لقد تحدث الكثير من الفقهاء والوعاظ عن موضوع الفتاة والهاتف المحمول وبينوا مدى خطورته ، والمشكلات التي قد تحدث جراء استخدامه، والمشكلات التي قد يسببها. ولكني وجدت أن هناك ما هو أخطر من ذلك ، والذي بدأ ينتشر في الآونة الأخيرة ، بسبب الإهمال والغفلة، وهو أمتلاك الأطفال للهواتف النقالة.
فهذه المشكلة من الأمورالتي يستهين بها الكثير من الناس ، ومما زاد من تفاقم الأمر أن الأب أصبح يهدي ابنه هاتفا نقالا أو الأخ لأخيه أو الأم لإبنها معتبرين هذا الفعل بمثابة دافع لهم لبذل المزيد من الجهد والإهتمام في الدراسة.
ما فائدة الهاتف النقال ومن المستفيد منه ولماذا صنع؟
إن فكرة صناعة شيء ما يجب أن تدرس بدقة -من قبل المصنع- من كافة النواحي ومن الأمور التي لابد أن تدرس وتبحث ...هو لمن يصنع هذا المنتج؟! أي من المستهدف بهذا المشروع؟! هل هم الرجال؟ أم النساء؟ أم الشباب؟ أم رجال الأعمال؟
فتقوم الدعايات التلفزيونية وغيرها من الدعايات بكافة وسائلها ، المقروءه والمسموعة أو المرئية ، بإيصال هذا المنتج للمستهدف ، بطريقة جذابة ، وبطريقة الدعايات المعروفة.
ونجد في كثير من الأحيان ، تركيز الدعاية على مواصفات الهاتف ، كالمذكرة مثلا ، أو الكتابة عن طريق اللمس وغيرها من المواصفات والمميزات.
وأقصد من ذكر هذه النقطة أن وسائل الإعلام لا تستهدف الطفل في دعايات الهواتف المتحركة كمستنفع أو مستهلك ، مما يدل على أن الهاتف المحمول لم يصنع أو لم ينتج ليمتلكه الأطفال ، فاستخدامه من قبل الأطفال ، يعد استخداما خاطئاً ..
لماذا يحتاج طفل إلى هاتف نقال؟:
إن لكل مرحلة من مراحل عمر الإنسان خواصها ومتطلباتها وموادها التي تتعلق بها ، وهذا في كل أنحاء العالم، فلمرحلة الطفولة تصرفات وأفعال وطلبات تختلف عن مرحلة البلوع ، وتختلف أيضا عن مرحلة النضج وتختلف تماما عن مرحلة العجز.
فما نعرفه عن الأطفال أنهم يحتاجون أو ينجذبون إلى الألعاب ، من شتى الأنواع ، صغيرة وكبيرة ، وصلبة ولينة ، وخشنة ومرنة ، كما أن الأطفال -وبشكل عام- يحبون الحلويات بشكل كبير، وكثيرا من منتجات الذرة المعروفة
كما أنهم يحبون الملابس التي يوضع عليها صورا لبعض الشخصيات الكرتونية كسوبر مان وباتمان وسابق ولاحق ويحبون كل ما يستخدم من قبل هذه الشخصيات ويهذه الطرق تعمل شركات الدعاية على استقطاب الأطفال.
حتى في مسألة الهدايا ، دائما تجد الإنسان عندما يريد أن يهدي شخصا ما هدية ، ينظر ما هو المناسب لهذا الشخص ولجنسه ولعمرة ، فإهداء شيء ما لشخص ما لا تتناسب مع السن أو المرحلة العمرية التي يكون الشخص فيه ، تعد غباء أو قلت ذوق.
تخيلوا أخوتي الكرام لو أن رجلا أهدى زوجته لعبة صغيرة خاصة بالأطفال ماذا سيكون رد فعلها عليه ، إن كانت المرأة من العاقلات اللآتي درسن في الأمور النفسية ، فلن تحرج الرجل ، بل ستشكره ، ولكن إذا كانت من عامة النساء فأقل شيء يمكن أن تفعله هو أن تضحك في وجهه حد الإختناق!!
وما ذلك إلا لسذاجته وقلت ذوقه في انتقاء الهدايا.
وطفل قد ينجذب إلى أشياء أخرى كالهاتف النقال لتقليد الكبار ، ولكن يجب على الأهل عدم السماح له بامتلاك المنتجات المخصصة للكبار ، فالطفل في هذه المرحلة يفترض به أن يهتم بدراسته وعلمه ، فهل من المعقول أن يكون الهاتف هدية لطفل إذا علمنا أنه لا يحتاج إليه وهو لا يعلم كيفية استخدامه ولماذا جعل؟!!
مضار الهاتف النقال على الطفل:
يكون للهاتف مضاره إذا لم يستخدم من قبل الشخص المستهدف من قبل المنتج . وكما أن الإيجابيات لا تخفى فكذلك السلبيات تكون إذا لم يستخدم في العمل المخصص له ، وبالطريقة الصحيحة . فمضار الهاتف النقال على الطفل تنقسم إلى قسمين:
أولا : مضار عامة :
أ-إيذاء الغير .
حب التحرش بالناس والضحك والمشاكسة من طباع الطفل ، فيمكن أن يستخدم الهاتف لهذا الغرض ، كأن يتصل بالناس ليسبهم أو أن يسبب لهم الإزعاج بشتى أنواعه ، وهذا حاصل في أشياء كثيرة إذا ما استخدمت من قبل الأطفال ، كالإنتر نت وبرنامج البال توك ،
فقد دخلت ذات يوم إلى بعض الغرف الخاصة بذلك وإذا بي أسمع طفلا لا يجاوز العاشرة من العمر وفي غرفة ليست للأطفال بل كانت من الغرف السياسية ، وكان يسب ويشتم بكلام بذيء لابعد الحدود ، والتي قد يتصورها وقد لا يتصورها البعض.
ب-استخدام الهاتف لأغراض الغزل.ربما استخدم الهاتف لمحاولة تقليد ما يشاهده على شاشة العرض المنزلي (التلفزيون) من الأفلام الغرامية والهادمة ومن الحوارات الغزلية التي يقوم بها الممثلون ، مما يحثه على البحث هو الآخر عن عشيقة في هذه المرحلة ،أو يقلدما يشاهده في الأسواق وفي الأماكن العامة من ما يسمى بالترقيم عند التافهين من الشباب. فتخيلوا رحمكم الله منظر طفل يطارد فتاة ليعطيها رقم هاتفه !! هذا هو المضحك المبكي!!ثانيا : مضار خاصة :
أ-تراجع المستوى الدراسي عند الطفل:وهذه الأفعال ووغيرها التي يمكن أن تحضل من جراء استخدام الهاتف ، قد تؤدي مع مرور الأيام إلى إنشغال الطفل عن الأمور التي يتوجب عليه فعلها في مرحلة الدراسة ، من مذاكرة وقراءة وكتابة وتحضير وواجبات إلى آخر ذلك ،
ومع مرور الايام تجد أن هذا الطفل يتراجع في المستوى الدراسي شيء فشيء حتى يفاجأ ولي الأمر حين يأتيه ولده بشهادة مليئة بالطماطم الحمراء. والتي عمل ولي الأمر جاهدا ليتفادى رأيتها في شهادة ولده ، وقد حفزه من قبل للدراسة وقدم له هدية مغلفة صغيرة فيها هاتف نقال!!
ب-استخدام الهاتف في المحرمات:وقد يستخدم الهاتف في شيء من المحرمات ، كتبادل الصور أو الأفلام الخليعة التي أصبح من السهل تداولها بين الهواتف عن طريق التقنية الحديثة المسماة بــ(البلوتوث) حيث يمكن نقل هذه الصورة دون الحاجة إلى شركة الإتصالات التي قد تستطيع التحكم بها.
وهذه التقنية تستخدم الذبذبات المرسلة من هاتف إلى آخر لتنفل الملفات الصوتية وملفات الفيديو وغيرها بسرعة فائقة وبدون أي تكاليف مادية ، بل تنتقل على الهواء مباشرة.
فوصول مثل هذه الصور والأفلام إلى طفل صغير قد تعمل على تدميره تدميرا كاملا. فمن المستفيد من ذلك؟ وقد أخبرني ولدي وهو في الصف الرابع الإبتدائي أن صديقه فلان يوجد لديه هاتف من الهواتف التي تحتوي على آخر التقنيات. فبالله عليكم ، كيف استساغ ولي الأمر فكرة اعطاء ولده هاتفا كهذا وهو في هذه المرحلة من العمر؟!!
الخلاصة :
إن الهاتف النقال صنع لفئة معينة من الناس ولمرحلة معينة من العمر ، ولا يصلح أن يستخدم في غير المرحلة العمرية التي جعل لها الهاتف. كما ينبغي على أولياء الأمور الإهتمام بأطفالهم وعدم السماح لهم باستخدام الهاتف النقال وذلك لخطورته الشديدة على حياتهم وأخلاقهم ،
مع العلم أن الطفل ليس بحاجة لهذا الهاتف لما عليه من واجبات يجب الإهتمام بها أكثر من حيازة مثل هذا الجهاز ....