بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نريد بيان وحكم على هذا الموضوع الذي انتشر في المنتديات الإسلامية والعربية بشكل غير متصور .. وبارك الله فيكم
الجواب:
أما طلوع الشمس من مغربها فقد أخبر به من لا يَنطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم ، وهذا حق لا مِرية فيه .
غير أن الذي لا يُمكن أن يُجزَم فيه متى يكون ذلك ، لأن طلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة الكبرى التي إذا رآها الناس آمنوا ، إلا أنه لا ينفعهم إيمانهم ، لأنه صار إيمان بشيء مُشاهَد لا بشيء غيبي .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا رآها الناس آمن من عليها ، فذاك حين ( لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ) . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون .
مع العلم أن طلوع الشمس من مغربها هو أول العلامات الكُبرى المتتابِعة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى ، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبا . رواه مسلم .
فهذا يدلّ على أنها أول الآيات الكُبرى ، والتي إذا خَرَجتْ أُغْلِق باب التوبة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ثلاث إذا خَرَجْنَ ( لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ) : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض . رواه مسلم .
وطلوع الشمس من مغربها يَسْبِقُه ظهور المهدي ، ونزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ، وخروج الدَّجَّال ، وقَتْله على يد عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ، وكذلك خروج يأجوج ومأجوج .
فقد روى الإمام مسلم من حديث عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال : اطّلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر ، فقال : ما تذاكرون ؟ قالوا : نذكر الساعة . قال : إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات : الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف ، خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخِر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم . رواه مسلم .
والغريب اهتمام الناس بهذا الأمر الذي لن يكون فجأة ، بل قبْلَه علامات وإرهاصات ، وتركهم لما يكون فجأة ، ولما يُشاهدونه في كل حِين ؛ ألا وهو الـمـوت .
واهتمام الناس بهذا مع كون بعثته عليه الصلاة والسلام مُقارِبة للساعة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : بعثت أنا والساعة كهاتين . رواه البخاري .
كما أن وفاته صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : اعدد سِتا بين يدي الساعة : موتي ، ثم فتح بيت المقدس ، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ، ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ، ثم فتنة لا يَبقى بيت من العرب إلاّ دخلته ، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية أثنا عشر ألفا . رواه البخاري .
ألسنا نُشاهد الأموات في كل حِين ؟
ألسنا نُشهد الأرقام والإحصائيات عن الأموات وهم بالآلاف في بعض الدول نتيجة الحوادث ؟
و :
من لم يَمُت بالسيف مات بِغيرِه *** تعدَّدت الأسباب والموت واحد
فالناس يهتمون بمثل هذه الأخبار ، وقد لا يُدركها كثير ممن اهتمّ بها ، والموت مُدرِكه لا محالة .
فأول لهم أن يهتمّوا بما هو مُدرِكهم حقيقة ، وبالأمر الذي لا مَفَرّ لهم منه ، وهو الموت الْمُحتَّم .
ثم إن الإنسان قد يُؤجِّل التوبة ، ثم يُحال بينه وبينها .
قال تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) .
فالذي يتخوّف من قُرب طلوع الشمس مِن مغربها ثم يُحال بينه وبين التوبة ، يجب أن يَتخوّف من أن يُحال بينه وبين التوبة .
فإن التوبة قد تُـتَاح للإنسان ، فإذا أعرض عنها حِيل بينه وبينها .
ولذلك قال غير واحد من المفسِّرين في قوله تعالى : ( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ) : هي التوبة .
أي حِيلَ بينهم وبين التوبة ، كما هو اختيار ابن جرير في تفسيره .
فَحَريّ بالعاقل اللبيب أن يُبادِر إلى التوبة النصوح ، قبل أن يَفجأه الموت ، أو يُحال بينه وبينها .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم