فى رمضان تسلسل الشياطين. بعض الناس لا يشعرون بفرق في رمضان عن غيره من الشهور. فإقبالهم على المعاصي لم يتغير وكأنما الشيطان ما يزال معهم. هنا نذكر قول الله تعالى:
· (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) (الشمس:7) (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (الشمس:8) (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) (الشمس:9) (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس:10)
فهناك شيطان يوسوس, ونفس أمارة بالسوء تستقبل وتنفذ, ونفس لوامة تقاوم ولا تستسلم. فمن اعتاد أن يرضخ لنفسه الأمارة بالسوء يمر عليه رمضان وكأن شيئا لم يتغير, فالعيب في نفسه. هي التي استجابت للشيطان وأصبحت هي التي تدعوه ألي الشر. أما من يقاوم ولا يستسلم فيمر عليه رمضان وهو في سكينة وراحة, فنفسه اللوامة تطمئن في هذا الشهر ولا تجد أي مقاومة في دفعه إلى الخيرات. لذلك فالمؤمن يجب أن يفرح لقدوم شهر رمضان, لأنها فرصته لكي يعبد الله بدون تدخل من الشيطان. فرصته لكي يقوم نفسه وما فسد فيها نتيجة لتأثير الشيطان عليها طوال الأحد عشر شهرا السابقين. فرصته لكي يقوم بشحن نفسه بالطاقة الكافية لصد هجمات الشيطان في الأحد عشر شهرا القادمين. إذا فهو فائدة للوقت الحالي وإصلاح لما فسد في الماضي ودفع للأذى في المستقبل.
البعض قد يتساءل كيف نفرق بين هوى النفس و وسوسة الشيطان ؟ نقول أن النفس تدعونا إلى الخطأ بدافع الشهوة مدعومة بغرائزنا, فان قاومناها إستسلمت وسكنت. أما الشيطان فيدعونا إلى الخطأ رغبة في الإضرار بنا, مدعوما بكراهيته لنا وحقده علينا ولا يسكن مطلقا.
فمثلا إن كنت نائما في أحد الليالي الباردة وسمعت آذان الفجر, فستدعوك نفسك للبقاء في فراشك الدافئ حتى لا تتعرض للبرد, فإن دافعتها وتوكلت على الله وقمت من فراشك, سكنت واستسلمت. أما الشيطان فسيبدأ معك من حيث بدأت النفس حتى يحرمك ثواب الصلاة بالكامل, فإن دافعته فسيدعوك للصلاة منفردا في المنزل بدلا من الخروج لصلاة الجماعة فى المسجد. فإن دافعته فسيدعوك لتأخير النزول حتى لا تدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام. فإن دافعته فسيدعوك إلى أي عمل آخر يكون ثوابه أقل أو في غير وقته, كأن تقوم بقراءة مسألة فقهية كانت تشغلك منذ فترة حتى تفوتك الصلاة أو على الأقل جزءا منها. وهكذا حتى إذا دخلت المسجد وبدأت في الصلاة ألقى في ذهنك بكل مشاكلك حتى يصرفك عن الخشوع في الصلاة. ولا يتركك إلا بعد أن تخرج من المسجد ويتأكد من أنه قد قام بكل ما يستطيع لحرمانك من أكبر جزء ممكن من ثواب تلك الصلاة. تلك هي مداخل الشيطان مع بنى آدم والتي تبدأ بدفعه إلى الكفر بالله وتقل في قوتها حسب مقاومتنا لها لتنتهي بدفعنا لعمل فاضل ليصرفنا عن عمل آخر أفضل منه. المهم في النهاية أن نأخذ أقل ما يمكن من الثواب أو أكثر ما يمكن من العقاب.
كيف تحارب النفس ..
إن كلمة (نفس) هي كلمة في منتهى الخطورة ، وقد ذكرت في القرآن الكريم في آيات
كثيرة ، يقول الله تبارك وتعالى في سورة (ق(
}ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ماتوسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد{
إن هناك مجموعة من الناس ليست بالقليلة تحارب عدو ضعيف جداً إسمه (الشيطان(
يقول الله تعالى في محكم كتابه {إن كيد الشيطان كان ضعيفا{
والناس هنا تتسائل : نحن نؤمن بالله عز وجل ، ونذكره ، ونقرأ القرآن ، ونصلي ، ونتصدق ، و ..... و.... الخ
وبالرغم من ذلك فما زلنا نقع في المعاصي والذنوب ! ! !
والسبب في ذلك هو أننا تركنا العدو القوى وذهبنا إلى عدو ضعيف ،
إنما العدو الحقيقي هو (النفس) ، نعم ... النفس
احبتي في الله , يقول الله تبارك وتعالى فى سورة (النازعات):
{ وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى{
فما هي هذه النفس؟؟؟
النفس هي القنبلة الموقوتة ، واللغم الموجود في داخل الإنسان.
لو نظرنا إلى الجرائم الفردية المذكورة في القرآن الكريم
لوجدنا أن الشيطان لم يكن السبب الأساسى للجريمة.
ففي جريمة ( قتل قابيل لأخيه هابيل ) يقول الله تبارك وتعالى :
}فطوعت له نفسه قتل أخيه{
وفى جريمة (شروع امرأة العزيز في الزنا) يقول الله تبارك وتعالى :
} وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ {
وفي جريمة (عصيان إبليس(,
هل كان له شيطان يوسوس اليه عندما عصى ربه ؟؟؟
عندما تسأل إنساناً وقع في معصية ما !!! وبعد ذلك ندم وتاب ، ما الذي دعاك لفعل هذا سوف يقول لك : أغواني الشيطان ، وكلامه هذا يؤدي إلى أن كل فعل محرم ورائه شيطان, وكأن نفسه بريئة من كل خطأ.
فمثلما يوسوس لك الشيطان ليغويك ، فإن النفس أيضاً توسوس لك ،
نعم (...إن النفس لأمارة بالسوء)
لذلك فإن مدخل الشيطان على الإنسان هو أن يدعوك الى المعصية وينسيك الثواب والعقاب
ثم يتركك لنفسك لتقع في المحظور
اذا فالشيطان خطر .. ولكن النفس أخطر بكثير ...
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9)
وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)
(سورة الشمس)
منقول بتصرف