في زحمة الحياة وتسابق الايام، في زمن يُشعل فيهالاحياء المزيد من الشموع للضحايا التي تترامى، وفي وقت يتسارع فيه الانسان لتأميناحتياجاته اليومية والمادية التي اضحى البعض وفقها يبنون علاقاتهم بإخوتهم فيالانسانية ويقيمون فيها بعضهم حسب رصيد كل منهم.. هل بات الحب بحاجة ليذكرنا بوجودهويطل علينا في الرابع عشر من شباط في كل عام ليقول: يا أيها الانسان انظر الى نفسك،لايزال الحب موجودا، ولايزال في قلبك فسحٌ كثيرة للمحبة والتسامح والوفاء والتفاهم. هأنذا في داخلك تزيدني الايام تعتيقا فأزداد توهجا واشراقا من حيث أنا قابع دونحراك في احدى زوايا نفسك ولاتستطيع قوى الدنيا ان تزيحني من اعماقك.
قصة العيد
قصة هذا العيد اصبحتمعروفة.. وهي قصة الكاهن «فالنتاين» الذي أعدمه الامبراطور كلوديوس الثاني في 14شباط 268م. هذا الكاهن الذي كان يدعو للمحبة بين ابناء البشر. أما اللون الاحمر الذي غداعلامة العيد المميزة فيقال انه دليل على الورود التي نبتت مكان مصرع إله الحبوالخصب والجمال أدونيس بعد ان روته دموع حبيبته عشتروت فنبتت شقائق النعمان.
سواء أكنا نؤيد أم نرفض فكرة الاحتفال بعيدالحب، إلا أنه أخذ يستأثر باهتمام الكثير من المجتمعات والشعوب. فيوم الرابع عشر من شباط منكل عام هو العيد العالمي للعشاق. إذ يعتبره ولاسيما الشباب على اختلاف أجناسهموتقاليدهم وعاداتهم عيدهم الخاص فيحتفلون فيه بأروع ما يكون من مشاعرهم الانسانية،يتبادلون الهدايا كدلالة على الحب والاخلاص والسمو. والورود الحمراء التي ترمزللمشاعر الفياضة. فالوردة الحمراء هي الزهر المفضل لدى فينوس ربة الحب عند اليونان.
يدين العشاق في كل انحاءالعالم للكاهن والطبيب الروماني (فالنتينو) الذي عاش في روما في القرن الثالث إبانحكم الامبراطور (كلوديوس الثاني)العنيف الذي أمر بقطع رأسه في 14 شباط عام 269.
تعددت الروايات بالاحتفالبهذا العيد فبعضها أشار الى ان تاريخ مقتل فالنتاين تزامن مع بدء موسم الحب عندالعصافير والاحتفال ببداية فصل الربيع رمز الخصب والتجدد في التقويم الروماني. ورأتاخرى ان والدته كانت تزور قبره لتضع الورود، ومن هنا درجت عادة إهداء الزهور ثماقتصرت على اللون الاحمر فيما بعد.
كيف يحتفل العالم بعيد الحب:
الحب هو أجمل كلمة يمكن انيطلقها الانسان لما يشعر به تجاه الاخر سواء كان حب الانسان لوطنه، العامل لعمله،المعلم لرسالته، الشاعر لقصيدته، الرسام للوحته، الأم لولدها، الفلاح لأرضه، الحبيبلحبيبته وبالعكس، وهو ذاته في كل انحاء العالم انما لكل بلد تقاليده وموروثاته فياساليب التعبير عنه تصل لحدود الصراعات اللافتة احيانا.
تحتفل فرنسا والبرتغالواسبانيا بعيد الحب بتبادل الجواهر والحلي فيضع الشاب أو الفتاة الخاتم في اصبع (البنصر) الذي ينتهي اليه الشريان الخارج من القلب. في الولايات المتحدة يتم تبادلالبطاقات البريدية المزينة بسهم كيوبيد (شفيع المحبين) ابن فينوس الذي يمكنه انيوقع الناس في الغرام بثقب قلب احدهما باحدى سهامه السحرية ويفضل تقديم شيء يدل علىرهافة الحس فيه لمسة شخصية أما في جزر اميركا الجنوبية ودلالة على الوله والعشقفيتبادل العشاق ريش العصافير الملونة والمغردة. الصين تحتفل بهذا العيد باستخدامالحرير حيث يتبادل المحبون مناديل الحرير، في حين يحلو للشابات اليابانيات إهداءالشوكولا الى الشباب الياباني الذي لايعني له العيد الكثير.. الشباب الالمانيعبّرون عن هذا العيد برقتهم فيركزون الاغصان اليانعة والاوراق الملونة على نوافذمحبوباتهم، ويهدي قاطنو المنطقة القطبية الملح، ربما لاستخدامه في إذابة الثلوجوتحويلها الى مياه.. أما في البرازيل فيتم تبادل العطور، وتحتفل روسيا بعيد الحب فيالثامن من شهر آذار بتقديم الورود، لاسيما الحمراء منها.. لغة كل محب.
عيد الحب في زمن الانترنت
مع التطور الهائل والمتسارعلوسائل الاتصال اضحى الشباب يتبادلون بطاقات المعايدة بعيد الحب بإرسال عبارات تليقبتلك المناسبة عبر الهاتف النقال والبطاقات الالكترونية عبر الانترنت والتي تزدانبالقلوب والورود الحمراء.
في عام 2000 انتهك شابمسكون بعبقرية شريرة كلمة (الحب) ومعناها النبيل بإطلاقه فيروس (احبك) المدمروالاسرع انتشارا بالبريد الالكتروني عبر شبكات الانترنت كلفت العالم بلايينالدولارات بعد ان هاجم اجهزة الكومبيوتر الشخصية وغير الشخصية، اضافة لشل حركةالعديد من المؤسسات والشركات في العديد من انحاء العالم ووصل الى عقر دار البرلمانالبريطاني ووزارة الدفاع الاميركية. هذا الكمين المؤذي الذي قام به ذلك الشخص تحتشعار الحب الذي اصبح فيما يبدو وسيلة سهلة لغايات الاشقياء وطموحاتهم غير المشروعةفي الاضرار بمقدرات البشر وانجازاتهم، يفضح في الوقت عينه الى أي مدى يمكن للعقلالبشري ان يكون في خدمة البشرية مثلما يمكن ان يكون في ضررها وايذائها والى أي مدىيمكن ان تسخر التقنية لتقدم العالم أو اصابته بالتخلف.