حوار مع دمع الشموع
تحترق ... وجدتها ثلاثة تحترق وسط الظلام ...
وترسل شعاعا يخترق ينير جمود الزحام ...
ويشعل فى فؤادى الحزين ضياء امل يذوب من الحنين ...
امل جميل يرتجف ... وشعاع بالغروب يعتكف ...
سمعتها الشموع تناجينى ... كأنها عن الاحزان تود لو تلهينى
واطل من لهيبها بريق يواسينى ...
قالت بصوت خافت خفيف ...
كأنه من الاعماق ، من الوديان هاتف كالحفيف ...
مالك تنظر باسى الينا ... وبافكارك بالليل تناجينا ...
وتعيش هائما مع لهيب امانينا ...
او كأنها تعجبك ماسينا ...
ام انك ثائر من اجل الدمع المتلألئ فى ماقينا ...
ام انها ذكرى الحزن الدفينة فينا ؟
قلت لهم :
نعم لانكم فى احزانكم مثلى تحترقون ...
فى اعماركم بالانين معذبون ...
قالت الشمعة الحمراء :
حقا نحن نحترق من اجلكم وتنسون ...
انكم مثلنا ذات يوم ستذوبون ...
قلت لها :
قد ذبت من قبل ذا اليوم ... حزن فى الروح يكون ...
والفؤاد له يرعى ويصون ...
فقالت الشمعة الصفراء :
انساها احزانك بل اسلاها ...
فجرح الالام على الزمان يهون ...
قلت لها :
كيف يهون ؟ والالم لا يهدأ فى قلبى كالجنون
ويشعل فى عقلى لهيبا كلهيب الظنون
كيف انساها احزانى بنهارى ولها مثل هذه الشجون ؟
كيف اسلاها بليلى وقد سرقت منى نوم الجفون ؟
كيف انساها وقد حفرت قلبى اخدودا بنداء الشجون ؟
قولى لى ياشموعى ... كيف الخير يموت ؟ ... كيف الحب يهون ؟
فقالت الشمعة البيضاء :
ان كان هذا فلما لا تناجى الافراح ؟ ... ولما لاتدانى الامال ؟
وتشرب السعادة نبعا صافيا فيها ؟
قلت لها :
اناجي الامال فى عالمنا وهى لا تجيب
شوقى الى الامانى يملأ انحائى وهى فى سكون ...
فقد طعنتنى الاحزان ...والقتنى فى شجنها كالسجون ...
ماذا تظنون ؟ ماذا للامال اكون ؟ ... شجون ... جنون ...
لماذا تصمتون ؟ لماذا الظلم والفناء ؟ واين الامل والعطاء ؟
فقالت الشمعة الصفراء :
عطاؤك كل هذا لن يضيع ....
لن تدانيه ابدا ثلوج الصقيع ...
ومن عجب قلبك حى ... رغم انك فى الحزن صريع ...
لاتخف ... سيظل الامل فى عالمنا ... فى اعمارنا كالربيع
وفجاه تحشرج صوتها ... فصحت فيها : ماذا حدث ؟
قالت : كفى قد دنت لحظة الرحيل ...
قالتها والدم من فمها يسيل ... وعلى جفونها اشلاء من عبير
صمتت ... ماتت ...
فالتفت الى الشمعة البيضاء وفى عينى تساؤل مذهول
فوجدت لهيبها يعتريه الذبول ...
... ونجم املى فيها يدانى الافول ...
واللهيب يجر ورائه من الدخان ذيول ...
قلت : كيف هى وانت ترحلين ؟
وتتركونى اناجى بالانين ... عذاب الحنين ...
قالت : لابد ان نموت ونذبل ....
فقد عشنا لنشعل فى قلبك اغنية ...
ونحركها فى روحك امنية ...
اطمئن لن تكون نبضات احساسك فانية ...
صرخت ... حاولت ان الملم بقايا الشموع كى تحى ثانية ...
فقالت الشمعة الحمراء الفانية ولهيبها يعتريه الانقاض ...
ويذوب فى الرماد ... الرماد :
أهدا ... كيف تلملم ما بقى بعد ان مات وانتهى ...
فهذا هو المنون يامن انت بحزنك مفتون
ماتت الثلاثة شموع ... تحكى بالاشلاء قصة حزن بين الضلوع
قد ساد الظلام الارجاء ... لن انسى ابدا لحظة الانتهاء ...
فبكيت ادمعها ... فلم تعد تبكى ...
فلملمت قطراتها على رداء الانقاض ... ولم تترك رسالة بالميعاد ...
متى اللقاء ؟ ... عندما اذوب مثلها فى العطاء ؟
من بعدك ياشموعى ... اناجى بالامل نبض العروق ...
وانتظارات الشروق ... حتى اكتب قصة حزنى ... قصة املى ... قصة شوق....
قصة ثلاثة شموع ... حمراء ... بيضاء ... صفراء ...
عاشت وماتت كى تشعلها فى قلبى اغنية ...
وتحركها فى صدرى امنية ...
وتكتبها بدمها فى ليلتىكلمات اسميتها :
حوارمع دمع الشموع