولا تتحرك لوقفها، وهي دعاية قائمة على الكذب، نجحت في تضليل الاسرائيليين أولاً، وبعض شعوب العالم ثانيا.
لا أحد يقبل بأن يعيش تحت تهديد الصواريخ.. هذه حقيقة لا جدال فيها، ولكن طريقة وقف هذا الخطر هي موضع خلاف حتماً، وخاصة استخدام طائرات من طراز اف 16 والأباتشي والدبابات لإبادة مليون ونصف المليون انسان بعد تجويعهم وحصارهم في معتقل لا تزيد مساحته عن 150 ميلاً مربعاً.
بريطانيا واجهت أخطاراً مماثلة من قبل قنابل وصواريخ الجيش الجمهوري الايرلندي، ووصل الأمر درجة قصف مقر رئاسة الوزراء، ونسف موكب الملكة، وزرع قنابل في حي المال والبورصة في قلب مدينة لندن، ولكن الحكومة البريطانية لم ترسل طائراتها ومروحياتها لتدمير أحياء الكاثوليك في ايرلندا الشمالية، وقتل المئات من أطفالهم مثلما تفعل اسرائيل حالياً في قطاع غزة، بل لجأت، أي بريطانيا، إلى فتح حوار مع من يقفون خلف هذه التفجيرات قادت إلى المصالحة الوطنية واستيعاب هؤلاء في العملية السياسية.
الرأي العام الاسرائيلي سقط في اختبار غزة الأخلاقي، وأثبت انه شعب متعطش لسفك دماء ضحاياه من الفلسطينيين دون هوادة أو رحمة بعد أن استولى على أرضهم، وشردهم إلى المنافي ومخيمات اللجوء البائسة في دول الجوار العربي.
والنتيجة الممكن استخلاصها من هذا السقوط الاخلاقي المريع هي استحالة التعايش مع شعب بهذه المواصفات الدموية في ظل أي من الصيغ المطروحة حالياً للتسوية، وخاصة خريطة الطريق المنبثقة عن اللجنة الرباعية الدولية، أو عملية أنابوليس للسلام.
فالاعتقاد الذي كان سائداً في الكثير من الأوساط السياسية والشعبية العربية، ان اليمين الاسرائيلي الليكودي هو عنوان التطرف في اسرائيل، أما بقية الشعب الاسرائيلي فتجنح للسلام، وتتطلع إلى التعايش. وترسخ هذا الاعتقاد عندما تظاهر مئات الآلاف من أنصار السلام في قلب مدينة تل أبيب بعد حرب اجتياح لبنان.
حركة السلام الاسرائيلية ماتت، وأصبح معظم الاسرائيليين أقرب إلى فكر الليكود المتطرف، ولم يعد المرء يجد أي فوارق حقيقية بين الأحزاب الاسرائيلية المتنافسة على مقاعد الكنيست (البرلمان) في انتخابات الشهر المقبل.
سحب مبادرة السلام العربية ربما يكون الرد الأمثل على هذا التطرف الاسرائيلي ومجازر قطاع غزة، بعد أن اصبحت تقدم إلى الحكومة الخطأ، والشعب الخطأ.
هل القمم العربية تؤثر على اسرائيل؟؟ او لها معنى عند اسرائيل؟؟
هل تظن ان اسرائيل ستبقى شعبيتها العالية في الشرق الاوسط او على المستوى العالمي بعد الفشل في حرب غزة؟؟؟
:talk001:
كلنا آذان صاغية