تقع مأدبا إلى الجنوب من مدينة عمان على بعد 33 كيلومتراً منها وترتفع حوالي 774 متراً ولفظ مأدبا آرامي (سرياني) وتتمتع مدينة مادبا بخصب تربتها وعلى الرغم مما اكتشف فيها من آثار إلا أن الكثير الكثير لا زال مدفوناً في جوفها . ويرجع تاريخ هذه المدينة إلى العصر الحديدي الأول (1200-1160) قبل الميلاد والذي يدل عليه اكتشاف قبر على مقربة من التل يعود تاريخه إلى ذلك العصر. وفي القرن الثاني عشر قبل الميلاد كانت مأدبا مدينة موآبية إلى أن استولى عليها الأموريون وأحرقوها. ثم حكم مأدبا في القرن التاسع قبل الميلاد ملك اسمه ميشع والذي جعل ذيبان عاصمة له فطرد الغزاة ورمم المدن .
وتسللت قبائل الأنباط البدوية تبحث عن مراع لماشيتها واستقرت في مأدبا وقامت ببناء وتعمير المدينة واحترفت التجارة وكونت مملكة وجعلت البتراء عاصمة لها. وعندما خضعت المنطقة لحكم قادة اسكندر الكبير كانت سوريا تنعم بالحضارة اليونانية وتأثرت البلاد المجاورة بتلك الحضارة وظهرت "المدن العشر"
وهزم الملك الحارث الثالث (67-62 قبل الميلاد) الرومان وأخرجوهم من مملكة الآنباط وفي عدادها مادبا لكن الحروب عادت واشتعلت بين الآنباط وهيرودتس الذي احتل مادبا وأو لم يدم احتلاله لها طويلاً وانتهى بتحالف الأنباط والرومان لكن المصالح الرومانية أبت إلا أن تدفعهم لنقض العهد فعادوا واحتلوها (98-117 قبل الميلاد) وحول بلاد الأنباط سنة 106 إلى ولاية أسماها "ولاية بلاد العرب الرومانية" فأقام القلاع للمحافظة على الأمن وأمر بشق طريق من بصرى الشام القاعدة الرومانية ثم جرش وعمان وخريبة السوق واليادودة وحسبان ومادبا وذيبان ثم الموجب. وهكذا أصبحت مادبا بحكم موقعها مدينة رومانية تنعم بالحضارة الرومانية.
أقام الرومان القلعة (الأكروبوليس) فوق تل يشرف على المدينة (دير اللاتين). كان طول القلعة 150 متراً وعرضها مائة متر ويعلو القلعة الأبراج للمراقبة والحماية. وأحاط بالمدينة سور بني على انقاض الأسوار المؤابية وكان للسور عدة أبواب وبوابته الرئيسة في الجهة الشرقية وعلى بوابته برجان. وعلى يمين البوابة تمتد الساحة وتتجه نحو الباب الشمالي الغربي في طريق ترتفع الأعمدة على جنباتها. وحفرت في المدينة الآبار وحفر الرومان فيها بركة يبلغ طولها 122 متراً وعرضها 95 متراً وعلى جنبها درج يصل إلى قعرها وحولت هذه البركة إلى بستان بعد أن غمرت بالتراب. وتصور الفسيفساء الرمانية التي عثر عليها مشاهد تلك الحقبة من الزمن منها مشهد الراقصة ومشهد أخيل الذي تتحدث عنه الإليادة اليونانية .
وتدل المكتشفات أنه على الرغم من خضوع المدينة لحكم الرومان إلا أن سكانها كانوا عرباً أنباطاً. فقد اكتشفت قبوراً عليها أسماء عربية وتعود لعهد الحارث الرابع (9 40 قبل الميلاد) أي في السنة الثالثة لتأسيس مقاطعة بلاد العرب ووجد قبر آخر يحمل اسم عربي هو "عبد الله بن أنعم" (83-30 قبل الميلاد).
وحققت مادبا ازدهاراً عظيماً في ظل حكم الرومان إذ توفر لها الأمن ولأنها بحكم موقعها على الطريق الرئيس التجاري الروماني الممتد من بصرى الشام إلى البحر الأحمر . وسكت نقوداً خاصة بها يحمل قسم منها اسم مادبا واسم الامبراطور سبتيموس سيفييروس (193-211 قبل الميلاد) وأخرى تحمل اسم مادبا مع الهتها عشتروت.
وانتشرت الديانة المسيحية في مادبا في العصر البيزنطي الذي تلى العصر الروماني. فقط سنة 395 ميلادية أصبحت مادبا إحدى مدن المقاطعة الثالثة في عهد ثيودوسيس الفلسطينية وانتشرت المسيحية عندما اعتنقها أحد الزعماء العرب من قبائل الضجاعمة وتأصلت فيها أيام الغساسنة سنة 292 ميلادية . ووصلت مادبا إلى قمة ازدهارها الاقتصادي زمن الامبراطور يوستنيانس وزوجته ثيودورا (527- 548 ميلادي) إذ بنيت الكنائس التي تزينها الفسيفساء الرائعة.
وعاد الحكم العربي ليبسط نفوذه على مادبا عندما التقت الجيوش الرومية بتلك العربية عند أم الرصاص التي تقع إلى الشرق من ذيبان وهزم الروم في مؤته إلا أن معركة اليرموك (636 ميلادي) شهدت هزيمة هرقل وجيشة واستعاد العرب مدينة مادبا. وازدهرت مادبا في عهد الأمويين فبنيت كنيسة للعذراء وزينوها بالفسيفساء . وفي عهد عمر بن عبد العزيز (717-720) شنت حرب عنيفة على الصور الحية فالحق دمار كبير بالأعمال الفنية في القصور والكنائس ولكن مادبا احتفظت على الرغم من هذا بازدهارها العمراني والفني. وبدأت الهزات الأرضية بتدمير المدينة فضربها أول زلزال في القرن الثامن من عام 746 ولكنه لم يدمر المدينة وتلاحقت الهزات الأرضية في القرن الحادي عشر واستمرت أربعين يوماً متتالية مما حوُل المدينة إلى أطلال بعد أن هجرها سكانها.
وهكذا .. غرقت مادبا في سبات عميق وخلدت حضارتها المحفوظة في جوف الأرض والتاريخ إلى نوم عميق قروناً طويلة ولم تستيقظ إلا عندما أمرت السلطات العثمانية باقتطاعها للمهاجرين من الكرك الذين أعادوا إليها الحياة فبرزت ثانية .
ولعل أكثر ما يبين درجات الحضارة التي شهدتها هذه المدينة الخالدة عدد الكنائس المزينة بالفسيفساء الرائعة التي خلفها لنا البيزنطيون وتعد أهم الكنائس التي عثر عليها وتعود إلى ذلك العصر من أبرز آثار المدينة وعددها عشرة كنائس وتحوي في داخلها أثمن وأروع اللوحات الفسيفسائية في العالم والتي أهمها خريطة مادبا الشهيرة والتي لا نعلم تحديداً التاريخ الدقيق لها. ويعتقد العلماء انها تعود الى حوالي عام 565 ميلادي وتشمل الخريطة الأماكن الواقعة بين بيليوس (جبيل) ودمشق شمالاً إلى ثيبة في مصر جنوباً ومن البحر الأبيض غرباً إلى عمان والبتراء شرقاً. وتحتل مدينة القدس مركز الخريطة ويقع الشرق في القسم العلوي من الخريطة والغرب في القسم الأسفل منها كما كانت عادة رسم الخرائط في تلك الفترة. وتذكر الخريطة مدناً وقرى مثل أريحا نابلس اللد يافا أشدود عسقلان بيت جبرين غزه وغيرها وتصور الحيوانات والنباتات والسمك في نهر النيل والنخيل في أريحا وأسداً يطارد غزالا في سهل مؤاب.
السياغة
ويعني اسمها الصومعة أو محبس الرهبان أو الدير أو وكر الطائر وهو جبل مرتفع بات موقعاً منذ قديم الزمن للعبادة والتنسك وقد عثر فيه على ثلاث كنائس هامة والكثير من اللوحات الفسيفسائية التي تروي تاريخ المنطقة بدقة وجمال لا يعادله جمال .
الدير
كان صومعاً للرهبان ولم يعثر فيه إلا على كنيسة صغيرة وعلى طابونين لصنع الخبز وعلى صومعة للناسك المصري وعلى بئر ماء وكانت فيه مضافة لاستقبال السياح وعثر على أقداح وكؤوس كثيرة التي تدل على كثرة زوار هذا المكان المقدس.
نبو
شهدت هذه المدينة حضارة عظيمة وازدهاراً وتقع على الطريق المؤدية إلى السياغة يساراً وتبعد عن عمان واحد وأربعين كيلومتراً ونبا هو اله التجارة عند البابليين. وتذكر مسلة ملك مؤاب "ميشع" مدينة نبو والحروب التي دارت على ذلك الجبل . لكن هذه الفمدينة أهملت منذ ذلك التاريخ ولم تعد إليها الحياة إلا في القرن الرابع عندما وصلتها قبيلة بدوية مسيحية بنت فيها كنيسة وعادت المدينة وازدهرت في القرن السادس .
ومما لا شك فيه أن اللوحات الفسيفسائية التي عثر عليها في مادبا تصور لنا صور عن الحياة الاجتماعية في هذه المنطقة بأسلوب فني رفيع خالد على مدى العصور والأزمنة.
مكاور
هو جبل يقع الى الجنوب الغربي من مادبا حوالي 32 كيلومترا بعيداً عنها ويرتفع 730 متراً عن سطح البحر و125ر1 متراً عن سطح البحر الميت. ويعود تاريخه لسنة 57 قبل الميلاد وقد حدث في قلعته مأساة قطع رأس يوحنا المعمدان كما يرويها لنا الانجيل المقدس (متى 15:3-11) فيقول:
"ان هيرودس قد امسك يوحنا وأوثقه وأبقاه في السجن من أجل هيروديا امرأة اخيه. لأن يوحنا كان يقول له: لا يحل لك أن تكون لك. وكان يريد قتله، فخاف من الجمع لأن يوحنا كان يعدَ عندهم نبياً. فلما كان عيد مولد هيرودس، رقصت ابنة هيروديا في الوسط، فاعجبت هيرودس، ولذلك وعدها بقسم أنه يعطيها كل ما تطلبه. فتلقنت من أمها ثم قالت، اعطني ههنا رأس يوحنا المعمدان في طبق. بحزن الملك، ولكن من أجل اليمين والمتكئين معه، أمر أن تعطاه. وأرسل فقطع رأس يوحنا في السجن. وأتى بالرأس في طبق، ودفع إلى الصبية فجاءت به إلى امها".
ولم يلبث ا لرومان أن دمروا أسوار الحصن وتحصيناته وأبراجه وأهمل الموقع الرومان ونسيه التاريخ حتى عام 1807. وقد عثر على آثار القلعة عام 1987 على قمة جبل المشنقة ووجدت الأسوار وعليها الأبراج وفي داخلها الآبار والقصر الملكي والحمامات مع الأقنية لتبريد المياه وعلى بقايا المدينة التي بناها هيرودس. وتعود هذه الآثار بمجموعها إلى العصر الشمعوني (90 قبل الميلاد-58 قبل الميلاد) والى العصر الهيرودوسي (30 قبل الميلاد 72 ميلادي).
وتسللت قبائل الأنباط البدوية تبحث عن مراع لماشيتها واستقرت في مأدبا وقامت ببناء وتعمير المدينة واحترفت التجارة وكونت مملكة وجعلت البتراء عاصمة لها. وعندما خضعت المنطقة لحكم قادة اسكندر الكبير كانت سوريا تنعم بالحضارة اليونانية وتأثرت البلاد المجاورة بتلك الحضارة وظهرت "المدن العشر"
وهزم الملك الحارث الثالث (67-62 قبل الميلاد) الرومان وأخرجوهم من مملكة الآنباط وفي عدادها مادبا لكن الحروب عادت واشتعلت بين الآنباط وهيرودتس الذي احتل مادبا وأو لم يدم احتلاله لها طويلاً وانتهى بتحالف الأنباط والرومان لكن المصالح الرومانية أبت إلا أن تدفعهم لنقض العهد فعادوا واحتلوها (98-117 قبل الميلاد) وحول بلاد الأنباط سنة 106 إلى ولاية أسماها "ولاية بلاد العرب الرومانية" فأقام القلاع للمحافظة على الأمن وأمر بشق طريق من بصرى الشام القاعدة الرومانية ثم جرش وعمان وخريبة السوق واليادودة وحسبان ومادبا وذيبان ثم الموجب. وهكذا أصبحت مادبا بحكم موقعها مدينة رومانية تنعم بالحضارة الرومانية.
أقام الرومان القلعة (الأكروبوليس) فوق تل يشرف على المدينة (دير اللاتين). كان طول القلعة 150 متراً وعرضها مائة متر ويعلو القلعة الأبراج للمراقبة والحماية. وأحاط بالمدينة سور بني على انقاض الأسوار المؤابية وكان للسور عدة أبواب وبوابته الرئيسة في الجهة الشرقية وعلى بوابته برجان. وعلى يمين البوابة تمتد الساحة وتتجه نحو الباب الشمالي الغربي في طريق ترتفع الأعمدة على جنباتها. وحفرت في المدينة الآبار وحفر الرومان فيها بركة يبلغ طولها 122 متراً وعرضها 95 متراً وعلى جنبها درج يصل إلى قعرها وحولت هذه البركة إلى بستان بعد أن غمرت بالتراب. وتصور الفسيفساء الرمانية التي عثر عليها مشاهد تلك الحقبة من الزمن منها مشهد الراقصة ومشهد أخيل الذي تتحدث عنه الإليادة اليونانية .
وتدل المكتشفات أنه على الرغم من خضوع المدينة لحكم الرومان إلا أن سكانها كانوا عرباً أنباطاً. فقد اكتشفت قبوراً عليها أسماء عربية وتعود لعهد الحارث الرابع (9 40 قبل الميلاد) أي في السنة الثالثة لتأسيس مقاطعة بلاد العرب ووجد قبر آخر يحمل اسم عربي هو "عبد الله بن أنعم" (83-30 قبل الميلاد).
وحققت مادبا ازدهاراً عظيماً في ظل حكم الرومان إذ توفر لها الأمن ولأنها بحكم موقعها على الطريق الرئيس التجاري الروماني الممتد من بصرى الشام إلى البحر الأحمر . وسكت نقوداً خاصة بها يحمل قسم منها اسم مادبا واسم الامبراطور سبتيموس سيفييروس (193-211 قبل الميلاد) وأخرى تحمل اسم مادبا مع الهتها عشتروت.
وانتشرت الديانة المسيحية في مادبا في العصر البيزنطي الذي تلى العصر الروماني. فقط سنة 395 ميلادية أصبحت مادبا إحدى مدن المقاطعة الثالثة في عهد ثيودوسيس الفلسطينية وانتشرت المسيحية عندما اعتنقها أحد الزعماء العرب من قبائل الضجاعمة وتأصلت فيها أيام الغساسنة سنة 292 ميلادية . ووصلت مادبا إلى قمة ازدهارها الاقتصادي زمن الامبراطور يوستنيانس وزوجته ثيودورا (527- 548 ميلادي) إذ بنيت الكنائس التي تزينها الفسيفساء الرائعة.
وعاد الحكم العربي ليبسط نفوذه على مادبا عندما التقت الجيوش الرومية بتلك العربية عند أم الرصاص التي تقع إلى الشرق من ذيبان وهزم الروم في مؤته إلا أن معركة اليرموك (636 ميلادي) شهدت هزيمة هرقل وجيشة واستعاد العرب مدينة مادبا. وازدهرت مادبا في عهد الأمويين فبنيت كنيسة للعذراء وزينوها بالفسيفساء . وفي عهد عمر بن عبد العزيز (717-720) شنت حرب عنيفة على الصور الحية فالحق دمار كبير بالأعمال الفنية في القصور والكنائس ولكن مادبا احتفظت على الرغم من هذا بازدهارها العمراني والفني. وبدأت الهزات الأرضية بتدمير المدينة فضربها أول زلزال في القرن الثامن من عام 746 ولكنه لم يدمر المدينة وتلاحقت الهزات الأرضية في القرن الحادي عشر واستمرت أربعين يوماً متتالية مما حوُل المدينة إلى أطلال بعد أن هجرها سكانها.
وهكذا .. غرقت مادبا في سبات عميق وخلدت حضارتها المحفوظة في جوف الأرض والتاريخ إلى نوم عميق قروناً طويلة ولم تستيقظ إلا عندما أمرت السلطات العثمانية باقتطاعها للمهاجرين من الكرك الذين أعادوا إليها الحياة فبرزت ثانية .
ولعل أكثر ما يبين درجات الحضارة التي شهدتها هذه المدينة الخالدة عدد الكنائس المزينة بالفسيفساء الرائعة التي خلفها لنا البيزنطيون وتعد أهم الكنائس التي عثر عليها وتعود إلى ذلك العصر من أبرز آثار المدينة وعددها عشرة كنائس وتحوي في داخلها أثمن وأروع اللوحات الفسيفسائية في العالم والتي أهمها خريطة مادبا الشهيرة والتي لا نعلم تحديداً التاريخ الدقيق لها. ويعتقد العلماء انها تعود الى حوالي عام 565 ميلادي وتشمل الخريطة الأماكن الواقعة بين بيليوس (جبيل) ودمشق شمالاً إلى ثيبة في مصر جنوباً ومن البحر الأبيض غرباً إلى عمان والبتراء شرقاً. وتحتل مدينة القدس مركز الخريطة ويقع الشرق في القسم العلوي من الخريطة والغرب في القسم الأسفل منها كما كانت عادة رسم الخرائط في تلك الفترة. وتذكر الخريطة مدناً وقرى مثل أريحا نابلس اللد يافا أشدود عسقلان بيت جبرين غزه وغيرها وتصور الحيوانات والنباتات والسمك في نهر النيل والنخيل في أريحا وأسداً يطارد غزالا في سهل مؤاب.
السياغة
ويعني اسمها الصومعة أو محبس الرهبان أو الدير أو وكر الطائر وهو جبل مرتفع بات موقعاً منذ قديم الزمن للعبادة والتنسك وقد عثر فيه على ثلاث كنائس هامة والكثير من اللوحات الفسيفسائية التي تروي تاريخ المنطقة بدقة وجمال لا يعادله جمال .
الدير
كان صومعاً للرهبان ولم يعثر فيه إلا على كنيسة صغيرة وعلى طابونين لصنع الخبز وعلى صومعة للناسك المصري وعلى بئر ماء وكانت فيه مضافة لاستقبال السياح وعثر على أقداح وكؤوس كثيرة التي تدل على كثرة زوار هذا المكان المقدس.
نبو
شهدت هذه المدينة حضارة عظيمة وازدهاراً وتقع على الطريق المؤدية إلى السياغة يساراً وتبعد عن عمان واحد وأربعين كيلومتراً ونبا هو اله التجارة عند البابليين. وتذكر مسلة ملك مؤاب "ميشع" مدينة نبو والحروب التي دارت على ذلك الجبل . لكن هذه الفمدينة أهملت منذ ذلك التاريخ ولم تعد إليها الحياة إلا في القرن الرابع عندما وصلتها قبيلة بدوية مسيحية بنت فيها كنيسة وعادت المدينة وازدهرت في القرن السادس .
ومما لا شك فيه أن اللوحات الفسيفسائية التي عثر عليها في مادبا تصور لنا صور عن الحياة الاجتماعية في هذه المنطقة بأسلوب فني رفيع خالد على مدى العصور والأزمنة.
مكاور
هو جبل يقع الى الجنوب الغربي من مادبا حوالي 32 كيلومترا بعيداً عنها ويرتفع 730 متراً عن سطح البحر و125ر1 متراً عن سطح البحر الميت. ويعود تاريخه لسنة 57 قبل الميلاد وقد حدث في قلعته مأساة قطع رأس يوحنا المعمدان كما يرويها لنا الانجيل المقدس (متى 15:3-11) فيقول:
"ان هيرودس قد امسك يوحنا وأوثقه وأبقاه في السجن من أجل هيروديا امرأة اخيه. لأن يوحنا كان يقول له: لا يحل لك أن تكون لك. وكان يريد قتله، فخاف من الجمع لأن يوحنا كان يعدَ عندهم نبياً. فلما كان عيد مولد هيرودس، رقصت ابنة هيروديا في الوسط، فاعجبت هيرودس، ولذلك وعدها بقسم أنه يعطيها كل ما تطلبه. فتلقنت من أمها ثم قالت، اعطني ههنا رأس يوحنا المعمدان في طبق. بحزن الملك، ولكن من أجل اليمين والمتكئين معه، أمر أن تعطاه. وأرسل فقطع رأس يوحنا في السجن. وأتى بالرأس في طبق، ودفع إلى الصبية فجاءت به إلى امها".
ولم يلبث ا لرومان أن دمروا أسوار الحصن وتحصيناته وأبراجه وأهمل الموقع الرومان ونسيه التاريخ حتى عام 1807. وقد عثر على آثار القلعة عام 1987 على قمة جبل المشنقة ووجدت الأسوار وعليها الأبراج وفي داخلها الآبار والقصر الملكي والحمامات مع الأقنية لتبريد المياه وعلى بقايا المدينة التي بناها هيرودس. وتعود هذه الآثار بمجموعها إلى العصر الشمعوني (90 قبل الميلاد-58 قبل الميلاد) والى العصر الهيرودوسي (30 قبل الميلاد 72 ميلادي).