قد نمر ذات يوم ..
في هذه الدنيا من ثقب إبره ..
نختنق ولا نموت ..
تدق ثائرة بين طرقات تلك المدينة الغابرة أجراس اشتعال وعلى حافة الموت هناك أقفاص من حديد وهنا أقفاص لهيب وما بينهما صرخات محمومة ووجع يدك تماثيل مشنوقة بحبل أسود ينصهر ويتقاطر فوق شفاه الأرض اليابسة
ليبلل حلق العرق الأخضر المدسوس بين جلود الجفاف لم يروه بقدر ما يحرق فيه آخر رفات الأمل وينثر فوقه فتات تلك التماثيل المهترئه ..
في صباح الفاجعة
تماما بين الثامنة والسابعة ..
أو السابعة والثامنة لا يهم لأن الوقت المفزوع قد حدد صبح أعمى يشهق مذعورا ويربك عقارب النور ..
اهتز الكون ضجيجا يهز أركان بيت يفوح دفئ ليشرخ فنجان القهوة العتيق يريق البن وعجاجه العارج لسماء بسكينة الروح .
يمحو بقايا قبلات أم طبعت على جبين ابنها قبل رحيله للمجهول
يعتصر خاصرتها الألم المحموم وتمزق قلبها الرطب المكسو بوبر الخوف من الأقدار لحظات البحث عنه
وتنتزع من أعماقها آخر بقاع الأمان وتردد بصوت شاحب بائس أين فلذة كبدي
تعض على أضراس القهر دهرا ربما أو شهراً لا تعلم
كل ما تعرفه أن الليل يغزل من همومها حلكته
والنهار يقتبس من لهيب فؤادها لظاه
وتتشرنق على شرفات منزلها أماني الانتظار
تكسوها ثياب العلقم ويصفر بؤبؤها المنتكس بجفن يشكو حرقة الانثناء ..
!
!
هذا حالها
تعاف زادها ودمها ينتع من شرايين صمودها
تتلاعب بها الأخيله يمنة ويسره فساعه بحزم بأنها ستراه وأخرى يخور يقينها خلف السراب
في كل غمضة شفق
يفتش حنينها عن رائحة ثيابه بين رفوفه الفوضوية تقبل أكمامها وتبكي وتلوم نفسها كم مرة
صرخت به وضجرت من فوضوية ذاك الفتى الشقي
تحاصرها جيوش التنهدات حين أيقنت بأن تلك الكركبة هي أصلا من كانت ترتب ضحكاتها
وانفعالاتها وغضبها وتحيي عمرها المرتكز على جذع صلب أنكسر برحيله .
!
!
بوهن تغلق الأبواب على طهر الثياب وتتكئ على منضدة الصبر تطعم نتوؤها ملح الدموع
ولسان حالها يلهث بدعاء لحوح لرب عفو تسع رحمته كل شيء
وتعيش رغما عن جبروت الألم وتنصاع لمجريات الحياة تمتثل لربها بصلوات ودعوات ..
بين ركام الورق تعبث أناملي بـ زفرات عديدة ولكن
انتضي قلمي هذه المرة لأشج به حائط تقبع خلفه آلاف صرخات امهات باعوا ألوان الحياة في أيام رمداء لا تمطر إلا حزنا ..
ولا تغري إلا أملا عقيما يسري بأجسادهن وتذوب أناملهن بأحشاء المناديل تضمر أفئدتهن
يأسا وبؤسا يبكينا القدرحين سرق من بين أضلعهن أبنائهن إلى حيث لا يعلمون ..
سيضل ذلك المشهد المكبل بخيوط الصبح الأشهب معلقا على شرفات الحكايات والأيام يصقل في ذكراهن لحظات الموت الفاجر ويجلجل في صدورهن آخر تنهدات البكاء العقيم تحت
ظلال الجدران المتهشمة ..
من عمق ومضة إيمانية ..
شقاء الحياة ..
كنفق مظلم ..
واكل ضيق ..
مخرجا ..
</b>
