باتت الدرما التركية المدبلجة باللهجة الشامية تتصدر أولويات المشاهدة وأصبح أبطالها نجوما مفضلين لدى عدد كبير من السوريين، وذلك مع استمرار عرض المسلسلين "سنوات الضياع" و"نور" اللذين يحظيا بنسب مشاهدة عالية في العالم العربي بحسب الكثير من التقارير الإعلامية.
وذكّرت المتابعة الواسعة لمسلسل "نور" الكثير من المشاهدين والمعلقين في الصحف السورية بأول مسلسل مكسيكي "كساندرا" عرضه التلفزيون السوري أواسط تسعينيات القرن الماضي, وشكل آنذاك حالة هوس في الشارع السوري الذي كاد يخلو من المارة في وقت عرض المسلسل.
ولم تصل متابعة المسلسل التركي حد خلو الشوارع, لكنها بالمقابل صارت الحديث الشاغل لمعظم مشاهدي الشاشة الصغيرة. وهو الأمر الذي عكسه الانتشار الكبير لصور أبطال المسلسل, نور ومهند, في أماكن بيع صور نجوم الفن والرياضة في الشوارع العامة, وانتشار انتاج القمصان القطنية التي تحمل صورهم.
ويقول حسين, وهو احد بائعي الملصقات بجوار مبنى جامعة دمشق, إنه يبيع "اكثر من 500 صورة في اليوم لأبطال مسلسل نور", ويضيف ضاحكا "كل الصبايا يشترين صور مهند ويشترطن أن يكون وحيدا في الصورة وليس بصحبة نور فهي ضرتهم".
كما صارت المقدمة الموسيقية للمسلسل نغمة الخليوي المفضلة لدى الكثيرين. وقام المغني السوري الشاب شادي اسود بتسجيل أغنية هي عبارة عن ترجمة لمقدمة المسلسل التركي الآخر (سنوات الضياع) وبدورها صارت هذه الاغنية نغمة خليوي واسعة الانتشار بعد أن بثتها الاذاعات السورية بكثافة.
ولا تزال عمليات دبلجة مسلسل "نور" جارية في الشركة المنفذة, كما يوضح المشرف التقني فيها وليم عنيني, إذ جرى الاتفاق في ظل الإنتاج الكثيف لأعمال الدبلجة على تسليم كل عشرين حلقة منجزة على حدة, وفي شكل متتابع.
وسيصل عدد حلقات مسلسل نور الى "اكثر من 150 حلقة تلفزيونية". وفي المونتاج "جرى اقتطاع المشاهد الحميمة لتتناسب مع المجتمع السوري", كما تقوم القناة باقتطاع مشاهد أخرى كثيرة "لا تجدها مناسبة" بحسب عنيني الذي يؤكد أن اختيار اللهجة الشامية للدبلجة جاء "بعد دراسة وإنتاج حلقة تجريبية عرضناها على مختصين مختلفين".
من جهته، يشير المعد التلفزيوني سامي خويص الذي اعد العملين التركيين الى اللهجة الشامية بعد ترجمتهما إلى أن عملية الاعداد "تجنبت الترجمة والنقل الحرفيين"، ويتابع "حاولت نقل العمل التركي إلينا, كنت امينا للنص ولكن في نفس الوقت قمت بمقاربة لمجتمعنا, فعربت الامثال والنكات, لأن المواقف تتغير وما يضحك الاتراك ربما لا يضحكنا".
ويلفت خويص الى ان اللهجة الشامية "اعطت احتمالا اوسع وخيارات جديدة للممثلين المدبلجين, اذ انها لا تلزم بقواعد صرف ونحو صارمة وتحتمل صياغات كثيرة"، ويشير إلى أن دبلجة الأعمال الأجنبية باللغة الفصحى "لا يحقق الانسجام بين الصورة التي تنتمي إلى بيئات مختلفة تماما عن بيئة الكلام".
ويعطي خويص الفضل للهجة العامية في الانتشار الواسع للأعمال المدبلجة "خصوصا أن الدراما السورية نشرت اللهجة العامية في جميع البلدان العربية" على حد تعبيره, ويشير أيضا إلى أن الأعمال التركية "تتمتع بقوة في الحبكة وزخم في الأحداث لذلك لا يوجد فيها إطالة كما الأعمال المكسيكية مثلا".
وإلى جانب دور اللهجة العامية, يضيف الممثل السوري علي كريم, الذي يحضر صوته في دوبلاج العملين المعروضين حاليا, أن "الاتراك يشبهوننا, من الناحية الدينية والثقافية, وفي علاقاتهم على صعيد الحداثة وكذلك الحكايات".
ويشير كريم أيضا إلى أن الأعمال التركية تقدم "عالما جميلا ومدنا جميلة لا يعرفها الناس هنا، وهناك أيضا وجوه جميلة لممثلين جدد احبهم الناس".
ويضيف كريم أن "نسبة كبيرة من النساء تشاهد مسلسل نور من أجل مهند, كما ان هناك علاقات إنسانية واجتماعية يتفاعل معها الناس سواء أكانت تركية أم فرنسية".
ولا تخفي ايناس وهي طالبة جامعية انها تتابع مسلسل نور "لاشاهد مهند, فهو شاب جميل وعلاقة الحب بينه وبين نور مثيرة".
وتضيف هذه الشابة ان "معظم صديقاتي يتابعن المسلسل لنفس السبب, بينما يتابع اصدقائي الشباب اكثر مسلسل سنوات الضياع ليشاهدوا لميس" وهي بطلة العمل, وتضيف "بعض اصدقائي يتابعون العمل على القنوات التركية ليتابعوا المشاهد التي تقتطعها القناة العربية" موضحة ان هناك "احداث عديدة لا نفهم كيف حصلت بسبب المشاهد المقتطعة".
لكن اختها رنا تقاطعها, لتقول ان الدبلجة باللهجة الشامية "ليست ناجحة", لكن في المقابل "يحتوي المسلسل على مناظر خلابة للطبيعة والبناء وكذلك الازياء الحديثة", وترى ايضا ان وجود تقاليد متشابهة بين المجتمعين التركي والسوري "وخصوصا ممانعة كبير العائلة لنمط العلاقات المعاصر جعلت الكثير من الآباء والامهات يحبون العمل أيضا".