نددت هيئات ومنظمات حقوقية مغربية بالممارسات العنيفة وغير الإنسانية التي تحدث في ضريح "بويا عمر" أشهر أولياء المغرب، والمعروف بـ"تخصصه" في علاج المصابين بداء الصرع وباضطرابات نفسية وعقلية حادة، حيث يتم ربط أياديهم وأرجلهم هناك بالسلاسل وضربهم وتجويعهم بدعوى "طرد الجن" من أجسادهم.
وطالب حقوقيون مغاربة الدولة بإغلاق الضريح من أجل وضع حد لهذه الممارسات التي تعتبر "اعتداء واضحا على حقوق المواطنين ومساسا خطيرا بحقوق الأشخاص"، في حين فسر اختصاصيّ نفسيّ إقبال عائلات المرضى على وضع مرضاهم في الضريح بالرغم مما يحدث بكونه يؤويهم لفترة طويلة، وبالتالي يكفي عائلاتهم عناء تحمل المشاكل التي يتسببون فيها بسبب ميولهم العدوانية ونوبات الصرع الشديد التي تنتابهم.
شجب وتنديد
وأعرب عبد السلام أديب، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع الرباط، في حديث للعربية.نت عن تنديده لما يحدث في ضريح "بويا عمر" من انتهاكات صارخة وخروقات سافرة واستغلال للمرضى الذين يزورون الضريح من أجل "التشافي" عوض الذهاب إلى المستشفيات المختصة لعلاجهم من أمراضهم العصبية والعقلية.
وقال أديب: إن هؤلاء المرضى تذهب بهم عائلاتهم ويتركونهم هناك في الضريح، فيتم ربطهم بسلاسل في أياديهم وأرجلهم بدعوى الحد من خطورتهم وفي نفس الوقت الحصول على العلاج ببركة الولي الراقد في الضريح، معتبرا أن ضربهم وربطهم بالسلاسل اعتداء واضحا على حقوق المواطنين ومساسا خطيرا بحقوق الأشخاص، وبالتالي وجب التدخل لمنع الممارسات التي تقع في هذا الضريح وإغلاقه أيضا.
وعبر الناشط الحقوقي فؤاد بنونة، عضو مسئول في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، عن شجب جمعيته وتنديدها بما يقع في ضريح "بويا عمر" من ممارسات لا إنسانية تبيح الاعتداء على المرضى تحت ذريعة علاجهم من إصاباتهم النفسية والعقلية.
ودعا بنونة في حديثه للعربية.نت الهيئات والمنظمات الحقوقية المغربية للتضامن، وبينها من أجل بلورة موقف موحد وإجراءات عملية للضغط على الدولة والمسئولين لإغلاق الضريح وتسليم المرضى إلى المراكز الاستشفائية المختصة.
حالات وفيات
ومن جانبه، كشف الدكتور خالد الشرقاوي السموني، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، في حديث للعربية.نت عن حدوث حالات وفيات بعض المرضى الذين مكثوا شهورا وسنوات عديدة داخل الضريح بسبب المعاملة السيئة التي يتلقونها بدعوى إخراج الجن الذي يسكن أجسادهم، مضيفا أن مرضى آخرين أصيبوا بعاهات مستديمة من جراء الضرب الذي يُمارس عليهم وآثار السلاسل على أيديهم وأرجلهم.
واستغرب السموني من صمت السلطات وعدم تدخلها ومن استمرار الضريح في استقبال المرضى وأسرهم رغم كل ما حدث من إصابات وعاهات بدنية وعواقب اجتماعية مؤلمة.
وقال السموني: إن بعض المرضى يأتون إلى الضريح وهم يعانون من مرض نفسي بسيط، لكن بسبب مكوثهم فترة طويلة داخل الضريح يستفحل الداء ويتطور إلى مرض نفسي خطير يصعب معه التدخل العلاجي النفسي فيما بعد.
وطالب رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان الدولة بالتدخل العاجل لإغلاق الضريح أو إحداث شرطة متخصصة في هذا المجال تراقب وتقوم بزيارات تفقدية للمكان، وتعطي تعليمات كتابية من طرف السلطات العمومية للمسؤولين عن الضريح الذين يتحملون المسؤولية الأولى في ما يحدث.
نقطة ضعف الأسر
وأكد الاختصاصي النفسي الدكتور عبد المجيد كمي في حديث للعربية.نت على أن الضريح صار ملجأ للمرضى الذين يتسمون بالعدوانية والعنف، مما يفسر تقاطر عائلات هؤلاء المرضى على الضريح وقبولهم بما يحدث لهم من ممارسات من قبيل ربطهم بالسلاسل وضربهم وتجويعهم وتخديرهم أيضا في غرف يتكدس فيها عشرة مرضى في ظروف غير مقبولة بدعوى علاجهم علاجا "روحيا".
وحول رفض بعض عائلات المرضى مطالبات الهيئات الحقوقية إغلاق الضريح، قال كمي: إن الخدمة التي يقدمها الضريح لعائلات المرضى جعلت القائمين عليه يستغلون "نقطة ضعف" هذه الأسر، حيث إن الضريح يؤوي هؤلاء المرضى لفترة طويلة، وبالتالي يكفي عائلاتهم عناء تحمل المشاكل التي يتسببون فيها بسبب نفسياتهم العدوانية أو نوبات الصرع الشديد التي تنتابهم، ويكفيهم وضعهم في الضريح صرف الأموال الكثيرة التي قد يدفعونها لو قرروا معالجة هؤلاء المرضى في مصحات نفسية أو مستشفيات متخصصة على قِلتها بالمغرب