يقدم مخرج فلسطيني شهادة شخصية في فيلمه الوثائقي (إلى أبي) على مدار 65 دقيقة معظمها باللونين الأبيض والأسود ليعود بجمهوره إلى ذلك الماضي الذي كانت الصورة فيه أجمل.
وقال المخرج عبد السلام شحادة، الذي لم يتمكن من القدوم إلى رام الله للمشاركة في العرض الأول لفيلمه مساء أمس: "في هذا الفيلم افتح ألبومي الشخصي والذي هو ذاكرة شخصية وجماعية منذ فترة الستينات، حيث كان التصوير بالأبيض والأسود فيها الدفيء والجمال". وقال: "إن الفيلم عبارة عن تنهيدة وصراخ داخلي، حاولت أن احكي للناس عن... ذلك الماضي الجميل".
[/SIZE]
القصة من البداية.. الهجرة
ويتحدث شحادة عن الكاميرا القديمة ذات الصندوق الخشبي الكبير وقطعة القماش التي كان يغطي بها المصور رأسه، واصفا إياها "بالمرأة الجميلة ذات الشعر الأسود الطويل والساقين الجميلتين والعينين الساحرتين اللتين تفتحان على كل الناس".
ويقدم الفيلم عرضا لمجموعة من الصور التي كانت منتشرة في تلك الفترة ومنها صور الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر إلى جانب الرئيس العراقي الراحل عبد السلام عارف، إضافةً إلى صور عدد من مطربي تلك المرحلة منهم عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش.
الطفولة.. ذكريات لن تنسى
ويعود شحادة بجمهوره إلى ذكريات الطفولة عبر عرض لقطات لمصور كان يحضر إلى المدرسة لالتقاط الصور للتلاميذ على وقع سرد من المخرج لطبيعة تلك المرحلة التي يستحضر فيها صورا للسكة الحديد التي كانت قبل عام 1967 جزءا من سكة خط الحجاز الذي كان يربط دول المنطقة في تلك الفترة والتي أصبحت أثراً بعد عين.
ويستعرض المخرج في فيلمه إضافة إلى جمال الطبيعة وسحرها قبل أن تمتد إليها أدوات الحرب فتدمر أجزاء كبيرة منها، مراحل من التاريخ الفلسطيني ومنها مرحلة الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 ودخول قوات الأمن الفلسطينية إلى قطاع غزة عام 1994 مع عرض لصور فوتوغرافية وأخرى فيديو لبعض أحداث تلك المرحلة.
ويذكر شحادة الجمهور كيف قدم الناس أغصان الزيتون إلى الجيش الإسرائيلي، ويقول: "أيامها صدقنا السلام... الجنود (الإسرائيليون) ما كانوا مصدقين أو ما بدهم يصدقوا.. وآخر دورية كانت خارجة من غزة قتلت طالب مدرسة".
ويروي الفيلم قصة الطفل علاء الهسي الذي كان يعشق البحر ويحلم أن يكون بحارا كبيرا أكبر من البحر ويقول: "علاء مات وبقيت الصورة وبقي البحر".
[FONT=Traditional Arabic]
الانقسام الفلسطيني حاضر
[SIZE=4]ويشير شحادة في فيلمه برمزية مجردة إلى ما يشهده قطاع غزة من انفصال عن الضفة الغربية بعد الاقتتال الداخلي الذي جرى في يونيو حزيران عام 2006 وانتهى بسيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة من خلال صور لملثمين.
وقال: "التلثيم إشارة إلى البعد والانفصال والانقسام. لم أرد أن اعرض صورا نقلتها نشرات الأخبار. أردت هذه الرمزية لأترك للمشاهد حرية إبداء رأيه فيما جرى".
وأضاف "الصورة تغيرت لم تعد حلوة صارت ملونة لم تعد الناس تخاف على بعض لا يوجد أمان الكل خايف من الكل".
واختار شحادة مقاطع من أغاني فيروز لتكون في فيلمه ومنها (يا طيارة طيري يا ورق وخيطان) و(جايب لي سلام عصفور الجناين).
والفيلم الذي استغرق تصويره عاماً كاملاً وعاد فيه المخرج إلى أرشيف الصور، وإلى إجراء مقابلات مع من بقي حيا من المصورين في فترة الستينات يختتم بلقطة لأطفال على البحر وهم يلعبون بطائراتهم الورقية والتي يرى فيها شحادة "الحلم والأمل".
وقال شحادة أنه يستعد للمشاركة في فيلمه المترجم إلى الانجليزية، في عدد من المهرجانات العربية والدولية للأفلام والوثائقية، ومنها مهرجان الإسماعيلية المصري وآخر في دبي، إضافة إلى مهرجان في اليابان.