&
&
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أهلا بك يا زائر موضوعي، و اعتذار منك على وقاحة العنوان المتسم بقلة الأدب، ثم أتمنى لك جولة طيبة في ربوع حروفي المتواضعة
أمرنا الله تبارك و تعالى بستر العورات، و غض الأبصار حفاظا على المجتمع من الآفات و الانحلال الأخلاقي
لكنني هاهنا لن أطلب منك ستر عورتك، بل سأطلب منك أن تقف عاريا أمام نفسك،
و لا أعني عري الجسد إنما عري الروح و القلب،
لا أريدك أن تتجرد من ثيابك، لكنني أريدك أن تتجرد من الألقاب، من النسب و الانتماء، أن تنظف واجهة قلبك من المساحيق المعنوية، من المديح الكذاب، و المجاملات المصطنعة ...
تعال و عد معي إلى الزمان الأول، حيث كنت لا تفقه قولا، و لا تدرك أمرا، حين كنت نطفة ثم علقة ثم مضغة لا يتعدى طولك بضع سنتمترات إن لم أبالغ قائلا بضع ملمترات، ثم صرت جنينا ضعيفا، و طفلا مشاغبا جاهلا، لتكبر إذ ذاك و تصير شابا قويا عاقلا ...
تذكر كيف كنت وحيدا، و كيف سترحل من هذا العالم وحيدا، ثم تأمل معي ماهية الحياة، و ماهيتك أنت ...
عظام مكسوة بلحم و شحم، روح غير ملموسة، عقل يفكر أو ربما أخذ إجازة طويلة (إن كنت عربيا فهذي حال معظمنا)، هذا أنت أيها الإنسان، فهل تدرك أن هذا الكون وجد لأجلك، هل سبق و فكرت بتعمق، ثم أدركت أن الأرض تدور لأجلك، و الشمس تشرق لإضاءة حياتك، و القمر لا ينير إلا ليلك ؟؟؟
هل تعلم أن كل ما في هذا العالم من سلام و حرب، من فرح و ألم، من لقاء و فراق، من تكنولوجيا و تطور، من صراعات و تشتت، كل ما وجد على سطح الأرض، كل ما وجد في الكون هو فقط لأجلك ...
إذ أنك حينما ترحل من هذه الحياة، فلن يكون هنالك شيء مهم، و لن يظل لشيء معنى بالنسبة لك، سيتوقف كل شيء، ستتجمد البشرية، فقد رحلت أنت، و ما يدريك ما سيحدث بعد رحيلك أنت يا من تقرأ هاته السطور ...
هل عرفت الآن من أنت؟؟؟ هل أدركت ماهيتك؟؟؟
أرجو ذلك، لكن هذا ليس الهدف، فبعد أن ندرك من نحن، يجب أن نعلم ما نريد، فالحياة ليست بالتفاهة التي نعيشها بها ...
أنت عارٍ الآن أمام نفسك، فمن أنت في مرآة ذاتك؟؟؟ ماذا ترى أمامك؟؟؟ هل أنت مجرد كائن بشري؟؟؟
أم أنك كائن بشري مسلم مبدع خلاق، وجد لعمارة الأرض، للكد و العمل و الإنتاج؟؟؟
هل حياتك مجرد رحلة من رحم إلى لحد؟؟؟ هل تعيش لتموت ؟؟؟
فلتعلم أنني هنا ناصح لك و لنفسي، فقد قابلتها قبل مقابلتك،
و واجهتها قبل مواجهتك، و تأملت حقارتها قبل زيارتك، فأدركت أنها خادم مطيع إن وجهتها و أدبتها خدمتك بما فيه خيرك و خير غيرك، و إن أهملتها أهلكتك و أتباعك ...
اعلم أن الحياة أقصر من أن تهرق لحظاتها في اللعب و اللهو و الذل ...
اعلم أن لديك رسالة يجب أن تؤديها، اعلم أنك صاحب دين ستحاسب على مصيره في قبرك قبل يوم القيامة ...
و اعلم أنك أيها الشاب المستحقر ذاتك، أمل أمة بأكملها، أن بيدك صنع المستقبل، فكن كالزهرة لا تذبل إلا بعد نثر أريجها في الفضاء، و لا يتوقف عبيرها حتى بعد الذبول، و حين تموت تغذي أديم الأرض من عناصرها لتبث حياة جديدة ...
اعمل لتموت تاركا بصمتك، فمن لم يزد على الأرض شيئا كان هو زائدا فوقها ...
و اعلم أن من صنعوا المجد قبلك كانوا رجالا كغيرهم، لكنهم عاشوا لينتجوا لا ليستهلكوا ...
احفر اسمك بحروف من ذهب على صفحة الزمن، و تعلق بالحي الذي لا يموت، فلن يخذلك أبدا ...
عش لله، و كن مع الله، و سر حيث أمرك فهو مولاك و أرحم بك من أبيك و أمك ...
و لا تجعل حياتك راكدة كمستنقع مياه فاسد، يأوي أنواع الحشرات و الأعشاب الضارة ...
عد مرة أخرى و تأمل نفسك، ماذا لديك و ماذا صنعت بسنين رحلت من عمرك دون عودة، تذكر الصبح حين يناديك قائلا: أنا يوم جديد، و على عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود ...
انظر إلى كومة الأكاذيب التي صنعتها لنفسك قصرا من ضباب، ما إن تهب نسائم الحقيقة حتى تتبدد في الفضاء ...
ماذا لديك و أنت تلمح هذه الشاشة غير سيجارة لا تزال تضمها إلى شفتيك المرتعشتين شوقا، و تقبلها بكل ما أوتيت من شغف
ثم تطعنك هي و تزرع في أحشائك بذور السرطان
أولم تمل الخذلان ؟؟؟
عجبا ما بالك أولا تريد أن تستيقظ ؟؟؟ أألفت السبات ؟؟؟
أم أنك من النوع المتواكل على الأولاد، تدرس لتعمل ثم تتزوج و تنجب،
و تكمل رحلة حياتك المملة و تقول سيحقق أبنائي ما عجزت أنا عن تحقيقه لأنني سأوفر لهم ما لم يوفره لي أبواي، و أنت تعلم في قرارة نفسك أنك لن تعاملهم إلا كما عاملك أبواك أو ربما قد تعجز عن تعليمهم كما علماك ...
أظنني تحدثت كثيرا، لذلك سأصمت علني أجد في نفسي رؤيا جديدة ألقاك بها،
و أنا هنا بانتظارك، لا أحتاج ردك فقد رسمت لي طريقا، فادع لي أن أصبر على سلوكها، و أصل إلى نهايتها غانمة، أما إن تكرمت و نثرت بعض حروفك في صفحتي، فلي الشرف أن ألقاك و أستفيد منك و مما ينثره فؤادك، و لك مني جزيل الشكر مقدما ...
ما كتبت إلا حبا ... فليس من يكتب بحبر القلم، كمن يكتب بدماء الفؤاد ...