ولدعوده ابو تايه في حدود سنة 1885م في شمال الحجاز’ ربما ما بين مرتفعات راس النقب وجبال الطبيق ’وهو من قبيلة الحويطات الحجازية ’. اشتهر بشخصية مميزة مثل الشجاعة والفروسية والحرب. وكان مقاتلا عنيدا وشرسا . هذا الشيء الذي اكسبه زعامة قومه عشيرة التوايهة وقبيلة الحويطات اجمع واخذ لقب "عقيد القوم" اي الرجل الذي عقد جمبع رجال الحويطات بانه كفؤ على القيادة. وهو لم يكن شيخ قبيلة الحويطات بل شيخة الحويطات تكون في عشيرة بن جازي. ويروى انه قد أصيب بالكثير من الجروح والاصابات في حروبه وغزواته.
كانت قبيلة الحويطات في وقته باشد قوتها, الشيء الذي دفع الشريف الحسين بن علي بالاستعانة به وقبيلته في حربه ضد الاتراك العثمانيين التي لم يكن ابو تايه راضيا عنها بعد تولي حزب الاتحاد والترقي الحكومة التركية وسيايتها المعادية لغير الاتراك. وابضا كان بطمح إلى النخلص من الاتراك وان يحكم العرب انفسهم ويكون الخليفة الشريف الحسين بن علي. وبعدانضمامه هو وقبيلته إلى الثوره العربية سنة 1916م ’ كان رأس حربة في قواتها وقائد لقبيلته التي أبلت بلاء حسنا في تلك المعارك ، وأهمها تحرير منطقة العقبه وجنوب بلاد الشام, الشيء الذي قلما يعزى اليهم في كتب التاريخ .
لم يكن راضيا عن نهاية الثورة العربيه التي قطفت ثمارها بريطانيا وفرنسا بعد ان قسما بلاد العرب, بل حتى ان انشاء الدولة الاردنية لم بكن ما يصبو اليه اذ انهت بذلك الثقل القبلي للحويطات في المطنقة, فمثلا, يروي احد المستشرقين انه لم يقدر على المرور من فلسطين الحجاز اللا ومعه كتاب من شيخ الحويطات مما يسمح بذلك ويدل عذا الباسبورت على النفوذ الذي كانت تتمتع به هذه القبيلة في ذلك الوقت. توفي أبو تايه في سنة 1924م وقبر في منطقة راس العبن بعمان
[*].............
[*]
وصفه لورنس بقوله أن الزعيم الحويطات هو عوده الذي لا مثيل له. هو في الخمسين من عمره تقريبا ، ولكن قامته الطويلة لا تزال منتصبة كالرمح. أنه منافر البدن ، قوي ، خفيفة الحركة ، له نشاط الشباب ، أما وجهه الشاحب المتجعد فوجه بدوي خالص البداوة : جبينه عريض واطئه ، وأنف حاد مرتفع اقنى ، وعينان رماديتان ، ، وذقن مدببة وشاربان دقيقان ، هو كريم لا يجارى حتى الحق به كرمه الفقر. وبفضل زعامته صار التوايهه اكفأ قوة محاربة في غرب الجزيرة العربية " ويمضي في وصفه قائلا " يمكن أن تعتبر عوده سريع الغضب شديد المراس. ولكنه مع ذلك صبور ، واسع الصدر ، يتقبل النصح والإرشاد والنقد والتجريح - أو يتجاهلها - بابتسامه ساحرة لا ينضب معينها. ولن تجد شيئا في العالم يمكن أن يزحزحه عن موقف اتخذه لنفسه. وهو يرى الحياة من خلال بطولاتها. ويغني لنفسه بصوت ضخم لا يخلو من العمق والجمال، وعندما يتحدث عن نفسه فأنه يذكرها بضمير المفرد الغائب، وبالرغم من صراحته فأنه متواضع ، طيب القلب ، مستقيم ، أمين ، عاطفي ، بسيط ، يحبه أصدقاؤه رغم ما يكابدون منه "
ويستطرد لورنس في وصفه " أن عوده يشبه (القيصر) من حيث أقامته في منطقة مفتوحة بها حلقه عظيمة من الأعداء .وقد أرسل إلى متصرف الكرك رسالة عنيفة جاء فيها " من عوده ابوتايه إلى متصرف الكرك. بعد السلام ، أنذرك بلزوم مغادرة بلاد العرب قبل نهاية شهر رمضان. البلاد بلادنا ونريد أن يحكمها أهلها. إذا لم تغادر البلاد فأني سأعتبرك عاصيا ، وسأهجم عليك حتى يقضي الله بيننا).
أن عوده افضل رجل في جزيرة العرب يمكن أن يكون إلى جانبك في معركة ، بل أنك تكون مقداما بعيد ألهمه إذا استطعت أن تجاريه طويلا.
أنه فسيفساء ذات رونق كيشوتي ، وعندما يموت فأن العصور الوسطى للصحراء تكون قد بلغت نهايتها".
ونورد فيما يلي ما كتبه لويال توماس تدليلا على كرم عوده ابوتايه " أن 25 رجلا يستطيعون أن يصطفوا دفعه واحدة حول منسف عوده".
وذكر لويال توماس لعوده ذات يوم أن بلاده تخلو من الإبل. فاجابه بأنه يقدم له عشرين ناقه من نياقه العمانيه البيضاء. واضطر لورنس عندئذ إلى استعمال أساليبه البلاغية كلها حتى استطاع أن يقنع عوده باستحالة قبول هذه الهدية.
وشبهه توماس هذا ب"روبن هود المشهور في تاريخ الإنجليز القديم".
وكان عوده ابوتايه جريئا ، ومن دلائل جرأته أن قائد إحدى الطائرات الإنجليزي حمله ذات يوم في طائرته ، ولشد ما كانت دهشته بالغة عندما أخذ عوده يحضه على التصعيد في الجو اكثر فاكثر ، بدلا من أن يبدي تخوفه من تلك التجربة الأولي في حياته.
ويذكر السيد سليمان الموسى بأن محمود كريشان قص عليه القصة التالية عن شجاعة عوده ابوتايه:-
كان عوده مطلوبا للحكومة التركية بتهمة قتل بعض الجنود ، لذلك لم يكن يدخل أية بلدة يوجد فيها قوات أمن. ولكن ذات ليلة أننا فوجئنا بوصوله إلى منزلنا في معان ولم يكن لنا مفر من الاحتفاء به ، ولكن والدي خشي أن يذيع نبأ وجوده في البلدة فحدثه بذلك قائلا أنه يرى أن يغادر البلدة قبل طلوع النهار . وصمت عوده ولم يجب. وفي الصباح حاول والدي أن يستعجله ولكنه أبى أن يغادر الدار قبل أن يتناول طعام الإفطار . وسمعنا بأن وجوده لم يعد سرا وأن قائد الشرطه أرسل اثني عشر شرطيا لالقاء القبض عليه وأنهم يقفون مستعدين خارج الدار في الطريق. وحدثه أبى بذلك فلم يكترث. وبعد أن أكل اقترح عليه والدي أن يخرج من باب آخر بحيث يتجنب الشرطه ، ولكنه أصر على الذهاب في الطريق التي جاء منها. وركب فرسه وسار ونحن نتبعه ، وعندما مر برجال الشرطه طرح عليهم السلام ومضى في سبيله فلم يجروء أحد على التعرض له.
ويبدو أنه لا بد من إيراد العديد من أقوال لورنس لرسم صوره واضحة لشخصية عوده وصفاته ، وذلك يعود لسببين رئيسيين:-
موهبة لورنس في الكتابة وأسلوبه المتين ومقدرته الفائقة على الوصف.
ملازمته لعوده ابوتايه فتره طويلة من الوقت مما أتاح له دراسة عوده في حالات غضبه ورضاه وهدوءه وثورته ، ونجاحه وفشله.
واليك وصفه لعوده في لقائهم الأول في الوجه:
رفع الحجاب ودخل رجل ضخم ذو منكبين عريضين وملامح خشنه ، متحمس ، خطر، هو عوده ابوتايه "
فلم تمر دقائق حتى عرفت كيف المح قوة هذا الرجل وأخلاقه القويمة " " كان عوده يلبس ثيابا بسيطة للغاية ، وعلى عادة أهل الشمال ، هو نسيج ابيض وعمامة حمراء. يزيد عمره على الخمسين . وشعر رأسه اسود ، خفيف الحركة كأبن الثلاثين . له وجه جميل متناسب القسمات ، لولا ندوب من الأحزان لا تمحى مدى الدهر على ولده الأحب أليه (عناد) الذي قتل في معركة ، فبددت المصيبة ألذ أحلام حياته ، وستكون الأجيال المقبلة عاجزة عن ممثل يحمل اسم (ابوتايه) وعظمته. له عينان واسعتان ، ناطقتان بما يكنه جنانه. وعندما يغضب ، في هذه الأحوال يكون عوده أشبة بأسد تهرب من حوله الرجال. فلا قوة في الأرض تحوله عن عقيدته ، ولا يهتم لشعور غيره إذا صمم على أمر ما. ينظر إلى الحياة كأنها اسطوره خرافية ، وأن الحوادث لا بد من حدوثها".
أن كل من يحتك به يصبح بطلا".
لعل فيما ذكرنا من أمثله يكفي لإظهار صفة الشجاعة عند عوده ابوتايه. ولكن خيطا واهيا يفصل بين الشجاعة والتهور . . . فهل كان عوده ابوتايه متهورا؟
لعلنا نجد الجواب الشافي عند لورنس في قوله:-
أن عوده كمحارب كان خبيرا لا يجازف حتى في ثورة جنونه ، بل يدرس الخطط قبل التنفيذ بكل دقه وتأن. ويحسب حساب المحتملات والمفاجآت ويصبر عند العمل صبر الجمال".
ووصف الارشمندريت بولس سلمان بقوله :-
عوده أقوى زعماء الحويطات ، أغناهم ، وأوسعهم ملكا ، وعدد رجاله 7 آلاف والمسلحون 4 آلاف ولهم سطوة ودولة".
ووصفه أمير اللواء محمد علي العجلوني بقوله:-
ابوتايه يجمع إلى بطولته في الحرب - الدهاء وحصافة الرأي ويلم بسائر الاتجاهات العشائرية ، مع صدق في عزيمته واخلاص عروبته".
ويصفه سليمان موسى بقوله :" بالرغم من أنه لم يكن مثقفا يفهم القومية العربية ونظرياتها التي نعرفها اليوم ، ألا أنه كان رجلا شريفا ، مخلصا لقبيلته ، لا يتذبذب ، ولا يبدل مواقفه ولا يتأرجح بين بين
ويصفه محمد علي العجلوني أيضا بقوله :-وعوده ابوتايه اشهر من أن يعرف به. كان رجلا شجاعاً من الدرجة الأولى ، وقد ضحى كثيرا من اجل الثورة العربية ، ورفض عروض الأتراك المغرية للانحياز إليهم".
ويصفه فايز الغصين بقوله:-"عوده ابوتايه كان رجلا بكل ما في كلمة رجولة من معنى. شجاع إلى حد التهور ، مخلص للقضيه العربية عن عقيدة وأيمان.
ويصفه الدكتور عبدالرحمن شهبندر بقوله:- " وقد كان قص علي المجاهدون القصص العجيبة عن أعماله وبطولته ، واجمعوا على أنه اشتهر في قومه بالتوفيق او حسن الطالع حتى قالوا أنه على قلته في المال والرجال ما غزا قط ألا وعاد يتعثر بأثواب الكسب".
وعندما توفي عوده ابوتايه ابنه محمد الشريقي في جريدة (الشرق العربي) بقوله:-" كان شجاعا في القول والعمل ، واسع العينين ، حاد النظر ، وكان نموذجا للبطولة العربية الفطرية ، وكثيرا ما استنكر الغزو ، غير أنه كان يقول : أن عوده لا يذل … أنه زعيم الحويطات وفاتح العقبة ، وصاحب الشهره الواسعة في بادية الشام والعراق".
كانت قبيلة الحويطات في وقته باشد قوتها, الشيء الذي دفع الشريف الحسين بن علي بالاستعانة به وقبيلته في حربه ضد الاتراك العثمانيين التي لم يكن ابو تايه راضيا عنها بعد تولي حزب الاتحاد والترقي الحكومة التركية وسيايتها المعادية لغير الاتراك. وابضا كان بطمح إلى النخلص من الاتراك وان يحكم العرب انفسهم ويكون الخليفة الشريف الحسين بن علي. وبعدانضمامه هو وقبيلته إلى الثوره العربية سنة 1916م ’ كان رأس حربة في قواتها وقائد لقبيلته التي أبلت بلاء حسنا في تلك المعارك ، وأهمها تحرير منطقة العقبه وجنوب بلاد الشام, الشيء الذي قلما يعزى اليهم في كتب التاريخ .
لم يكن راضيا عن نهاية الثورة العربيه التي قطفت ثمارها بريطانيا وفرنسا بعد ان قسما بلاد العرب, بل حتى ان انشاء الدولة الاردنية لم بكن ما يصبو اليه اذ انهت بذلك الثقل القبلي للحويطات في المطنقة, فمثلا, يروي احد المستشرقين انه لم يقدر على المرور من فلسطين الحجاز اللا ومعه كتاب من شيخ الحويطات مما يسمح بذلك ويدل عذا الباسبورت على النفوذ الذي كانت تتمتع به هذه القبيلة في ذلك الوقت. توفي أبو تايه في سنة 1924م وقبر في منطقة راس العبن بعمان
[*].............
[*]
وصفه لورنس بقوله أن الزعيم الحويطات هو عوده الذي لا مثيل له. هو في الخمسين من عمره تقريبا ، ولكن قامته الطويلة لا تزال منتصبة كالرمح. أنه منافر البدن ، قوي ، خفيفة الحركة ، له نشاط الشباب ، أما وجهه الشاحب المتجعد فوجه بدوي خالص البداوة : جبينه عريض واطئه ، وأنف حاد مرتفع اقنى ، وعينان رماديتان ، ، وذقن مدببة وشاربان دقيقان ، هو كريم لا يجارى حتى الحق به كرمه الفقر. وبفضل زعامته صار التوايهه اكفأ قوة محاربة في غرب الجزيرة العربية " ويمضي في وصفه قائلا " يمكن أن تعتبر عوده سريع الغضب شديد المراس. ولكنه مع ذلك صبور ، واسع الصدر ، يتقبل النصح والإرشاد والنقد والتجريح - أو يتجاهلها - بابتسامه ساحرة لا ينضب معينها. ولن تجد شيئا في العالم يمكن أن يزحزحه عن موقف اتخذه لنفسه. وهو يرى الحياة من خلال بطولاتها. ويغني لنفسه بصوت ضخم لا يخلو من العمق والجمال، وعندما يتحدث عن نفسه فأنه يذكرها بضمير المفرد الغائب، وبالرغم من صراحته فأنه متواضع ، طيب القلب ، مستقيم ، أمين ، عاطفي ، بسيط ، يحبه أصدقاؤه رغم ما يكابدون منه "
ويستطرد لورنس في وصفه " أن عوده يشبه (القيصر) من حيث أقامته في منطقة مفتوحة بها حلقه عظيمة من الأعداء .وقد أرسل إلى متصرف الكرك رسالة عنيفة جاء فيها " من عوده ابوتايه إلى متصرف الكرك. بعد السلام ، أنذرك بلزوم مغادرة بلاد العرب قبل نهاية شهر رمضان. البلاد بلادنا ونريد أن يحكمها أهلها. إذا لم تغادر البلاد فأني سأعتبرك عاصيا ، وسأهجم عليك حتى يقضي الله بيننا).
أن عوده افضل رجل في جزيرة العرب يمكن أن يكون إلى جانبك في معركة ، بل أنك تكون مقداما بعيد ألهمه إذا استطعت أن تجاريه طويلا.
أنه فسيفساء ذات رونق كيشوتي ، وعندما يموت فأن العصور الوسطى للصحراء تكون قد بلغت نهايتها".
ونورد فيما يلي ما كتبه لويال توماس تدليلا على كرم عوده ابوتايه " أن 25 رجلا يستطيعون أن يصطفوا دفعه واحدة حول منسف عوده".
وذكر لويال توماس لعوده ذات يوم أن بلاده تخلو من الإبل. فاجابه بأنه يقدم له عشرين ناقه من نياقه العمانيه البيضاء. واضطر لورنس عندئذ إلى استعمال أساليبه البلاغية كلها حتى استطاع أن يقنع عوده باستحالة قبول هذه الهدية.
وشبهه توماس هذا ب"روبن هود المشهور في تاريخ الإنجليز القديم".
وكان عوده ابوتايه جريئا ، ومن دلائل جرأته أن قائد إحدى الطائرات الإنجليزي حمله ذات يوم في طائرته ، ولشد ما كانت دهشته بالغة عندما أخذ عوده يحضه على التصعيد في الجو اكثر فاكثر ، بدلا من أن يبدي تخوفه من تلك التجربة الأولي في حياته.
ويذكر السيد سليمان الموسى بأن محمود كريشان قص عليه القصة التالية عن شجاعة عوده ابوتايه:-
كان عوده مطلوبا للحكومة التركية بتهمة قتل بعض الجنود ، لذلك لم يكن يدخل أية بلدة يوجد فيها قوات أمن. ولكن ذات ليلة أننا فوجئنا بوصوله إلى منزلنا في معان ولم يكن لنا مفر من الاحتفاء به ، ولكن والدي خشي أن يذيع نبأ وجوده في البلدة فحدثه بذلك قائلا أنه يرى أن يغادر البلدة قبل طلوع النهار . وصمت عوده ولم يجب. وفي الصباح حاول والدي أن يستعجله ولكنه أبى أن يغادر الدار قبل أن يتناول طعام الإفطار . وسمعنا بأن وجوده لم يعد سرا وأن قائد الشرطه أرسل اثني عشر شرطيا لالقاء القبض عليه وأنهم يقفون مستعدين خارج الدار في الطريق. وحدثه أبى بذلك فلم يكترث. وبعد أن أكل اقترح عليه والدي أن يخرج من باب آخر بحيث يتجنب الشرطه ، ولكنه أصر على الذهاب في الطريق التي جاء منها. وركب فرسه وسار ونحن نتبعه ، وعندما مر برجال الشرطه طرح عليهم السلام ومضى في سبيله فلم يجروء أحد على التعرض له.
ويبدو أنه لا بد من إيراد العديد من أقوال لورنس لرسم صوره واضحة لشخصية عوده وصفاته ، وذلك يعود لسببين رئيسيين:-
موهبة لورنس في الكتابة وأسلوبه المتين ومقدرته الفائقة على الوصف.
ملازمته لعوده ابوتايه فتره طويلة من الوقت مما أتاح له دراسة عوده في حالات غضبه ورضاه وهدوءه وثورته ، ونجاحه وفشله.
واليك وصفه لعوده في لقائهم الأول في الوجه:
رفع الحجاب ودخل رجل ضخم ذو منكبين عريضين وملامح خشنه ، متحمس ، خطر، هو عوده ابوتايه "
فلم تمر دقائق حتى عرفت كيف المح قوة هذا الرجل وأخلاقه القويمة " " كان عوده يلبس ثيابا بسيطة للغاية ، وعلى عادة أهل الشمال ، هو نسيج ابيض وعمامة حمراء. يزيد عمره على الخمسين . وشعر رأسه اسود ، خفيف الحركة كأبن الثلاثين . له وجه جميل متناسب القسمات ، لولا ندوب من الأحزان لا تمحى مدى الدهر على ولده الأحب أليه (عناد) الذي قتل في معركة ، فبددت المصيبة ألذ أحلام حياته ، وستكون الأجيال المقبلة عاجزة عن ممثل يحمل اسم (ابوتايه) وعظمته. له عينان واسعتان ، ناطقتان بما يكنه جنانه. وعندما يغضب ، في هذه الأحوال يكون عوده أشبة بأسد تهرب من حوله الرجال. فلا قوة في الأرض تحوله عن عقيدته ، ولا يهتم لشعور غيره إذا صمم على أمر ما. ينظر إلى الحياة كأنها اسطوره خرافية ، وأن الحوادث لا بد من حدوثها".
أن كل من يحتك به يصبح بطلا".
لعل فيما ذكرنا من أمثله يكفي لإظهار صفة الشجاعة عند عوده ابوتايه. ولكن خيطا واهيا يفصل بين الشجاعة والتهور . . . فهل كان عوده ابوتايه متهورا؟
لعلنا نجد الجواب الشافي عند لورنس في قوله:-
أن عوده كمحارب كان خبيرا لا يجازف حتى في ثورة جنونه ، بل يدرس الخطط قبل التنفيذ بكل دقه وتأن. ويحسب حساب المحتملات والمفاجآت ويصبر عند العمل صبر الجمال".
ووصف الارشمندريت بولس سلمان بقوله :-
عوده أقوى زعماء الحويطات ، أغناهم ، وأوسعهم ملكا ، وعدد رجاله 7 آلاف والمسلحون 4 آلاف ولهم سطوة ودولة".
ووصفه أمير اللواء محمد علي العجلوني بقوله:-
ابوتايه يجمع إلى بطولته في الحرب - الدهاء وحصافة الرأي ويلم بسائر الاتجاهات العشائرية ، مع صدق في عزيمته واخلاص عروبته".
ويصفه سليمان موسى بقوله :" بالرغم من أنه لم يكن مثقفا يفهم القومية العربية ونظرياتها التي نعرفها اليوم ، ألا أنه كان رجلا شريفا ، مخلصا لقبيلته ، لا يتذبذب ، ولا يبدل مواقفه ولا يتأرجح بين بين
ويصفه محمد علي العجلوني أيضا بقوله :-وعوده ابوتايه اشهر من أن يعرف به. كان رجلا شجاعاً من الدرجة الأولى ، وقد ضحى كثيرا من اجل الثورة العربية ، ورفض عروض الأتراك المغرية للانحياز إليهم".
ويصفه فايز الغصين بقوله:-"عوده ابوتايه كان رجلا بكل ما في كلمة رجولة من معنى. شجاع إلى حد التهور ، مخلص للقضيه العربية عن عقيدة وأيمان.
ويصفه الدكتور عبدالرحمن شهبندر بقوله:- " وقد كان قص علي المجاهدون القصص العجيبة عن أعماله وبطولته ، واجمعوا على أنه اشتهر في قومه بالتوفيق او حسن الطالع حتى قالوا أنه على قلته في المال والرجال ما غزا قط ألا وعاد يتعثر بأثواب الكسب".
وعندما توفي عوده ابوتايه ابنه محمد الشريقي في جريدة (الشرق العربي) بقوله:-" كان شجاعا في القول والعمل ، واسع العينين ، حاد النظر ، وكان نموذجا للبطولة العربية الفطرية ، وكثيرا ما استنكر الغزو ، غير أنه كان يقول : أن عوده لا يذل … أنه زعيم الحويطات وفاتح العقبة ، وصاحب الشهره الواسعة في بادية الشام والعراق".