عدوة الرجال
ما الذي يدفع شابة صغيرة السن حسناء.. لأن تكون زعيمة عصابة؟ ما الأسباب التي تحول فتاة رقيقة وإمرأة ناعمة.. إلي عدوة للرجال؟ ولماذا وكيف أصبحت حواء الجميلة.. وحشا مفترسا لاهدف له في الحياة سوي الإنتقام من الرجل.. أي رجل في هذه الدنيا؟ بطلة هذه القضية فتاة عادية للغاية. أو بالأصح كان يمكن أن تعيش حياة عادية مثل أية فتاة في عمرها. لكنها الظروف وأقدار الحياة التي تتحكم في خطاوي البشر. وتجعل منهم من يمشي علي الصراط المستقيم. ومن يمشي في طريق الأشواك!
ولدت بطلة القضية الشابة التي لايتجاوز عمرها الآن 24 سنة في أسرة ريفية ميسورة الحال تعيش في محافظة زراعية لاتبعد عن القاهرة كثيرا. الأب مزارع من عائلة معروفة يمتلك أراضي زراعية شاسعة. والأم سيدة ريفية بسيطة رقيقة الطباع. لكنها كانت البنت الوحيدة لهما. فنشأت مدللة لايرفض لها أحد طلبا. وعاشت طفولة مرفهة في بيت العائلة الذي يقع وسط أرض العائلة وخيراتها.
لم تكمل تعليمها لأنها لم تكن تحب الدراسة. وقبل أن تحصل علي الشهادة المتوسطة. فوجئت بأن والدها يخبرها أن أحد شباب المدينة الزراعية التي يعيشون بها قد تقدم يطلبها للزواج. وقبل حتي أن تسأله عن هذا العريس أبلغها والدها في لهجة حازمة أنه وافق عليه! وهرعت إلي حجرتها تبكي.. زواج الإكراه! كانت تشعر بالغضب من والدها الرجل الوحيد في حياتها. الذي وافق علي أن يزوجها لأول من طلب يدها. دون أن يسألها رأيها. كانت تشعر أن والدها تنازل عنها دون مقابل لإنسان غريب لاتعرفه! وظلت أياما حبيسة حجرتها ترفض أن تكلم أحدا أو تستمع لأحد. لكنها في النهاية فتحت باب الغرفة وخرجت متورمة العينين شاحبة. * وقالت لأمها بصوت جامد: أنا موافقة علي العريس! وفرحت الأم وأخذت إبنتها إلي أحضانها. لكنها لم تلاحظ النظرات الغريبة الحادة التي كانت تطل من عيني الإبنة. وخلال أيام أقيمت الأفراح والليالي الملاح. وتزوجت الصبية الحسناء وإنتقلت إلي بيت زوجها. صحيح أنها عاندته في الأيام الأولي للزواج. وكأنها كانت تعاقبه لأنه تزوجها دون أن تعرفه أو يعرفها. لكنها لم تستمر علي هذا الحال طويلا. وبدأت تفكر وتشعر مثل أية فتاة في عمرها. فكرت أن تكون زوجة محبوبة مخلصة وحلمت بأن تكون ربة بيت سعيدة. وعاشت بالفعل هذه الحياة في السنة الأولي لزواجها. لكنها سرعان ما أفاقت علي الحقيقة المرعبة!
واكتشفت بكل الذهول... أنها تزوجت الشيطان!
*** كانت قد خرجت مع زوجها لقضاء سهرة في أحد فنادق القاهرة الكبيرة وجلسا في مطعم الفندق يتناولان طعام العشاء لكنها بعد فترة لاحظت أن رجلا يجلس الي مائدة قريبة يرمقها بنظرات حادة لم تسترح اليها. وكلما نظرت ناحيته كان يبتسم لها ابتسامة مخيفة!
مالت ناحية زوجها وهمست له بأن الرجل الجالس إلي المائدة القريبة يضايقها ويعاكسها!
وتصورت أن زوجها سيهب غاضبا وينطلق الي مائدة الرجل السخيف وينهال عليه بالضرب. تصورت أن الغيرة والحمية والنخوة ستحول زوجها إلي وحش مفترس.
لكنها فوجئت به يستقبل كلماتها ببرود عجيب. * ويقول لها: معلش.. أصلك حلوة قوي.. الرجل معذور! وقبل أن تفيق من ذهولها.
* همس لها زوجها: تيجي نضحك عليه؟! ولم يعطها زوجها فرصة لتسأل أو تعترض. فوجئت به ينظر تجاه الرجل السخيف ويبتسم له فاذا بالرجل يبادله الابتسام والتحية. وفوجئت بزوجها ينهض ويتجه نحو ذئب النساء ويتعرف عليه بل ويدعوه لتناول العشاء معهما علي مائدتهما. وشعرت بالغضب والارتباك. لكنها لم تستطع الكلام. وتحملت نظرات الرجل وسخافاته طوال الليلة. وعندما إنتهت السهرة. وفي طريق عودتها للبيت مع زوجها.
سألته بغضب فور أن ركبت السيارة: ليه عملت كدة؟ ضحك زوجها من قلبه. * وقال لها: إنت بتسألي.. ما خدتيش بالك إن المغفل دفع الفاتورة كلها!
*** لايوجد رجل علي ظهر هذه الأرض يمكنه أن يزعم أنه يعرف كيف تفكر المرأة! إن كلمة واحدة. بل نظرة واحدة. يمكن أن تقلب كيانها وتحولها من الشيء إلي نقيضه! والمؤكد أن ذلك هو الذي حدث مع صاحبتنا بطلة القضية. في هذه الليلة بالتحديد كرهت زوجها. وأصبحت تشعر بالقرف منه. وتمتليء بالاشمئزاز اذا فكر في الاقتراب منها أو التودد إليها! كيف يكون الرجل رجلا.. اذا فكر في استغلال زوجته بهذه الطريقة؟ وبدأت تبتعد عنه. وتنفر منه. وبدأت المشاكل والخلافات تدب بينهما. وكلما خرجت غاضبة من بيت الزوجية وذهبت إلي بيت أهلها. * كان أبوها يعيدها إلي بيت زوجها بعبارة لاتتغير: إسمعي كلام.. رجلك! وشعرت بأنها محاصرة لاتستطيع الفرار. وهداها تفكيرها إلي الوسيلة الوحيدة لتتخلص من ثورتها. قررت أن تنتقم من زوجها نفسه أولا. قررت أن تسمع كلام.. رجلها! لكن الحقيقة.. أنه لم يكن رجلا! فقد بدأ يلعب نفس اللعبة مع الغرباء ليس فقط من أجل فاتورة العشاء. بل أحيانا ليحصل علي الهدايا وغيرها. مقابل أن يتساهل معهم. ويدعوهم إلي الجلوس معه ومع زوجته الشابة الحسناء. وكانت هي قد قررت أن تغيظه! فكانت تبتسم للغرباء. وتتحدث إليهم. وتضحك معهم. كانت تتصور أنها بذلك تضايقه وتشعره بالإذلال. لكنها كانت.. واهمة! لقد إستعذب الشيطان التجارة في زوجته! ومع الأيام حدث لها شيء غريب.. فقد بدأت هي الأخري تشعر بنوع من الراحة وهي تضحك علي الغرباء. وتجعل لعابهم يسيل عليها. وتدفعهم للطمع فيها. فيغدقون عليها وعلي زوجها الهدايا والفلوس. ثم يختفي الإثنان ويتركان الذئب وقد تحول إلي.. فريسة!
*** ولم يستمر هذا الزواج الغريب.. طويلا! إنتهي بالطلاق. لكن الشابة المسكينة كانت قد تحولت إلي جرح كبير لادواء له. كان والدها قد مات فجأة. وترك لها ميراثا يصل إلي حوالي 25 فدانا زراعية. كان يمكن أن توفر لها حياة آمنة مستقرة لكنها فوجئت ببعض أقارب والدها يتدخلون حتي لاتحصل علي ميراثها ونجحوا في ذلك فعلا. فأصبحت في غمضة عين مليونيرة علي
المتهمة داخل سيارة
الورق أصبحت ثرية لكنها لاتملك نقودا لطعام الإفطار! وعاشت فترة حزينة مع والدتها في بيت العائلة.. لكنها سرعان ما خرجت من البيت وفي صدرها رغبة عارمة في الإنتقام من كل الرجال. من الرجل الذي مات بعد أن زوجها للشيطان ومن الشيطان الذي تزوجها ليعرضها في سوق النخاسة. ومن كل الرجال الذين لايفكرون سوي في نهشها وإفتراسها! وتزوجت للمرة الثانية. وكررت مع زوجها الثاني ما حدث مع زوجها الأول! وطلقت. وتزوجت للمرة الثالثة وحدث نفس الشيء. وطلقت وتزوجت للمرة الرابعة. وحدث نفس الشيء، وطلقت وتزوجت من الخامس وحدث نفس الشيء. وأيضا كان مصيرها الطلاق. ولم تحزن.. عندما طلقها زوجها الخامس! كانت قد عرفت طريقها. قررت أنه من اليوم.. لن يستغلها الرجال.. قررت أن تستغلهم هي. أن تكون زعيمة عصابة.. من الرجال! ***
يعرف السياح الذين يأتون إلي مصر من كل أنحاء العالم. أن هذا البلد من أكثر بلاد الدنيا أمانا. السائح في مصر يشعر بالأمان الذي لايشعر به في أي مكان في العالم. السياحة في أوروبا مثلا مغامرة محفوفة بالمخاطر. وفي أمريكا يطلبون من السياح عدم حمل أي نقود بمبالغ كبيرة. يقولون للسائح هناك: إحمل في جيبك 20 دولارا فقط. حتي اذا فوجئت بلص يشهر مطواه في وجهك عند إحدي النواصي ويطلب نقودك لاتقاوم ولاتعترض. ضع يدك في جيبك وإعطه العشرين دولارا لتشتري بها حياتك! مثل هذه الاشياء لا ولن تحدث عندنا أبدا! ورغم ذلك فإن توجيهات اللواء حبيب العدلي وزير الداخلية تركز علي ضرورة تأمين حركة السياحة والسياح خاصة في مواسم الأجازات وتدفق السياح. إيمانا من وزير الداخلية بأهمية السياحة لمستقبل بلادنا وربما لهذا هو يحرص علي اختيار نوعية قيادات شرطة السياحة ورجالها. ولذلك عندما تلقي اللواء سعيد البلتاجي مساعد وزير الداخلية ومدير الادارة العامة لشرطة السياحة والآثار بلاغا من أحد الفنادق الكبري. يقول أن رجل أعمال تركيا كان ينزل بإحدي حجرات الفندق. وأبلغ أنه سمع طرقا علي الباب ونظر من العين السحرية فشاهد فتاة حسناء. وعندما فتح لها الباب فوجيء بها تدخل وخلفها شابان. وأغلقوا باب الحجرة خلفهم. وطلبوا منه أن يعطيهم نقوده. وعندما رفض قاموا بتوثيق يديه بالكرافتات. ثم سرقوا 4 ألاف دولار وساعته الذهبية وولاعة وقلمين من الذهب! ولهذاعندما تلقي مدير شرطة السياحة والآثار هذا البلاغ طلب في الحال اللواء علي السبكي مدير مباحث السياحة والآثار، وأعطاه مهلة 24 ساعة فقط لكشف غموض هذا الحادث الغريب. ولأن اللواء السبكي ضابط مباحث محنك فقد أدرك من اللحظة الأولي أن رجل الأعمال التركي لم يقل الحقيقة. لأنه من المستحيل أن يصعد لصوص إلي حجرة في فندق كبير بهذه الطريقة! وجلس ليضع لفريق ضباطه خطة العمل. كان لابد من البحث عن الحقيقة التي أخفي رجل الأعمال التركي.. نصفها! وإنتشر ضباط مباحث السياحة في كل مكان داخل وخارج الفندق يجمعون المعلومات. ومن اللحظة الأولي عرفوا أن القصة ليست كما رواها السائح التركي. وشهد بعض العاملين في أحد كافتيريات الفندق بأنهم شاهدوه في مساء ليلة الحادث جالسا مع فتاة حسناء وشابين! ورفض الرجل.. الإعتراف بهذه المعلومة! لكن ضباط المباحث كانوا يجمعون أجزاء القصة من نواحي أخري إنتشروا يسألون سائقي التاكسي الذين تعودوا الوقوف حول الفندق وكانوا عندما عرضوا بعض صور المشتبة فيهم. تعرف السائح التركي علي صورة شاب تبين أنه طالب بكلية الحقوق ومسجل كمحتال. وفي نفس الوقت تعرف أحد سائقي التاكسي علي صورة نفس الشاب، وقال لضباط المباحث أنه في ليلة الحادث نقل هذا الشاب وشابا ثانيا وفتاة حسناء من الفندق إلي وسط المدينة! وقبل أن تنتهي مهلة ال 24 ساعة.. كان رجال المباحث قد ألقوا القبض علي الشاب وعلي صديقه الذي تبين أنه طالب في معهد للترجمة. وإعترف الإثنان بإرتكاب الحادث. * وعندما سألهما ضباط المباحث: ومن هي شريكتكما الحسناء؟ تبادل الإثنان النظرات. ثم قال أحدهما: تقصدون.. زعيمتنا؟! ***
إعترف الإثنان بأن صاحبتنا بطلة القضية هي زعيمة العصابة.. وبأنها هي التي كانت تخطط وترسم. ثم تنطلق مع أحدهم إلي الفنادق والمطاعم الكبري. ثم ترمي شباك نظراتها الساحرة نحو الضحية. وتوهمه بأنها تعلقت به. ثم تعطيه موعدا في حجرته. وبمجرد أن تذهب إليه حتي يدق الباب. ثم يدخل شريكها الثاني متظاهرا بالغضب والثورة. وعلي نفس طريقة الفيلم الأبيض والأسود بطولة ليلي مراد ومحمود المليجي. * يصرخ قائلا: ياللهول.. مراتي ومع رجل غريب! ويقع الضحية في حيص بيص.. وإما أن يدفع المطلوب خوفا من الفضيحة فيمر الأمر بسلام. وإما أن يرفض فتنظر صاحبتنا إلي شريكها لينقض علي الضحية ويوثقه بمساعدة الشريك الأول الذي يلحقهما. ثم يسرق الجميع ما خف وزنه وغلا ثمنه. ويختفون في لمح البصر! عندما ذهب رجال مباحث السياحة للقبض عليها.. ما أن شعرت بطرق غريب علي الباب حتي قفزت من النافذة إلي الحقول الواسعة. نفس الحقول التي هي ملكها لكنها ليست تحت يديها وظلت مختبئة بين الزراعات حتي طلع النهار! لم تعد إلي البيت.. إنطلقت نحو بيت إحدي قريباتها في القاهرة. دقت الباب وهي مرهقة عاجزة محطمة. وعندما إنفتح الباب.. فوجئت بما لم تكن تتوقعه! كان رجال مباحث السياحة في انتظارها. وعندما جلست أمام وكيل النيابة لتعترف بكل شيء. ويأمر وكيل النيابة بحبسها مع شريكيها علي ذمة التحقيق. مسحت دموعها قبل أن تركب سيارة الترحيلات إلي سجن النساء. * وهي تهمس: الرجال.. حطموني!