على ذلك الطريق
وقف يتأمل في وجوه الغادين
وفي أمتعة الرائحين
على ذاك الطريق
وقف يرقب من بعيد
وكأنه طفلٌ شريد
لم يعد لديه أهلٌ يواسونه وحدة الطريق العتيد
على ذاك الطريق
تحدرت من عيناه دمعات الألم
والفراق
وزفرات أنَّت من صدره
لتضيف إلى معاناته المزيد و المزيد
طفلٌ صغير
لا ترى على وجهه تعابيراً لما جرى
فهول الصدمة التي ينوء الكبار عن حملها
أحالت قسمات وجهه إلى جبلٍ من جليد
ينظر في صمت
يأكل في صمت
وكأن الصمت عنده لحن النشيد
كلٌ منا يود أن يمد له يد العون
وكلٌ منا لديه رغبةٌ جامحة
في أن يضمه إلى صدره
وكأنه طفله الوحيد
ولكن
و بدون أي سببٍ منطقي
يحجم الجميع منا أن يقوم بذلك
وكأننا لا نجرؤ
وكأنه التزامٌ قوي
وميثاق نقدمه لذلك الطفل
بأن نرعاه
ونحميه
ونشركه مع أبنائنا في يوم عيد
ليبقى معنا الدهر كله
وفيما نحن في خطراتنا
وضعفنا عن حسم هذا التردد بفعلٍ شجاع
ينم عن شجاعتنا في اتخاذ ذلك القرار
إذ بذاك الطفل يتمايل
كورقة ريح الخريف المتهالكة
ويرتخي جفناه
ويزيغ بصره
ثم يجثو على ركبتيه
ويخر على وجهه
بلا حراك
لقد مات
مات الطفل
ونحن ننظر
ماتت البراءة
ونحن ننهامس
مات الطفل
ولم نفعل لأجله شيئاً
بل ولم نكلف نفسنا عناء دفنه في التراب
وكأننا عجزنا عن ذلك
لم لا ؟!!!
فلقد عجزنا من قبل أن نسأله حين رأيناه
من أنت ؟!!!!