قفي ساعة يفديك قولي وقائله
ولا تخذلي من بات والدهر خاذله
أنا عالم بالحزن منذ طفولتي
رفيقي فما أخطيه حين أقابله
وإن له كفاً إذا ما أراحها على جبل
ماقام بالكف كاهله
يقلبني رأساً على عقب بها
كما أمسكت ساق الواليد قوابله
ويحملني كالصقر يحمل صيده
ويعلو به فوق السحاب يقابله
فإن فر من مخلابه طاح هالكاً
وإن ضل في مخلابه فهو آكله
عزائي من الظلام إن مت قبلهم
عموم المنايا مالها من تجامله
إذا أقصد الموت القتيل فإنه
كذلك ما ينجو من الموت قاتله
فنحن ذنوب الموت وهي كثيرة
وهم حسنات الموت حين تسائله
يقوم بها يوم الحساب مدافعاً
يرد بها ذمّامه ويجادله
ولكن قتلاً في بلادٍ كريمة
ستبقيه مفقود الجواب يحاوله
ترى الطفل من تحت الجدار منادياً:
أبي لا تخف والموت يهطل وابله
ووالده رعباً يشير بكفه
وتعجز عن ردّ الرصاص أنامله
على نشرة الأخبار في كل ليلة نرى موتنا
تعلو وتهوي معاوله
لنا ينسج الأكفان في كل ليلة
لخمسين عاماً مات كل مغازله
أرى الموت لا يرضى سوانا فريسة
كأنّا لعمري أهله وقبائله
وقتلى على شطّ العراق كأنهم
نقوش بساط دقّق الرسم غازله
يصلى عليه ثم يوطأ بعدها
ويحرف عنه عينه متناوله
إذا ماأضعنا شامها وعراقها
فتلك من البيت الحرام مداخله
أرى الدهر لا يرضى بنا حلفاءه
ولسنا مطيقيه عدواً نصاوله
فهل ثمّ من جيلٍ سيقبل أو مضى
يبادلنا أعمارنا ونبادله؟