1- رائحة دمه .. كالمسك
:
(والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله - والله أعلم بمن يكلم في سبيله - إلا جاء يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك) . مسلم وأحمد
يكلم : يجرح
سبحان الله لقد رأينا هذا من كثير من الشهداء ، رائحة دمائهم كالمسك ، مثل يحيى سنيور - جدة - وهشام الديلمي - اليمن - ، عبد الواحد البغماني ، وقد كانت في جيبي رسالة عليها نقاط من دم عبد الواحد ، وبقيت شهرين ورائحتها كالمسك .
2- أحب القطرات إلى الله :
(ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين أو أثرتين ، قطرة دمعة من خشية الله ، وقطرة دم تهراق في سبيل الله ، وأما الأثران فأثر في سبيل الله ، وأثر في فريضة من فرائض الله) .
حديث حسن رواه الترمذي
خشية : خوف . أثر في سبيل الله : الأثر الذي من الجهاد لأن المتبادر من كلمة في سبيل الله هو الجهاد كما قال ابن حجر في فتح الباري .
وكلمة الجهاد إذا أطلقت كما يقول ابن رشد وكلمة الجهاد إذا أطلقت إنما تعني قتال الكفار بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) .
3- الشهيد يحب أن يرجع إلى الدنيا :
(ما من عبد يموت له عند الله خير لا يسره أن يرجع إلى الدنيا ، وإن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى) .
وفي لفظ :
(فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة)
البخاري ومسلم
اختلف في سبب تسميته شهيدا ، فقال الأزهري : لأن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم شهدا له بالجنة ، وقال النضر بن شميل : الشهيد الحي فسموا بذلك لأنهم أحياء عند ربهم ، وقيل لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيقبضون روحه ، وقيل : لأنه ممن يشهد على الأمم ، وقيل : لأنه شهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله ، وقيل : لأن دمه يشهد له يوم القيامة ، وقيل : لأن روحه تشهد دار السلام وروح غيره لا تشهدها إلا يوم القيامة .
4- حارثة في الفردوس الأعلى :
(قال صلى الله عليه وسلم لأم حارثة بنت النعمان ، وقد قتل ابنها معه يوم بدر فسألته : أين هو؟ قال : (إنه في الفردوس الأعلى) .
البخاري
وفي الحديث الآخر الذي رواه البخاري :
(إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم الله فسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة - أراه قال - وفوقه عرش الرحمن ، ومنه من الفردوس الأعلى تفجر أنهار الجنة) .
5- أرواحهم في حواصل طيور خضر :
(إن أرواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم إطلاعة فقال : هل تشتهون شيئا؟ فقالوا : أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ، ففعل بهم ذلك ثلاث مرات ، فلما رأوا أنه لن يتركوا من أن يسألوا قالوا : يا رب ، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا) .
مسلم
قال القاضي : فيه أن الأرواح باقية لا تفنى ، فينعم المحسن ، ويعذب المسيء ، وقد جاء به القرآن ، والآثار ، وهو مذهب أهل السنة ، فأرواح الشهداء في حواصل طيور خضر ، وأما غيرهم فإنما يعرض مقعده بالغداة والعشي كما جاء في حديث ابن عمر وكما قال في آل فرعون :
النار يعرضون عليها غدوا وعشيا
وقيل : بل المراد وجميع المؤمنين الذين يدخلون الجنة بغير حساب فيدخلون الجنة الآن بدليل عموم الأحاديث ، وقيل : بل أرواح المؤمنين على أفنية قبورهم ، وقيل : إن المتنعم جزء من الجسد تبقى فيه الروح .
6- خصال الشهيد :
(إن للشهيد عند الله خصالا - سبع خصال - ; أن يغفر له من أول دفعة دمه ، ويرى مقعده من الجنة ، ويحلى حلية الإيمان ، ويزوج من الحور العين ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين ، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه)
حديث صحيح أحمد والترمذي وابن حبان
يجار : يحمى وينقذ
خصال : صفات ، والمراد هنا صفات طيبة أي فضائل .
7- شهداء أحد :
(لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طيور خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب ، فقال الله : أنا ابلغهم عنكم ، فأنزل الله على رسوله هذه الآيات :
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل لله أمواتا
أحمد وأبو داوود وصححه الحاكم ووافقه الذهبي
نكل : نكص وجبن
قال : نام الظهيرة ، والمقيل : مكان الاستراحة
الشهداء أحياء :
وقد رأينا بعض الآيات البينات التي تدل حسا أن الشهداء أحياء ،
حدثني عمر حنيف ، قال : فتحت بيدي اثني عشر قبرا للشهداء فما وجدت شهيدا واحدا تغير جسده ، ورأيت بعضهم قد نبتت لحاهم ، وطالت أظافرهم في القبور .
وقصة الدكتور بابرك الذي استشهد في الأورغون وجاءوا به إلى بابي ، بيشاور ، وعندما عاد أولاده من المدرسة ووقفوا عند رأسه بكي وسالت دموعه على وجهه .
8 - الشهداء على بارق نهر :
(الشهداء على بارق - نهر بباب الجنة - في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا) .
أحمد وابن حبان ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي
بارق : اسم نهر بباب الجنة
بكرة وعشيا : صباح مساء
يعني تعرض أرازقهم على أرواحهم فيصل إليهم الروح والفرح كما تعرض النار على آل فرعون غدوا وعشيا فيصل إليهم الوجع .
قال القرطبي في الجامع : لعل هؤلاء هم الشهداء الذين عليهم دين وكان معهم وفاء ولم يوفوه .
9- الشهادة خير من المدن والقرى :
(لأن أقتل في سبيل الله أحب إلي من أن يكون لي أهل المدر والوبر) .
أحمد .. رجاله ثقات وسنده قوي
أهل المدر : المدن والقرى . المدرة : اللبنة
الوبر : أهل البوادي .
10 - الشهيد لا يحس بالألم :
(ما يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة) .
أحمد والترمذي والنسائي وسنده حسن
وفي رواية صحيحة :
(الشهيد لا يجد مس القتل إلا كما يجد أحدكم القرصة يقرصها) .
القرصة : أن يقبض بإبهامه وسبابته على جزء من جسمه قبضا شديدا مؤلما .
رأينا هذا مع خالد الكردي من المدينة المنورة عندما انفجر اللغم به ، طارت قدمه وانبقرت بطنه واندلقت أقتابه - أمعاؤه - وجرح جروحا بسيطة في ظهر يده ، فجاء الدكتور صالح الليبي وبدأ يلم أقتابه ويعيدها إلى بطنه ، وبكى الدكتور صالح ، فقال له خالد الكردي : لماذا تبكي يا دكتور هي جروح بسيطة في ظهر يدي ، وبقي يحدثهم ساعتين ولقي الله ، ولم يشعر أن قدمه قد قطعت ، وبطنه مفتوحة) .
11- منازل الشهداء :
(أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصف الأول ، فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة ، ويضحك إليهم ربك ، وإذا ضحك ربك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه)
أحمد بسند صحيح (1118 - صحيح الجامع)
يتلبطون : يتمرغون
12- القتلى ثلاثة :
(القتلى ثلاثة : رجل مؤمن جاهد بماله ونفسه في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى قتل فذاك الشهيد الممتحن في خيمة الله تحت عرشه ، لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة ، ورجل فرق على نفسه من الذنوب والخطايا جاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى لقي العدو فقاتل حتى قتل ، فتلك ممصمصة محت ذنوبه وخطاياه إن السيف محاء الخطايا ، وأدخل من أي أبواب الجنة شاء فإن لها ثمانية أبواب ، ولجهنم سبعة أبواب وبعضها أفضل من بعض ، ورجل منافق جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتل في سبيل الله حتى قتل فإن ذلك في النار إن السيف لا يمحوا النفاق) .
أحمد وسنده حسن وصححه ابن حبان
ممصمصة : مطهرة ومغسلة
فرق : خاف
فأين المجاهدون الذين يريدون غسل ذنوبهم بالسيوف؟ .
13- أي القتل أفضل؟ :
(أي القتل أفضل؟ قال : من أهريق دمه وعقر جواده في سبيل الله) .
أحمد وأبو داوود ، ورجاله ثقات
أهريق دمه : سال دمه ثم استعمل للقتل عقر : أصل العقر قطع قوائمه بالسيف .
وهذا أفضل القتل : لأن المجاهد قد جاهد بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء .
14- سيد الشهداء :
(سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) .
حديث حسن رواه الحاكم والضياء
جائر : ظالم
وهذا يدل على منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام .. وإنكار المنكر والظلم في المجتمع واجب ، ولو في وجه الحاكم المسلم ، إذا كان ظالما أو فاسقا ، أما الحاكم الكافر فلا يجوز السكوت عليه بحال ، ولا يجوز ولايته ، والخروج عليه فرض من قبل الأمة جميعا .
15 - (إن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمار الجنة) .
صحيح رواه الترمذي عن كعب بن مالك وهو في صحيح الجامع برقم ( 1555) .
في طير خضر : أي في حواصل طير خضر
تعلق : تأكل .
16 - (ادفنوا القتلى في مصارعهم)
صحيح رواه الأربعة عن جابر وهو في صحيح الجامع برقم (247)
مصارعهم : مقاتلهم
وكم كلفت مخالفة هذه السنة من أرواح ، فكان الأخ الأفغاني يستشهد ويصر المجاهدون على تخليص جثته من أرض المعركة فيقتل عدد منهم .
قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد .
(قال جابر : بينما أنا في النظارة إذ جاءت عمتي بأبي وخالي عادلتهما على ناضح (جمل) فدخلت بهما المدينة لتدفنهما في مقابرنا ، وجاء رجل ينادي : ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت ، فرجعنا فدفناهما في القتلى حيث قتلا . فبينما أنا في خلافة معاوية بن ابي سفيان إذ جاءني رجل فقال : يا جابر والله لقد أثار أباك عمال معاوية فبدا (ظهر) فخرج طائفة (جزء) منه ، قال : فأتيته فوجدته على النحو الذي تركته لم يتغير منه شيء ، قال : فواريته ، فصارت سنة الشهداء أن يدفنوا في مصارعهم) .
خرجه أحمد بسند صحيح .
17 - (خمس من قبض في شيء منهن فهو شهيد : المقتول في سبيل الله شهيد ، والغريق في سبيل الله شهيد ، والمبطون في سبيل الله شهيد ، والمطعون في سبيل الله شهيد ، والنفساء في سبيل الله شهيدة) .
صحيح رواه النسائي عن عقبة بن نافع وهو في صحيح الجامع برقم (3249) .
المبطون : من مات بداء البطن
المطعون : من مات بالطاعون
النفساء : التي تلد
وكلمة في سبيل الله : إذا اطلقت فالمتبادر منها كما يقول ابن حجر في فتح الباري هو : الجهاد .
18 - (من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه) .
صحيح رواه مسلم والأربعة عن سهل بن حنيف وهو في صحيح الجامع برقم (6152) .
ولكن الصدق في طلب الشهادة هو إعداد العدة :
ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة .
أما أن تمر عشر سنوات على الجهاد في أفغانستان ، والطريق آمنة ، والحدود مفتوحة ، ولا يصل بيشاور ، فهذا نرجوا الله أن يغفر له ، إن كان يظن أنه صادق في طلب الشهادة ، ألم تر إلى ذلك الأعرابي الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : اتبعتك على أن أضرب هاهنا - حلقه - فأدخل الجنة فأصيب الأعرابي حيث أشار فقال صلى الله عليه وسلم : (صدق الله فصدقه) .
19 - (من صرع عن دابته فهو شهيد) .
صحيح/ الطبراني عن عقبة بن نافع وهو في صحيح الجامع برقم (6212) .
صرع : قتل
وفي حديث أم حرام بنت ملحان : (فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية ، فلما انصرفوا من غزوتهم قافلين فنزلوا الشام فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت) . البخاري وهذا يدل أيضا أن حكم الراجع من الغزو ، حكم الذاهب إليه .
20 - (من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) .
صحيح رواه أبو داوود والترمذي والنسائي وأحمد عن سعيد بن زيد ، وهو في صحيح الجامع برقم (6321) .
وهذا يسمى في الفقه : دفع الصائل ، والصائل هو الذي يسطو بالقوة على الأعراض والنفوس والأموال .
وقد اتفق الفقهاء الأربعة على وجوب دفع الصائل على الأعراض ، أما الصائل على النفس أو المال فيجب دفعه عند جمهور العلماء ، ويتفق مع الرأي الراجح في مذهبي مالك والشافعي ، ولو أدى إلى قتل الصائل المسلم .
قال الجصاص : ؛لا نعلم خلافا أن رجلا لو شهر سيفا على رجل ليقتله بغير حق أن على المسلمين قتله« وقال ابن تيمية : فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه .
وكم كلف جهل هذا الحكم الشرعي المسلمين من ضحايا لأن المخبر كان يأخذ زوجته في منتصف الليل ولا يقتله خوفا من سفك دم امريء مسلم .
21 - (من قتل دون مظلمة فهو شهيد) .
رواه النسائي والضياء عن سويد بن مقرن وهو في صحيح الجامع برقم (3236) .
ويفسر الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال : (فلا تعطه مالك) قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال : (قاتله) قال : أرأيت إن قتلني؟ قال : (فأنت شهيد) قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : (هو في النار) .
22 - تمني الشهادة :
(والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لاتطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ماتخلفت عن سرية تغزوا في سبيل الله والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل)
رواه البخاري عن أبي هريرة
وفي رواية :
(ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة فيتبعوني ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي) .
السرية : قطعة من الجيش أقصاها أربعمائة ، وجمعه سرايا . سموا بذلك لأنهم خيار العسكر وصفوتهم من الشيء . السري : النفيس .
وقد صرح أبو هريرة أنه سمع الحديث عند قدومه إلى المدينة سنة 7هـ .
وفي الحديث الصحيح عن الشهيد : (أنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة) .
وروى الحاكم بسند صحيح عن جابر : (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أصحاب أحد قال : والله لوددت أني غدوت مع أصحابي بفحص الجبل) .
أي بسفح لجبل .
23 - (غزوة في البحر خير من عشر غزوات في البر ، ومن أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية كلها والمائد فيه كالمتشحط في دمه)
صحيح رواه الحاكم عن ابن عمرو
المائد : الذي يدور رأسه بسبب اضطراب السفينة .
المتشحط : المذبوح الملطخ بدمه .
24 - (يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين) .
مسلم عن ابن عمرو
قال القرطبي : ؛الدين الذي يحبس به صاحبه عن الجنة - والله أعلم - هو الذي قد ترك له وفاء ولم يوص به ، أو قدر على الأداء ولم يؤده ، أو ادانه - استدانه - في سرف أو في سفه ومات ولم يوفه وأما من أدان في حق واجب لفاقة أوعسر ومات ولم يترك وفاء فإن الله لا يحبسه عن الجنة إن شاء الله« .
والشهيد الذي يحبس عن الجنة تكون روحه على نهر بباب الجنة يسمى (بارقا) في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم بكرة وعشيا - والله أعلم - كما قال القرطبي .
وهنا يرد سؤال : إذن أيهما أولى للمدين ، أينفر في سبيل الله أم يعمل حتى يسد الدين ثم ينفر؟ .
وهنا نقول وبالله التوفيق : ؛إنه إذا وطيء شبر من أراضي المسلمين أصبح الجهاد فرض عين ، وهنا يخرج المدين دون إذن دائنه والولد دون إذن والده« وهذا محل اتفاق بين سلف الأمة وخلفها .
وينظر المدين : فإن لم يكن معه سداد (قضاء) دينه فإنه ينفر ولا ينتظر قضاء الدين ، وإن كان مع المدين وفاء دينه فإنه ينظر فإن كان يظن أن الدائن لو استوفى دينه فإنه يستعمل المال في الجهاد فالواجب أداء الدين له - وفاؤه - لتحصيل المصلحتين : الوفاء والجهاد .
هكذا أفتى ابن تيمية في الفتاوى الكبرى 4/183 .
وقال ابن تيمية : يجب على النساء الجهاد بأموالهن إن كان فيها فضل وكذلك في أموال الصغار ، إذا هجم العدو فإن دفع ضررهم عن الدين والنفس والحرمة واجب إجماعا .
شهيد لم يركع لله ركعة :
25 - عن أبي هريرة : (أن عمرو بن أقيش كان له ربا في الجاهلية ، فكره أن يسلم حتى يأخذه ، فجاء يوم أحد ، فقال : أين بنو عمي ؟ قالوا : بأحد ، قال : أين فلان؟ قالوا : بأحد ، قال : أين فلان ؟ قالوا : بأحد ، فلبس لآمته ، وركب فرسه ثم توجه قبلهم ، فلما رآه المسلمون قالوا : إليك عنا يا عمرو ، قال : إني قد آمنت ، فقاتل حتى جرح ، فحمل إلى أهله جريحا ، فجاءه سعد بن معاذ ، فقال لاخته : سليه : حمية لقومك أو غضبا لهم ، أم غضبا لله؟ فقال : بل غضبا لله ورسوله فمات فدخل الجنة . ما صلى لله صلاة) .
قال الحافظ في الإصابة : اسناده حسن رواه الجماعة عن ابن اسحاق .
26 - شهيد قتل بسلاح نفسه :
عن سلمة بن الاكوع قال : (لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالا شديدا فارتد عليه سيفه فقتله ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وشكوا فيه : رجل مات بسلاحه ، فقال صلى الله عليه وسلم : مات جاهدا مجاهدا ، قال ابن شهاب : ثم سألت ابنا لسلمة بن الأكوع فحدثني عن أبيه بمثل ذلك ، غير أنه قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبوا ، مات جاهدا مجاهدا فله أجره مرتين)
اخرجه البخاري ومسلم ، وهو في مختصر سنن أبي داوود برقم (2427) .
عن أبي سلام - وهو الحبشي - عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أغرنا على حي من جهينة ، فطلب رجل من المسلمين رجلا منهم ، فضربه فأخطأه وأصاب نفسه بالسيف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخوكم يامعشر المسلمين ، فابتدره الناس ، فوجدوه قد مات ، فلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثيابه ودمائة وصلى عليه ودفنه ، فقالوا : يا رسول الله أشهيد هو؟ قال : نعم وأنا له شهيد)
سكت عليه أبو داوود والمنذري فهو حسن ، وهو في المختصر برقم (2428) .
27 - باب لا يقال فلان شهيد :
بو ب البخاري بهذا العنوان لحديث : (.. وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه ، فقالوا : ما أجزأ منا اليوم أحد كما أحزأ فلان ، فقال صلى الله عليه وسلم : أما أنه من أهل النار) .
وفي نهاية الحديث انتحر هذا الرجل .
وقول البخاري : لا يقال لفلان شهيد ، قال ابن حجر معقبا : أي على سبيل القطع بذلك ، ومعنى قول البخاري وابن حجر : أننا لا نحكم لمن قتل في أرض المعركة أنه شهيد يدخل الجنة ، لأن دخول الجنة أمر راجع إلى نية القتيل ، وهو في علم الله عزوجل إذ أن عقيدة أهل السنة والجماعة لا يحكم لأحد بجنة ولا بنار .
أما أن نسمي القتيل في المعركة شهيدا على سبيل اعطاء أحكام الشهيد ظاهرا وبناء على الظن الغالب بأن لا نكفنه ولا نغسله ولا نصلي عليه ، فهذا أمر قاله جمهور السلف والخلف .
قال ابن حجر : "ولذلك اطبق السلف على تسمية المقتولين في بدر وأحد وغيرهما شهداء ، والمراد بذلك : الحكم الظاهر المبني على الظن الغالب ، والله أعلم" .
فتح الباري (6/90)
بل لقد كان بعض المحدثين كابن كثير يطلق في البداية والنهاية على من مات في غير المعركة ، فقال عن الفضل بن العباس في (4/96) البداية والنهاية : "استشهد بطاعون عمواس" ، وقال عن الحارث بن هشام (4/95) "استشهد بالشام" .
ويقول ابن كثير عن النعمان بن مقرن المزني (4/123) " بعثه الفاروق أميرا على الجنود إلى نهاوند ، ففتح الله على يديه فتحا عظيما ، ومكن الله له في تلك البلاد ، ومكنه من رقاب أولئك العباد ، ومكن به للمسلمين هنالك إلى يوم التناد ومنحه النصر في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، وأتاح له بعد ما أراه ما أحب شهادة عظيمة ، وذلك غاية المراد فكان ممن قال الله تعالى في حقه في كتابه المبين وهو صراطه المستقيم : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة .. " .
فضائل الهجرة :
1- استمرار الهجرة إلى يوم القيامة :
(إن الهجرة لا تنقطع ما دام الجهاد)
حب - حم .. صحيح وهو في صحيح الجامع برقم (1987) .
(لن تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار)
حم- حب - ن . صحيح وهو في صحيح الجامع برقم(5096)
وهذا يدل على أن الهجرة مرتبطة بالجهاد ، والحق أن الجهاد لا ينفصم عن الهجرة ، والهجرة ماضية إلى يوم القيامة بسبب استمرار الجهاد إلى يوم القيامة .
2- الأمر بالهجرة :
(إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات وأنا آمركم بخمس أمرني الله بهن : الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله) .
وهو في صحيح الجامع برقم (1720) .
قال العيني : "الهجرة في الشرع مفارقة دار الكفار إلى دار الإسلام خوف الفتنة وطلب إقامة الدين" .
وقال ابن حجر : "وقد وقعت في الإسلام على وجهين :
1- الإنتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرة الحبشة .
2- الإنتقال من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة" .
والرسول صلى الله عليه وسلم رتب الأمور الضرورية التي لابد منها للوصول إلى الجهاد ، فهي درجات تبتديء بالجماعة ، لأن الجهاد عبادة جماعية ، فلابد من جماعة ، ولا جماعة بلا أمير ، ولا إمارة بلا سمع وطاعة ، ثم الهجرة وهي الخطوة الأساسية للجهاد ، لأنها عنوان الصدق في الخلاص من عوائق الأرض ، وتحطيم القيود ، وأما الجهاد فهو ذروة سنام الإسلام .
3- الشيطان يحارب الهجرة لأنها طريق الجنة :
(إن الشيطان قعد لابن ادم بأطرقه ، فقعد له في طريق الإسلام فقال : تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء آبائك ؟ فعصاه فأسلم ، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال : تهاجر وتدع أرضك وسماءك؟ وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول (الحبل) فعصاه فهاجر ، ثم قعد له بطريق الجهاد فقال : تجاهد ؟ فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال ، فعصاه فجاهد ، فمن فعل ذلك كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، ومن قتل كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، وإن وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة) .
صحيح أحمد والنسائي وابن حبان عن سبرة / وهو في صحيح الجامع برقم /1648 .
تذر : تترك
وقصته دابته : رمت به فكسرت عنقه فمات .
4 - تزداد حصته في الجنة بقدر بعده عن مولده :
(إن الرجل إذا مات بغير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة) .
حديث حسن رواه ابن ماجة والنسائي عن ابن عمرو ، وهو في صحيح الجامع برقم (1612) .
أثره : أجله .
5 - الرسول صلى الله عليه وسلم يكفل للمهاجر ببيوت في الجنة :
(أنا زعيم لمن آمن بي وأسلم وهاجر ببيت في ربض الجنة ، وبيت في وسط الجنة ، وبيت في أعلى غرف الجنة .. وأنا زعيم لمن آمن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة ، وبيت في وسط الجنة ، وبيت في أعلى غرف الجنة ، فمن فعل ذلك لم يدع للخير مطلبا ولا من الشر مهربا ، يموت حيث شاء أن يموت)
صحيح الحاكم وابن حبان عن فضالة بن عبيد، وهو في اصحيح الجامع برقم (1478) .
ربض الجنة : أدناها
زعيم : كفيل وضامن
لم يدع للخير مطلبا ولا من الشر مهربا : أي فعل كل وجوه البر ، وترك كل الشر .
يموت حيث شاء أن يموت : أي له الجنة حيثما مات .
6- براءة الرسول صلى الله عليه وسلم ممن يسكن مع المشركين :
(برئت الذمة ممن أقام مع المشركين في ديارهم)
حسن طب عن جرير ، وهو في صحيح الجامع برقم (2815) .
لا يجوز السكن في أرض لا يستطيع المسلم أن يظهر فيها شعائر دينه كالصلاة والصوم والزكاة ، وتجب الهجرة من كل أرض تجري فيها أحكام الكفر إلى بلد تجري فيها أحكام الإسلام ، ويختار في آخر الزمان أقلها إثما وأحوطها لسلامة العرض والدين والمال ، ولا يجوز السكن تحت حكم عدو الدين بحيث يخاف المسلم على دينه وأهله وماله .
7- (من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله)
حسن أبو داوود عن سمرة ، وهو في صحيح برقم (6062) .
قال ابن تيمية : المشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة ، والمشاركة في الأمر الظاهر توجب مناسبة وائتلافا ، وإن بعد المكان والزمان ، وهذا أمر محسوس فمرافقتهم ومساكنتهم ولو قليلا سبب لاكتساب أخلاقهم ، ولما كان مظنة الفساد خفي غير منضبط علق الحكم به (المساكنة) وادير التحريم عليه ، فمساكنتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة بل في نفس الإعتقادات فيصير المساكن للكافر مثله ، وأيضا المشاركة في الظاهر تورث نوع محبة ومودة وموالاة في الباطن .
8 - المهاجر له الجنة مهما كانت ميتته :
(من فصل في سبيل الله فمات أو قتل أو وقصته فرسه أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله فإنه شهيد وإن له الجنة)
أبو داود والحاكم عن أبي مالك الأشعري حسن ، وهو في صحيح الجامع برقم/6289 .
وقصته : رمت به فكسرت عنقه
الحتف : الهلاك
فصل في سبيل الله : فارق أهله مهاجرا
هامة : أفعى أو عقرب أو ذات سم
فإنه شهيد : حقيقة أو حكما
وإن له الجنة : دخولا أوليا مع الشهداء والصالحين .
9- شدة الهجرة :
(ويحك إن أمر الهجرة لشديد ، فهل لك من إبل تؤدي صدقتها فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئا)
متفق عليه ، عن ابي سعيد ، وهو في صحيح الجامع برقم(7007)
ويح : كلمة رحمة لمن وقع في هلكة لا يستحقها .
قالها صلى الله عليه وسلم لأعرابي عندما عرض الأعرابي على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى المدينة فقال له هذا ، ويبدو أنه صلى الله عليه وسلم أدرك من حال الأعرابي أنه لا يستطيع الصبر على مشاق الهجرة إلى المدينة ، وكثير من الأعراب بقوا في قبائلهم وانعامهم ولكن لا يشتركون مع المسلمين في الغنائم .
10 - (إن الله تعالى يقول : إن عبدا أصححت له جسمه ، ووسعت له في معيشته تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم) .
صحيح رواه ابن حبان وابن عدي عن أبي سعيد /وهو في صحيح الجامع برقم/1905 .
يفد : يقدم .
أي إن ترك الحج والعمرة أكثر من خمس سنوات علامة الحرمان من الله عزوجل ، وصرف عن وجه عظيم من وجوه الخير .
وفي الحديث الصحيح :
(واصلوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر وينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد) .
هذا الحرمان في ترك حج التطوع ، فكيف حال تارك الجهاد المتعين ، ليس لخمس سنوات فقط بل طيلة عمره ؟
حديث فضالة بن عبيد :
11 - روى ابن كثير في التفسير 3/201 عن طريق عبد الرحمن بن شريح عن سلامان بن عامر : أن عبد الرحمن بن جحدم حدثه أنه حضر فضالة بن عبيد في البحر مع جنازتين أحدهما أصيب بمنجنيق والآخر توفي ، فجلس فضالة عند قبر المتوفي فقيل له : تركت الشهيد فلم تجلس عنده ؟ فقال : (ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت ، إن الله تبارك وتعالى يقول : والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وأن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم .
الحج (58 - 59)
وكذلك روى هذا الحديث ابن المبارك في كتاب الجهاد فقرة /69 ص92- ، وكذلك رواه ابن أبي حاتم وروى ابن جرير بنحوه .
12 -(أفضل الهجرة أن تهجر ما كره ربك عزوجل)
أخرجه أحمد (الصحيحة :553) .
تهجر : تترك .
وهذه من الهجرة المعنوية أما الهجرة الشرعية في الإصطلاح فهي : مغادرة بلدك إلى بلد أخرى إرضاء لله تعالى وفرارا بدينك ، وهذه الهجرة الشرعية لا تتم إلا بالتربية الطويلة التي تقتضي ترك المنكرات .
13 - (أبايعك على أن تعبد الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتناصح المسلمين ، وتفارق المشرك)
أخرجه النسائي والبيهقي وأحمد (الصحيحة : 636) .
سبب الحديث :
قال جرير : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع ، فقلت : يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك ، واشترط علي فأنت أعلم ، قال : ..
الحديث .
ولذا فالبيعة في الإسلام متعددة ، منها بيعة الإسلام نفسها - أي دخول الإسلام - وبعدها هنالك بيعات على أمور معينة كبيعة الرضوان تحت الشجرة سنة 6 هـ أن لا يفر الصحابة ، ومنها بيعة الإمام الأعظم - الخليفة - ومنها مبايعة المسلمين بعضهم بعضا على وجوه من الخير والبر ، كما كانوا يبايعون بعضهم بعضا في المعارك على الموت يشجع بعضهم بعضا .
14 - عن مجاشع رضي الله عنه قال : (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وأخي فقلت : بايعنا على الهجرة فقال : مضت الهجرة لأهلها ، فقلت : علام تبايعنا ؟ قال : على الإسلام والجهاد) .
رواه البخاري
علام : على ماذا تبايعنا
بيعة الجهاد مشروعة في الإسلام .
15 - (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح .. فتح مكة : لا هجرة بعد الفتح ولكن جهد ونية وإذا استنفرتم فانفروا
رواه مسلم
والمعنى : لا هجرة واجبة من مكة إلى المدينة لأن مكة صارت دار إسلام بالفتح لانتفاء علة الكفر الموجبة للهجرة ، وهكذا في كل بلد كان عليه حكم الكفر ثم زال عنه وإن الخير والأجر العظيم الذي كان يترتب على الهجرة من مكة إلى المدينة فقد انقطع بالفتح ولكن يمكن تحصيله بالجهاد ونية الجهاد .
وإذا استنفرتم فانفروا : أي إذا كان ما يستدعي الخروج الواجب للجهاد فلابد من النفير ومن هذه المسائل الأساسية التي تجعل الجهاد فرض عين : دخول العدو الكافر أراضي المسلمين .
قال النووي : "وأما الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام فقال العلماء : إنها واجبة إلى قيام الساعة" .
اتفاق المنزلة مع اختلاف الميتة :
عن مالك بن هدم أنه قال :
(سمعت عمر بن الخطاب يقول : ما ترون في نفر ثلاثة اسلموا جميعا ، وهاجروا جميعا ، لم يحدثوا في الإسلام حدثا ، قتل أحدهم الطاعون ، وقتل الآخر البطن ، وقتل الآخر شهيدا ؟ ، قالوا : الشهيد أفضلهم ، فقال عمر : والذي نفسي بيده إنهم لرفقاء في الآخرة كما كانوا رفقاء في الدنيا)
رواه سعيد بن منصور في سننه ، الجزء الثاني برقم (2844) .
الإعداد والرمي :
1 - عن عقبة بن عامر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (ستفتح عليكم أرضون ، ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه)
رواه مسلم
2 - (إن فقيما اللخمي قال لعقبة بن عامر : تختلف بين هذين الغرضين وأنت كبير يشق عليك ، قال عقبة : لولا كلام سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعانه ، قال الحارث : فقلت لابن شمامة : ما ذاك ؟ قال : إنه قال : من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصا)
رواه مسلم
الغرض : الهدف ي رمى إليه
أعانه : أكابد وأتحمل مشاقه
فليس منا : أي ليس على طريقتنا أو ليس على سنتنا ، ولا يعني هذا خروجه من الملة الإسلامية ، أي أن تارك الرمي بعد تعلمه آثم ، والذي لا يتعلمه آثم .
أجر الرمي :
3 - (أيما مسلم رمى بسهم في سبيل الله فبلغ مخطئا أو مصيبا فله من الأجر كرقبة أعتقها من ولد اسماعيل ، وأيما رجل شاب في سبيل الله فهو له نور) .
حديث صحيح رواه الطبراني عن عمرو بن عبسه ، وهو في صحيح الجامع برقم (2736) .
شاب : إبي ض شعره
في سبيل الله : في الجهاد بسبب أهوال الحرب
بلغ : أي وصل أماكن العدو ، وفي هذا إرباك للعدو .
4 - (كل شيء ليس من ذكر الله لهو ولعب إلا أن يكون أربعة : ملاعبة الرجل امرأته ، وتأديب الرجل فرسه ، ومشي الرجل بين الغرضين ، وتعليم الرجل السباحة)
صحيح رواه النسائي عن جابر ، وهو في صحيح الجامع برقم(4410) .
الغرضين : الهدفين
أي هذه الأربعة من اللهو المشروع .
5 - (ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله ، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه) .
صحيح رواه أحمد ومسلم عن عقبة بن عامر (4/97) وهو في صحيح الجامع برقم (3607) .
6 - (مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ارموا بني اسماعيل فإن أباكم كان راميا) .
رواه البخاري وأحمد 934 الأحاديث الصحيحة /صححه الحاكم والذهبي /وهو في صحيح الجامع برقم/911 .
أسلم : قبيلة أسلم
ينتضلون : يرمون للسبق والنضال
بني اسماعيل : ذكر ابن سعد بسنده قول النبي صلى الله عليه وسلم : (العرب كلهم من ولد اسماعيل بن ابراهيم عليهما الصلاة والسلام) .
7 - (اللهو في ثلاث : تأديب فرسك ، ورميك بقوسك ، وملاعبتك أهلك)
صحيح رواه العر اب عن أبي الدرداء ، وهو في صحيح الجامع برقم(5374) .
8 - (من أحسن الرمي ثم تركه فقد ترك نعمة من النعم) .
صحيح رواه العر اب في الرمي عن يحيى بن سعيد مرسلا ، وهو في صحيح الجامع برقم(5848) .
9 - (عليكم بالرمي فإنه خير لعبكم) .
رواه البزار والطبراني في الأوسط (الصحيحة 628) .
10 - عن عقبة بن عامر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي)
رواه مسلم .
وهذا الحديث من دلائل النبوة لأن الرمي بالسهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن الوسيلة الغالبة في المعارك إذ أن معظم أدوات المعارك المستعملة السيف والرمح .
أما اليوم فالرمي هو الوسيلة الغالبة في الحروب الحديثة ابتداء من طلقة المسدس والبندقية ومرورا بالمدفعية والهاون وانتهاء بالصواريخ .
جهاد النساء :
1 - (عن عمر رضي الله عنه أنه قسم مروطا على نساء من نساء المدينة فبقي مرط جيد ، فقال له بعض من عنده : يا أمير المؤمنين ; أعط هذا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عندك - يريدون أم كلثوم بنت علي - ، فقال عمر : أم سليط أحق به ، وأم سليط من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عمر : فإنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد) .
رواه البخاري .
المرط : ثوب من كتان أوخز (حرير)
تزفر : تكثر من نقل القرب ، وأصل الزفر الكثرة
أم سليط : من المبايعات شهدت خيبر وحنينا .
جاء في المغني فقرة (7440) : ولا يدخل مع المسلمين من النساء إلى أرض العدو إلا الطاعنة في السن لسقي الماء ، ومعالجة الجرحى كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
قيل للأوزاعي : هل كانوا يغزون معهم بالنساء في الصوائف ؟ قال : لا إلا الجواري .
2 - (عن الربي ع بنت معو ذ رضي الله عنها قالت : كنا نغزوا مع النبي صلى الله عليه وسلم نسقي القوم ونخدمهم ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة).
رواه البخاري .
الربي ع بنت معوذ بن عفراء : أبوها اشترك في قتل أبي جهل
الربي ع بضم الراء وتشديد الياء وكسرها
معوذ : بتشديد الواو وكسرها
والربي ع كانت صغيرة في السن بدليل الحديث الذي رواه الثلاثة أن عمها معاذ بن عفراء بعث معها بقناع (طبق) من رطب فوهبها النبي صلى الله عليه وسلم حلية أهداها له صاحب البحرين ، والإهداء من صاحب البحرين وغيره إنما كان بعد مكاتبة الملوك سنة 7 هـ ، ومع ذلك فقد أرسلها عمها بطبق من رطب وهذا يعني أنها كانت صغيرة لأنها لو كانت كبيرة لما أرسلها خاصة بعد نزول الحجاب سنة 6 هـ .
فيه جواز مس المرأة غير المحرم للجرح للمداواة لأنه لا لذة فيه بل عذاب للامس والملموس .
إشتراك النساء في الجهاد أمر وارد في الشريعة ، ولكن لابد من مراعاة الشروط الشرعية : كوجود المحرم ، وعدم الإختلاط ، وأمن الفتنة ، بأن لا تكون المرأة شابة ولا جميلة ، وتغطية الوجه أمام الرجال أو عند الحاجة الضرورية التي لا يقوم بها الرجال .
وقد حصل اشتراك النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن في حالات قليلة ، ومن نساء كبيرات في السن - اللهم إلا عائشة فهي حالة خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم فيمكن للنساء أن يكن في الخطوط الخلفية يقمن بعمليات الطبخ والتمريض وغيرها من الأعمال النسائية ، وأما فتح الباب في هذه المسألة فهو مفسدة عظيمة .
وروى البخاري :
3 - عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : صنعت سفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر حيث أراد أن يهاجر إلى المدينة ، قالت : فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطها به ، فقلت لأبي بكر : والله ما أجد شيئا أربط به إلا نطاقي ، قال : فشقيه بإثنين ، فاربطي بواحد السقاء وبالآخر السفرة ، ففعلت ذلك فلذلك سميت ذات النطاقين)
رواه البخاري .
النطاق : الحزام يشد به الوسط .
روى مسلم :
4 - عن أنس بن مالك : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أم حرام بنت ملحان ، فتطعمه ، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، فأطعمته ثم جلست تفلي رأسه فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك ، قالت : قلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : أناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ، ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة - يشك أيهما قال ، قلت - فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا لها ثم وشع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك ، قالت : فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ، كما قال في الأولى ، قالت : فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : أنت من الأولين ، فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية ، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت) .
رواه مسلم .
ثبج البحر : وسط البحر ومتنه
صرعت : قتلت
تفلي رأسه : تفتش عن القمل
في زمن معاوية : أي أيام أن كان معاوية على امارة البحر في عهد عثمان رضي الله عنه ، وقد استشهدت في قبرص سنة 82 هـ.
أم حرام بنت ملحان : أخت أم سليم (أم أنس بن مالك) وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت وكانت أم سليم تحت أبي طلحة ، فأم حرام خالة أنس .
قال النووي في شرح مسلم : أجمع العلماء على أن أم حرام وأم سليم من محارم الرسول صلى الله عليه وسلم .
قال وهب : أم حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة .
قال أبو عمر : ملوكا على الأسرة : أي رأى الغزاة في البحر على الأسرة في الجنة ورؤيا الأنبياء وحي .
وقال محمد بن الحسن في السير (فقرة/239) : ولا ينبغي للشواب أن يخرجن أيضا في الصوائف ونحوها ، فأما العجائز فلا بأس بأن يخرجن مع الصوائف لمداواة الجرحى ، ولا يعجبني أن يباشرن القتال ، لأن بالرجال غنية عن قتال النساء ، فلا يشتغلن بذلك من غير ضرورة ، وعند تحقق الضرورة بوقوع النفير عاما لا بأس للمرأة أن تقاتل بغير إذن وليها وزوجها .
روى مسلم :
5 - (عن أم عطية رضي الله عنها قالت : غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى) .
أخرجه مسلم
وفي الحديث : جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة .
وقد بو ب البخاري باب : ؛هل يداوي الرجل المرأة والمرأة الرجل ؟« ، "ومن المعلوم أن النساء لا يضرب لهن بسهم ، وإنما يرضخ لهن دون أن يكون لهن سهم محدود" ، ومعنى يرضخ : يقسم لهن بشيء ، كما كتب ابن عباس رضي الله عنهما إلى نجدة الحروري : (قد كن يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أن يضرب لهن بسهم فلا ، وقد كان يرضخ لهن) .
6 - (أسماء بنت يزيد الأنصارية شهدت اليرموك مع الناس فقتلت سبعة من الروم بعمود فسطاط ظلتها) .
رواه سعيد بن منصور في سننه ج2 برقم (2787).
(أن عبدالله بن قرط الأزدي حدثه قال : غزوت الروم مع خالد بن الوليد ، فرأيت نساء خالد بن الوليد ونساء أصحابه مشمرات يحملن الماء للمهاجرين يرتجزن) .
رواه سعيد ين منصور في سننه ج2 برقم (2788)
قال ابن قدامة :
ويكره دخول النساء الشواب أرض العدو لأنهن لسن من أهل القتال وقلما ينفع بهن فيه لاستيلاء الخور والجبن عليهن ، ولا يؤمن ظفر العدو بهن فيستحلون ما حرم الله منهن)
المغني 8/315
ملاحظة هامة :
نص الفقهاء على : (جواز اصطحاب القائد زوجته معه عند حاجته ، ولا يرخص لسائر الجند) .
كشاف القناع (3/63) .
* ونحن نرى والله أعلم : أن السبب كما لمسناه في أفغانستان أن غياب القائد عن الجبهة ليس كغياب المجاهد عنها .
7 - عن أم كثير امرأة همام بن الحارث النخعي قالت : (شهدنا القادسية مع سعد مع أزواجنا ، فلما أتانا أن قد فرغ من الناس ، شددنا علينا ثيابنا وأخذنا الهوادي ثم أتينا القتلى ، فمن كان من المسلمين سقيناه ورفعناه ، ومن كان من المشركين أجهزنا عليه ، ومعنا الصبيان فنوليهم ذلك - تعني استلابهم - لئلا يكشفن عن عورات الرجال)
البداىة والنهاية (المجلد 4/47) .
الرباط :
1 - (أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت : من مات مرابطا في سبيل الله ، ومن علم علما أجري له عمله ما عمل به ، ومن تصدق بصدقة فأجرها يجري له ما وجدت ، ورجل ترك ولدا صالحا فهو يدعو له) .
حديث حسن رواه أحمد والطبراني عن أبي أمامة ، وهو في صحيح الجامع برقم(890) .
الرباط : ملازمة الثغر ، أي المكان الذي بيننا وبين الكفار .
وهذا أجر عظيم ومنزلة رفيعة ، أن يموت المرء وتبقى أعماله جارية عليه إلى يوم القيامة ، فنرجوا الله سبحانه ألا يحرمنا من الشهادة في سبيله ، وأن تكون الخاتمة صادقة في أرض الرباط إنه سميع قريب مجيب .
وسمي الرباط رباطا لأنهم كانوا يربطون خيولهم بجانبهم انتظارا لمعركة يكرون أو يدفعون بها على الثغور ، فسمي المقام بالثغر رباطا وإن لم يكن فيه خيل .
2 - (رباط شهر خير من صيام دهر ، ومن مات مرابطا في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر ، وغذي عليه برزقه ، وريح من الجنة ، ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله) .
صحيح رواه الطبرني عن أبي الدرداء ، وهو في صحيح الجامع برقم(3473) .
الفزع : الخوف والذعر والمعنى أمنوا من دخول النار .
ريح من الجنة : أي تشم أرواحهم رائحة الجنة .
وغذي عليه برزقه : أي تعرض أرزاقهم على أرواحهم فيصل إليهم الرو ح والفرح .
قال ابن العربي : ؛ والأمن من فتنة القبر فضيلة عظيمة لم تعط إلا للشهيد والمرابط«
عارضة الأحوذي (7/122) .
3 - (رباط يوم في سبيل الله أفضل من صيام شهر وقيامه ، ومن مات فيه وقي فتنة القبر ونما له عمله إلى يوم القيامة) .
صحيح رواه الترمذي عن سلمان ، وهو في صحيح الجامع برقم (3475) .
نما : زاد وكثر
قال أحمد : ؛ ليس يعدل الجهاد عندي والرباط شيء ، والرباط دفع عن المسلمين وعن حريمهم ، وقوة لأهل الثغر ولأهل الغزو ، فالرباط أصل الجهاد وفرعه ، والجهاد أفضل منه للعناء والتعب والمشقة« .
قال القرطبي في الجامع : ؛وأما سكان الثغور دائما بأهليهم الذين يعمرون ويكتسبون هناك فهم وإن كانوا حماة فليسوا مرابطين« .
قال ابن عطية ، وقال ابن خويز منداد : ؛وللرباط حالتان : حالة يكون فيها الثغر مأمونا منيعا يجوز سكناه بالأهل والولد ، وإن كان غير مأمون جاز أن يرابط فيه بنفسه إذا كان من أهل القتال ولا ينقل إليه الأهل والولد« .
4 - (كل عمل منقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله ويجري عليه رزقه إلى يوم القيامة) .
صحيح رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية عن الرياض ، وهو في صحيح الجامع برقم/4415 .
ي نم ى : ي زاد له فيه
قال المناوي : ؛والرباط وأجره فيمن ذهب للثغر لحراسة المسلمين فيه مدة لا في سكانه أبدا وهم وإن كانوا حماة غير مرابطين« .
قال ابن حجر : ؛وفيه نظر ، لأن ذلك المكان قد يكون وطنه وينوي الإقامة فيه لدفع العدو« .. وكلام ابن حجر : فيمن كان مستعدا لدفع العدو بأن كان مدربا مستعدا وعنده السلاح الذي يدفع به لا من يعيش من أجل راتبه أو وظيفته أو تجارته أو زراعته .
5 - (ما ر زق عبد خيرا له ولا أوسع من الصبر)
صحيح رواه الحاكم عن أبي هريرة ، وهو في صحيح الجامع برقم (5502) .
وقد أوردت حديث الصبر في الرباط لأن الرباط قائم على قاعدة كبيرة وهي الصبر .
والرباط : هي حبس النفس في الثغور حيث تخيف العدو ويخيفك إنتظارا لمعركة ، والجهاد - القتال - عموده الرباط وأن المعارك قليلة والرباط ممتد وطويل والنفس مع طول الإنتظار تمل وتسأم خاصة حيث تقل الحركة ويقسوا الجو ويخشن العيش ، وقد وجدنا أن أعظم مشكلة تواجهنا في الجهاد هي أن الأخوة لا يصبرون على طول الرباط فكان الإخوة المرابطون على الحدود لا يستمرون طويلا ولا يطيقون الصبر على الرباط فينزلون من الثغور إلى مدينة بيشاور ، وبقاء المجاهد في المدينة يفسد نفسيته ، ويقلل أجره ، وقد يطلق للسانه العنان فيحبط أجره وقد يرجع مأزورا غير مأجور كما جاء في الحديث الصحيح : (لم يرجع بالكفاف) .
6 - (من مات مرابطا في سبيل الله أجرى الله عليه عمله الصالح الذي يعمل عليه وأجري عليه رزقه ، وأمن من الفتان ، وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع) .
صحيح رواه ابن ماجة عن أبي هريرة ، وهو في صحيح الجامع برقم (6420) .
الفتان : م ن الفتنة وهي عذاب القبر فالفاء بالفتح أو بالضم فإن كانت بالضم فهي جمع فاتن وهما الملكان الموكلان بالميت لامتحانه وفتنته .
قال بن حبيب : ؛الرباط شعبة من الجهاد وبقدر خوف ذلك الثغر يكون كثرة الأجر« .
وقال أبو عمرو : ؛شرع الجهاد لسفك دماء المشركين ، وشرع الرباط لصون دماء المسلمين وصون دماء المسلمين أحب إلي « . وهذا يدل على أنه مفضل على الجهاد .
7 - (الإيمان الصبر والسماحة) .
أخرجه أحمد . (الصحيحة/554)
السماحة : الكرم
الصبر : هو الحبس ، أي حبس القلب عن التسخط وحبس اللسان عن التشكي وحبس الجوارح (الأعضاء) عن التشويش بلطم الخدود وشق الجيوب .
ومعنى الحديث - والله أعلم - : أن معظم خصال الإيمان وشعبه تتحقق عن طريق الصبر والكرم ، ومعظم العبادات تحتاج إلى صبر أو مال لأدائها .
فالصبر : حبس النفس عن شهواتها والجامها عن نزواتها .والكرم : تطهير النفس من أدران ش حها .
8 - (إن المعونة تأتي من الله على قدر المؤنة وإن الصبر يأتي من الله على قدر البلاء) .
أخرجه ابن شاهين في الترغيب والترهيب (الصحيحة /1664)
المؤنة : المشقة .
وهذا الحديث هو الذي فسر لي صبر المجاهدين الأفغان هذه السنين العشر والبلايا تطحن أعصابهم وتسحق عظامهم ورحى الحرب دائرة لا تذر شيئا أتت عليه إلا جعلته كالرميم تحول كل بيت إلى مأتم وميتم ومع ذلك فلم تلن لهم قناة ولم تهن لهم عزيمة ، إنه القاء الصبر على القلوب المبتلاة .
9 - (رباط ليلة في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل) .
حسنه الترمذي والأرناؤوط عن عثمان ، ولم يحسنه الشيخ الألباني
وهذا الحديث الوحيد الذي في هذا الكتاب لم يحسنه الألباني ولم يصححه ، وأما الرواية الأخرى :
(من رابط ليلة في سبيل الله كانت له كألف ليلة