قبل فترة وجيزة احتفلت العقبة الاقتصادية الخاصة بمرور العيد السابع على قيامها، وخلال احتفالية هذا العيد أُبرِزتْ المنطقة اعلاميا في حلتها الجديدة بشكل غير مسبوق ،ورُوج لإنجازاتها وبرامجها وخططها المستقبلية على نحوٍ يدعو للتفاؤل ، وحتى نكون منصفين ولكي لا نُتهم بالوقوف أمام هذا المشروع والحلم الكبير ، فإننا سنقول – ومن باب الأمانة – أن ثمة تغيير على الأرض شهدته العقبة خلال السبع سنوات المنصرمة، وقد طال البنية التحتية في عموم المدينة إضافة للحراك العقاري النشط الذي سجل مستويات قياسية لم تشهدها هذه المدينة من قبل ، ويرى البعض كذلك أن للمنطقة الفضل في تنشيط الملف السياحي وبالذات السياحة الداخلية التي تنحصر في نهاية كل أسبوع بالإضافة لإيام العطل الرسمية ، واذا ما سلمنا بصحة هذا الرأي فإن آخرين يرون أن هناك قصورا وارتباكا في ادارة هذا الملف القائم أصلاً على السياحة الشرائية ، ويتمثل هذا القصور برداءة الكثير مما يعرض في الأسواق وارتفاع الأسعار قياسا مع كونها منطقة خاصة، ومن جانب آخر- وهذا ما يُؤسف له- أن تتحول العقبة شواطئها وأسواقهاعشية مغادرة زوارها ،الى ما يشبه مكباً للنفايات مما يعزز مقولة البعض عن الشكل الكرنفالي للجهات البيئية فيها.
واذا كنا نسعى حقيقة لنجاح هذا الحلم الوطني الكبير، فعلينا أن نكون صادقين في طرح واقع هذه المدينة كما هو بعيدا عن التزويق ورسم الصور الخيالية لها، وما يجب أن يعيه المخطط أن العقبة مدينة أردنية تعتز بأردنيتها ، وقاطنيها تحكمهم ضوابط وأعراف وتقاليد دينية واجتماعية ليس من السهل تكييفها لتتناسب مع هوى بعض المنظرين الذين تغيب بقصد أو بغير قصد هذه القضية عن أنظارهم خلال مراحل الترويج والتنفيذ للمشاريع الاستثمارية والسياحية فيها ، مضافا الى ذلك اغفال مصالح الفئات والشرائح الشعبية من حسابات الخدمات الشاطئية ومن أمور أخرى ، سأتطرق الى بعضها من ضمن عدد من الملفات التي يجب أن تناقش وبشكل جاد :
استئثار النخبة واصحاب المصالح التجارية بالشواطئ الشماليـة للمدينة
مما يحرم الفئة الشعبية من لحظة استمتاع بسيطة ، هذه الفئةالتي لا تستطيع دخول المناطق المرفهة في فنادق النخبة أو الإنطلاق الى الشواطئ البعيدة لضعف شبكة النقل العام التي تكاد معدومة، ويستطيع أي مشكك أن يذهب الى الشاطئ ليرى احتكار المقاهي له وفرض ما يشبه الضريبة حال الجلوس هناك فإما أن تشتري أو أن لا تجلس ، وأنا هنا استعين برجال القانون لمعرفة كيفية التعامل مع الشواطئ قانونيا وهل يجوز احتكارها لفئة دون أخرى؟.
الموضوع الأهم والذي يتفاعل في العقبة هذه الأيام ضبط وتسفير أحدى النادلات الروسيات ، بعد أن تبين أنها تحمل فيروس الأيدز ، والقصة تدور حول قيام أحد أصحاب الأندية الليلية بتوظيف هذه النادلة للعمل في ناديه ، ومن ثم قام باستئجار شقة لها لممارسة البغاء فيها،واستقطاب زبائن لها من الفئات التي يستهويها أن تبذر مالها على المومسات وبنات الهوى، والسؤال هنا كيف ولماذا يتم استقدام مثل هذه العمالة ؟ وهل عملية التنمية والاستثمار المنشودة لا تقوم الا على كاهل بنات الهوى؟ وهذا يدفعنا كذلك للتساؤل عن دورالرقابة الصحية قبل وبعد استقدام هذه العمالة ، وبالذات في هذه الحادثة التي تذهب الى أحد الاحتمالين : أولهما أن تكون هذه النادلة تحمل الفيروس قبل قدومها الى الاردن ، واذا صح هذا الاحتمال فأين كانت الرقابة المسبقة؟ ولما لم يتم عمل الفحوصات اللازمة لها؟وبالتالي منعها من الدخول الى البلد ، أما اذا أخذنا بالإحتمال الثاني بأن هذه النادلة نُقل لها الفيروس بعد استقدامها ، فعلامات استفهام كثيرة وكبيرة ستدورعن تلك الفئة التي تعيش بين ظهرانينا وتحمل هذا الفيروس ، وهل سنكون بمأمن في مستشفياتنا واسواقنا ومناسباتنا ونحن نعرف أن ثمة قنابل تحمل هذا الوباء وتتجول بيننا دون أن تحددها العين.
يلاحظ الزائر لمدينة العقبة وجود عدد كبير من محال ( المساج والتدليك ) ، ومن يتوقف قليلا عند هذه الأماكن سيجد أنها تستقطب العديد من الفئات العمرية ، وإن كان اللافت للنظر الوجود المكثف لفئة الشباب والمراهقين ، هذه الفئة التي يعرف الكل لماذا ترتاد مثل هذه المواقع، وهي الفئة التي يعول عليها لبناء وتنمية البلد، فهل من المقبول أن نستهلكها في مثل هذه الممارسات الشيطانية التي تحول هذا الشاب أو المراهق الى ذئب يبحث عن الفرصة الحرام وبأي شكل؟!.
ان موضوع ملف منطقة الشلالة كان ومازال محط العناية الملكية ، حيث أوعز جلالة الملك للمسؤولين سواءا في عمان أو في العقبة للعمل على إنهاء ملف هذه المنطقة ، وتم بالفعل الانتهاء من بناء مدينة سكنية ( مدينة الكرامة ) وأعلن منذ أكثر من سنة أنه سيتم المباشرة بنقل سكان منطقة الشلالة الى هذا الإسكان ، ليتسنى بعد ذلك البدء في تنظيم واستثمار هذه المنطقة الاستراتيجية ، ولكن الريح لم تأتِ كما يريد أهل الشلالة فالإسكان مغلق ولا يلوح في الأفق أي بادرة لتنفيذ الروؤى الملكية لإغلاق هذا الملف