6ر3 مليون أردني يعيشون تحت خط الفقر أو معرضون للانزلاق تحته.
نتائج آلية التعويض عن رفع الدعم تكشف زيادة في أعداد الفقراء
البناء على مخرجات الآلية ممكن لتطوير قاعدة واقعية حول الفقر في الأردن.
جمانة غنيمات.
كشفت آلية التعويض التي وضعتها وزارة المالية لتعويض المواطنين عن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية أن عدد الفقراء في المملكة تضاعف مقارنة بالأرقام التي تعتمدها المؤسسات المعنية بقضية الفقر.
واستحق التعويض نحو 6ر3 مليون نسمة من خلال أرباب أسرهم الذين حصلوا الدعم وعددهم حوالي 858 ألف رب أسرة التعويض ويتوزع 6ر3 مليون نسمة على 7ر1 مليون نسمة من اسر العاملين والمتقاعدين ومنتفو صندوق المعونة الوطنية بالإضافة إلى 9ر1 مليون نسمة من اسر العاملين في القطاع الخاص وغير العاملين ومتقاعدي الضمان الاجتماعي دخل الفرد السنوي منهم في أحسن الأحوال لا يتجاوز 84 دينار شهريا.
وتؤكد الأرقام التي خلصت لها آلية من حيث عدد المستحقين للتعويض أن عدد من يعيشون تحت خط الفقر والمقدر محليا وفقا للمعايير المعمول بها بحوالي 34 دينار شهريا للفرد ارتفع ليصل حاليا نحو 807 ألف فرد دخلهم الشهري اقل 3ر33 دينار شهريا حيث يقدر عدد الفقراء في الأردن بحسب أرقام2002 حوالي 733 ألف.
والتوصل لهذه النتائج ممكن من خلال تقسيم المبلغ الذي حصلت عليه الشريحتين الأولى (متوسط دخل الفرد لا يتجاوز 400 دينار سنويا) والمقدر ب حوالي 17.7 مليون دينار(56% من إجمالي الدعم) على 25 دينار حصة الفرد الواحد قيمة الدعم ليتضح أن عدد من يعيش على اقل من 400 دينار سنويا بلغ 807 ألف.
وبتقسيم المبلغ المحدد الشريحة الثانية (متوسط دخل الفرد يزيد عن 400 دينار ولا يتجاوز 800 دينار سنويا) والبالغ11.3 مليون دينار ما نسبته 36% من إجمالي الدعم على 15 دينار قيمة تعويض الفرد الواحد يتبين أن 753 نسمة يعيشون ضمن هذه الفئة و يبلغ متوسط دخلهم 600 دينار للفرد سنويا /50 دينار شهريا للفرد.
أما الفئة الثالثة التي حصلت على التعويض ودخل الفرد الشهري فيها يتراوح ما بين 66 إلى 83 دينار شهريا من غير المنطقي اعتبارها فئة غير فقيرة كونها معرضة للانزلاق تحت خط الفقر نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار.
والجهد الذي قدم لتطبيق الآلية على مدى اشهر ينبغي أن لا يهمل, بل أن يبنى عليه في تحديد قاعدة بيانات حديثة وواقعية حول الفقر وأعداد الفقراء التي تغيرت ونمت كثيرا خلال السنوات الأربع الماضية بشكل ينسجم مع الرؤيا الملكية وبرنامج الحكومة الهادفة إلى محاربة الفقر والبطالة.
التفاوت الكبير بين النتائج التي خلصت لها الآلية والأرقام المعتمدة لغاية الآن يعيد خلط الأوراق مرة أخرى ويضع علامة استفهام حول البيانات التي تعتمدها الحكومات في معالجة الفقر ونجاعتها في محاربة الظاهرة مما يدعو إلى تجديدها لتحقيق نتائج ملموسة في هذا المضمار .
يذكر أن معدل الفقر انخفض من 3و21% إلى 2و14 % غلى الرغم من ارتفاع قيمة خط الفقر المطلق من 366 دينار للفرد سنويا إلى 394 دينار بين عامي 1997 و2002 .
وووفقا للأرقام الرسمية المعمول بها حاليا تراجع عدد الفقراء كرقم مطلق من 943الفا إلى 733 ألف حيث خرج من دائرة الفقر 42 ألف سنويا وخلالا ذات الفترة تراجعت شدة الفقر (التفاوت بين الفقراء) من 2%لتصل 1و1% إلا أن النتائج التي تسوقها آلية التعويض تفوقها بكثير.
وتتميز الآلية التي وضعتها وزارة المالية بأنها تطبق للمرة الأولى في المملكة والدول المجاورة وأنها كانت خلاصة فكري محلي سعى لتقديم الدعم للفئات التي تستحق لضمان عدالة التوزيع.
وتمكن النتائج التي توصلت لها الآلية من وضع تصور واقعي حول الفقر في الأردن خصوصا وان الأرقام التي تبنى عليها السياسات حاليا لم تعد معبرة عن واقع الحال بحسب النتائج الجديدة.
الشريحتان الأولى والثانية اللتان استحقتا معظم حجم الدعم هما الأفقر إلا أن النهوض بهاتين الفئتين يلزمه اهتمام اكبر يتجاوز الدعم النقدي إلى جهد جماعي من القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني يصب في تنشيط علية التنمية ويركز على إيجاد تنمية اقتصادية تطال المجتمع الأردني بجميع أطيافه ,لا تحقيق نمو اقتصادي تقتصر على قطاعات وفئات محددة.
فتخلف البيانات وقدمها يؤدي إلى ضياع الجهود المبذولة وعدم الوصول للفقراء الحقيقيين بل اقتصار التركيز على أولئك الذين يشعرون في الفقر.
وتجديد المعلومات وتدفقها وانتقالها وتبادلها أمر في غاية الأهمية,ويساهم في إزالة معيقات ومشاكل ويحول دون الوقوع في أخطاء جديدة أو تكرار أخرى قديمة تقلل من اثر السياسات الهادفة إلى التخفيف من حجم الظاهرة في الأردن.
فرغم الاهتمام الذي تلقاه ظاهرتي الفقر والبطالة إلا أن النتائج المتحققة لحصر حجم هاتين الظاهرتين بقيت دون مستوى الطموح وظلت قضيتا "الفقر والبطالة" تتقدمان اولويات الأردنيين بعيدا عن الشعور بتحقيق نتائج ايجابية في هذا المجال.
وعقّد الاختلاف المسالة من حيث عدم الحصول على التغذية الراجعة أو النتائج الحقيقة للسياسات التي امتدت لسنوات دون أن يلحظ الفقراء تغييرا في مستوى حياتهم.
عدم تلمس نتائج سياسات مكافحة الفقر نتج عن التباين الكبير في الإحصاءات والبيانات حول الفقراء إلا أن تطوير آلية التعويض التي اعتمدتها وزارة المالية سيساهم في وضع قاعدة بيانات اقرب للواقع.
تحديث قاعدة البيانات مهم لقياس حجم المشاريع والأنشطة الموجهة للفقراء حسب احتياجاتهم لتسليحهم بالقوة والمعرفة بالأنشطة التنموية المدرة للدخل وتطوير مفاهيم العمل التعاوني إلى جانب تشجيع المبادرات الخاصة بالقطاع الخاص.
يؤشر أعداد الحاصلين على التعويض خصوصا من الشريحة الأولى إلى اتساع حجم مشكلة الفقر الأمر الذي يلزمه التوقف قليلا والتمعن بالنتائج في سبيل البدء بعمل حقيقي وواقعي لمكافحة الظاهرة
لا يمكن الإنكار أن الحكومة ضاعفت المبالغ المخصصة لمحاربة الفقر من خلال زيادة أموال صندوق المعونة الوطنية من 13 مليون دينار في التسعينيات إلى حوالي 64 مليون دينار العام الحالي ويبلغ عدد المنتفعين من الصندوق حوالي 77 ألف منتفع .
لكن المهم أن "توسيع مظلة المعونة لن يحل مشكلة الفقر بل يسكنها دون تقديم حلول حقيقة" ,فوضع سياسات شاملة لمحاربة الظاهرة بات حاجة ملحة لتقدم إسهاماتها في تقليص عدد الفقراء بدلا من زيادتهم عاما بعد عام.